خبر ماذا يريدون من مؤتمر حركة فتح السادس؟ .. ياسر الزعاترة

الساعة 11:51 ص|26 يوليو 2009

بقلم: ياسر الزعاترة

على مرمى أيام من انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح في مدينة بيت لحم، يبدو من المفيد التوقف عند ما يتوقعه المراقبون من المؤتمر (إذا لم تحدث مفاجآت تحول دون انعقاده)، وما يرنو إليه الذين أصروا على عقده في الداخل، ومن ورائهم الأطراف المعنية بوصوله إلى نتائج بعينها تؤثر على وضع القضية برمتها.

من المؤكد أن ميزان القوى السياسي يميل بقوة لصالح تحالف الرئيس الفلسطيني مع محمد دحلان ومن اقتربوا من رئيس الوزراء سلام فياض من حركة فتح، وإن شكك كثيرون في الأمر معتبرين أن التحالف المذكور لا يملك أغلبية بين الأعضاء. والحال أنه لو توفرت حاضنة عربية للمجموعة الأخرى داخل فتح، أعني تلك التي تطالب بالإبقاء عليها ضمن إطارها القديم كحركة تحرر، لكان بالإمكان التأثير في نتائج المؤتمر على نحو يغير مساره، لكن ذلك لا يتوفر من جهة، بينما يتوفر دعم عربي للطرف الآخر، إلى جانب الدعم الأمريكي الإسرائيلي، فضلا عن حركة المال التي تؤثر تأثيرا جوهريا في التوجهات والقرارات. وإذا كان من الصعب على المؤتمر تمرير قرارات سافرة تعلن تكريس الحركة حزب سلطة ضمن برنامج دايتون، فإن المطلوب للإبقاء على قدر من شعبيتها في أوساط الناس هو التوصل إلى صيغ تتيح للعناصر والأنصار رفع أصواتهم في وجه من يقول إن الحركة قد انقلبت على نفسها، إذ يتوقع أن يجري التأكيد على حق المقاومة والدولة بكامل تفاصيلها، وكذلك حق العودة. لكن واقع الحال سيمضي في اتجاه آخر، وبالطبع عبر تكريس معادلة جديدة داخل الحركة تمنح قيادتها لمحمود عباس، مع تغييرات في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لا تبعد بالضرورة "التيار الثوري" إن جاز التعبير، وإن وفرت حضورا أكبر لتيار السلطة. بعد حصول محمود عباس على شرعية القيادة سيمضي في الاتجاه الذي يريد، بصرف النظر عن رأي الأعضاء الآخرين، وستبقى أية قرارات أو توجهات تخالف البرنامج الذي يتبناه (رفض المقاومة وتكريس واقع السلطة ـ الدولة) حبرا على ورق، فيما سيجري العمل على تغيير توجهات من فازوا من التيار الآخر، ودمجهم بالتدريج في المعادلة الجديدة عبر المال والمناصب. نقول ذلك مقدما حتى لا يخرج علينا بعضهم بعد قليل من الوقت قائلين إن المؤتمر لم يغير حركة فتح، ولم يتلاعب ببرنامجها النضالي، متجاهلين أن القرارات ستكون بلا قيمة عندما يمسك بالقيادة من لا يؤمنون بها، وإذا كانت عشرين سنة قد فصلت بين المؤتمر الخامس والسادس، فإن الشرعية التي سيأخذها القادة إياهم ستكون كفيلة بأن يذهبوا بالحركة في أي اتجاه يريدون، بصرف النظر عن بقاء مجموعة هنا أو هناك تصرخ أو تغرد خارج السرب. من أراد أن يحافظ على البرنامج والثوابت، فلينتخب قائدا يؤمن بها، فنحن لسنا في ديمقراطية سويسرية، بل في حركة عالمثالثية يعرف الجميع كيف تدار، وكذلك حجم التدخلات في شأنها الداخلي، وبالتالي فإن تمرير المعادلة القيادية المشار إليها هو عنوان الانقلاب على فتح وبرنامجها، بصرف النظر عن القرارات والعبارات الواردة في أوراق المؤتمر. وإذا كان هؤلاء قد تحدوا إجماع الشعب الفلسطيني في أيام ياسر عرفات بكل هيله وهيلمانه، أعني إبان انتفاضة الأقصى، وقالوا لا للمقاومة المسلحة، فهل يتوقع منهم غير ذلك، والعالم معهم والقيادة والقرار والمال بأيديهم؟.

نتمنى من كل قلوبنا أن تكذب توقعاتنا، وأن يتصدر المشهد أناس آخرون من ذلك اللون الذي يؤمن بالمقاومة ويرفض التعاون الأمني، لاسيما أننا ندرك أية مصيبة ستحل بالقضية عندما يمضي بها أولئك نحو مسار لن يفضي إلا إلى استمرار البؤس القائم، أو ما هو أسوأ منه ممثلا في التوقيع على صفقة نهائية أكثر بؤسا سيدفع الفلسطينيون الكثير من التضحيات كي يواجهوا تداعياتها عليهم وعلى قضيتهم.