خبر التصدي الشعبي للاحتلال في القدس .. تعزيز للصمود وتحدٍ للتهويد

الساعة 02:15 م|28 يوليو 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

في مقابل كل الصور المعتمة التي يحاول الاحتلال نشرها في القدس المحتلة بعد أن تشارك آلياته في هدم منازل المقدسيين، أو الاستيلاء عليها دون وجه حق، أو التضييق عليهم بشتى الوسائل، تطفو صورة مشرقة لصمود الأهالي بل وتصديهم لانتهاكات الاحتلال.

ففي كل مرة تحاول فيها آلة التهويد هدم أحد المنازل في المدينة المقدسة، أو كلما حاول المستعمرون الاستيلاء على مبنى بالقوة، يشكل الأهالي مجموعات بشرية متضامنة مع العائلة المهددة، مدافعين عنها أمام عتاد الاحتلال وأسلحته، وكثيراً ما ينتهي الأمر باعتقال العديد منهم خاصة الشخصيات الناشطة في مجال التضامن مع المقدسيين.

أطفال ونساء

ولعل أبرز صور التضامن الشعبي تبدو جلية في حي الشيخ جراح ذاك المهددة عائلاته بالترحيل من بيوتها لإقامة بؤرة استيطانية للمستعمرين الذين يحاولون في كل أسبوع اقتحام أحد المنازل فيه والاستيلاء عليه بالقوة، ولكن المقدسيين لا يفوتون تلك الفرص في تحدي الاحتلال وإثبات قدرتهم على الوقوف في وجه مخططاته.

وفي هذا السياق تقول السيدة آمال القاسم التي هدد الاحتلال عائلتها في حي الشيخ جراح بإخلاء منزلها إضافة إلى 27  منزلاً آخر، إن الأهالي في الحي يتعرضون لأشرس هجمة منذ عشرات السنين، موضحة أنهم ينظمون حركة دفاعية عن حيهم ودروعاً بشرية تحول دون استيلاء الاحتلال على المنازل.

وتؤكد القاسم التي ترأس مخيم "الصمود والتحدي" في حي الشيخ جراح أن الأطفال المقدسيين الذين شاركوا في المخيم يتضامنون مع الأهالي يومياً من خلال فعاليات عديدة، حيث يتوجهون على شكل مجموعات إلى الأحياء المهددة في الحي وبلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة من القدس المحتلة لدعم صمود المقدسيين.

وتضيف:" رغم ما كل ما يتعرض له الأطفال من مضايقات الاحتلال إلا أنهم يصرون على التضامن مع العائلات المهددة بالإخلاء من منازلها، حتى النساء يشكلن مجموعات ويقمن بجمع الأهالي والمتضامنين ويجرين اتصالات لتجميع أكبر عدد من المتضامنين عند وصول أي معلومة تفيد باعتداء جديد في القدس".

رغم المضايقات

وتلفت القاسم إلى أن الهبة الشعبية التي تشهدها القدس المحتلة لا تتأثر بقمع الاحتلال لها، حيث تتعمد شرطته اعتقال المتضامنين والأهالي ومحاولة ترهيبهم ليكفوا عن حملات التضامن مع العائلات المهددة، موضحة أن المقدسيين يحاولون تفويت أي فرصة ينتهزها المستعمرون للاستيلاء على منازل المقدسيين أثناء تواجد الرجال والشبان خارج الأحياء المقدسية خلال ساعات النهار.

واعتبرت القاسم أن تأثير تلك الهبات الشعبية يندرج في زيادة عزم المقدسيين ودعم صمودهم بالبقاء في منازلهم رغم كل ما يتعرضون له من ممارسات قمعية وتهجيرية، لافتة إلى أن المقدسيين لا يفقدون الأمل في امتدادهم العربي ولا الفلسطيني ولا المؤسسات المحلية، ولكن النصرة الشعبية إحدى سبل الثبات على حد قولها.

وتتابع:" كلما تعرضنا لهجمة أكبر صمدنا أكثر، وكلما زادوا التهويد زدنا تشبثاً بالأرض، نحن نعاني ومضطهدون نفسياً ونشغل عن بيوتنا وأطفالنا كي ندعم الثبات المقدسي وندافع عن منازلنا وأحيائنا".

التصعيد يستوجب التضامن

من جهته اعتبر عضو الائتلاف من أجل القدس حسيب النشاشيبي أن الهجمة الشرسة التي تتعرض لها القدس من قبل سلطات الاحتلال خلال الفترة الأخيرة تستوجب الهبات الشعبية التي يقوم بها المقدسيون للتضامن مع أصحاب المنازل المهددة كي يبقوا صامدين وألا تؤثر بهم ممارسات الاحتلال، منوهاً إلى دور بلدية الاحتلال في القدس والتي تحاول هدم كل البيوت التي وسعها أصحابها نتيجة ضائقة السكن وسياسة التمييز العنصري.

وأكد النشاشيبي أن هناك مخطط كبير لتكون القدس عاصمة الاحتلال الأبدية من خلال مصادرة هويات المقدسيين وحرمانهم منها واعتقالهم وهدم بيوتهم واستبدالها بالمستعمرات، موضحا أن الأمر هذا يدفع نحو هبة شعبية وجماهيرية مقدسية تضع ممارسات الاحتلال عند حدها.

وأضاف:" في البلدة القديمة ما أعلن عنه أكثر من 80 بيتاً فرض الاحتلال على أصحابها الهدم الذاتي، والبلدية تتكلم عن 24 ألف بناء خارج البلدة غير مرخص، الأمر الذي يعني نيتها مسح تلك الأبنية عن خريطة القدس، كل ذلك يدفع المقدسيين للقلق وهذا يدفعهم إلى محاولة التخلص من قلقهم وخوفهم عن طريق الهبات الشعبية، وليست تلك محلية بل يشارك فيها متضامنون أجانب وتم اعتقال العديد منهم".

فقدان الأمل

وعزا النشاشيبي أسباب الهبات الشعبية التي ينظمها المقدسيون دون اللجوء إلى حكومات أو سلطات عليا، إلى فقدان الأمل الذي أصبح يعيشه المقدسيون من الأنظمة العربية المتناسية لأمر القدس، والتي لا تهتم لما يحدث فيها من تهويد مهما زاد الاحتلال من اعتداءاته فيها حسب تعبيره.

ورأى أن السلطة الوطنية أيضا تتحمل جزءا من مسؤولية قتل الأمل داخل نفوس المقدسيين عندما حيّدت نفسها منذ قبولها باتفاقية أوسلو التي نصت على أن يتم تأجيل موضوع القدس المحتلة، في الوقت الذي يستطيع فيه الاحتلال ممارسة ما شاء من اعتداءات، متسائلاً عن الأمر الذي يمكن أن يحرك مواقف السلطة أكثر من الهجمة الحالية التي تتعرض لها المدينة والتي تهدد بقاء المقدسيين فيها.