خبر نهاية البيت الثالث -هآرتس

الساعة 08:04 ص|28 يوليو 2009

بقلم: نحميا شترسلر

 (المضمون: الشرخ بين العلمانيين والاصوليين هو الذي سيقضي على الهيكل الاسرائيلي الثالث في هذه البلاد - المصدر).

نبوخذ نصر ملك بابل هو الذي دمر الهيكل الاول عندما قمع حركة التمرد التي اندلعت ضده ونفى اغلبية الشعب الى بابل. اما الهيكل الثاني فقد دمره تيتوس الذي قمع التمرد الاكبر فاخذ اسرى كثيرين الى روما وباعهم عبيدا. اما الهيكل الثالث فلن تدمره اية دولة عظمى عالمية. سنحافظ على بقائنا في الصراع الدائر مع الفلسطينيين وحتى في مواجهة تهديدات ايران النووية. ولكن ما سيقضي علينا هو ذلك الشرخ الآخذ في الاتساع داخل البلاد بين الجمهور العلماني من جهة والجمهور الاصولي اليهودي من جهة اخرى. هذه تراجيديا يونانية ذات نهاية معروفة.

الحديث يدور هنا عن صراع بين فلسفتين متناقضتين لا يمكنهما ان تعيشا معا. صراع بين الفلسفة الديمقراطية التي تنادي بحرية الفرد والاتجاه الانساني والمساواة وقيمة العمل، وبين الفلسفة الاصولية التي تلزم كل يهودي بالعيش وفقا للشريعة اليهودية وتستخف بالدولة العلمانية وقوانينها وقيمها.

هذا هو السبب الاعمق من وراء اعمال الشغب التي اندلعت مؤخرا في القدس بسبب فتح موقف سيارات سفرا في يوم السبت وقضية الام التي جوعت ابنها. ذلك لانه عندما يستخفون بقوانين الدولة الصهيونية يفتح الطريق امام نعت رجال الشرطة بـ "النازيين" واحراق عربات القمامة واقتلاع الاشارات الضوئية من اماكنها ورشق الحجارة على موظفي البلدية – وفي نفس الوقت يشعرون بانهم في افضل حال وانهم قد وجهوا صفعة للكفرة.

احد شبان المعاهد الدينية حدثني انه سأل حاخاما ان كان من المسموح له شراء تذكرة الاحداث في شركة "ايغيت" رغم انه اجتاز سن الثامنة عشرة واردف بأنه قال له أنه يعتقد ان هذه سرقة لشركة ايغيت. الحاخام لم يفكر مرتين ورد عليه بأن ايغيت ممولة من الحكومة والحكومة تنهب الضرائب ولذلك يعتبر الامر "استعادة للمال المسلوب". ولذلك يعتبر ذلك مباحا. هذا بالضبط التعليل الذي يساق لاخفاء الضريبة على نطاق واسع في الشارع الاصولي.

اصوليون يعيشون في اجواء استخفاف هائل بالعلمانيين. هم لا يفهمون كيف يوافق العلمانيون عن التنازل عن مبادئهم مقابل التشبث بالحكم. والحقيقة اسوء من ذلك حتى. لان العلمانيين يغلقون عيونهم ولا يريدون ان يعرفوا بأن سفينتهم توشك على الاصطدام في كتلة جليد هائلة على طريق الغرق.

للاصوليين جدول اعمال منظم. هم يعرفون بالضبط ما الذي يريدونه: يوفرون لجمهورهم شروط الحياة الافضل على حساب الحمار العلماني. على هذا الحمار ان يعمل بكد وان يدفع الضرائب ويضحي بروحه في الجيش – لان هناك حاجة لان يقوم احد ما بالدفاع عن الحدود رغم كل شيء. هم أنفسهم لن يعملوا ولن يخدموا في الجيش وانما سيواصلون الابتزاز فقط. هم سينفقوا اكبر قدر من الميزانيات الحكومية ويستجلبوا ما استطاعوا من التبرعات من الخارج –  تماما كما كان اليهود يعيشون في الزمن القديم.

الجمهور العلماني بحماقته المطبقة يساعد في هذه العملية الخطيرة. هو يمنح الميزانيات لجهاز التعليم المستقل عند الاصوليين رغم انهم لا يعلمون الا التلمود هناك، لا رياضيات ولا لغة انكليزية ولا علوم ولا تاريخ ولا مدنيات – التي تتيح عملا محترما وتفسح المجال امامهم للخروج من ضائقة الفقر. الجمهور العلماني هو جمهور انتحاري يوافق على تمويل صناعة التوبة الاخذة في الاتساع بصورة غير مباشرة.

المواطنون الاصوليون يبلغون 10 في المائة من مجموع سكان الدولة ولكن عدد ابنائهم في الصف الاول يصل الى 25 في المائة من مجموع التلاميذ كلهم. اي ان قوتهم آخذة في الازدياد وسيأتي يوم لا يكون من الممكن فيه  تشكيل حكومة من دونهم.

ولكن كلما ازداد عددهم كلما ازداد الغضب من تهربهم من الخدمة في الجيش وازدادت الفجوة الاقتصادية بينهم وبين العلمانيين – لان الثمن المترتب على الدراسة والعلم آخذ في الازدياد فقط. العلمانيون سيضطرون لاطعام جمهورهم الآخذ في الاتساع الذي لا يعمل بطريقة ما. لذلك سيكون هناك تشدد في العبء الضريبي وفي جباية الرسوم وضريبة الارنونا وغيرها من المدفوعات التي تجبيها الدولة. الحمار العلماني سيضطر للعمل بكد أكثر ودفع ضريبة أعلى حتى يمول حاجات الاصوليين.

ولكن لقوة هذا الحمار حدود. الشبان العلمانيون ذوي الدخل المرتفع سيكونون اول من يجثو تحت وطأة العبء الضريبي. هم سيهاجروا من البلاد ويبحثوا عن اقامة المشاريع في مكان اخر اما العاملون في الصناعات الراقية والعمال السخرة سيذهبون للرعي في حقوق الاجانب. لذلك ستكون هناك حاجة لزيادة العبء الضريبي على كل من يتبقى. وعندئذ سيغادر شبان اخرون وهكذا دواليك- الى ان يغرق الحلم الصهيوني في المحيط.

سيتبقى من دولة اسرائيل كما نعرفها مجتمع سكاني ضعيف اصولي في اغلبيته يعيش من اموال الصدقات والتبرعات وغيرها. وهذه المسألة لا تحتاج الى تيتوس او نبوخذ نصر. نحن نقوم بتدمير بيتنا الثالث بأيدينا.