خبر الدراجات النارية.. كابوس آخر يروع الغزّيين

الساعة 05:07 ص|26 يوليو 2009

فلسطين اليوم – غزة

بينما كان الحلاق منشغلا بقص شعر أحد زبائنه، إذا بدراجة نارية تقتحم بسرعة كبيرة الصالون وترتطم بكرسي الحلاقة فيسقط الحلاق والزبون أرضا، ليغرقا في بقعة من الدم، ولم يفيقا إلا في قسم الاستقبال في مستشفى «دار الشفاء» بمدينة غزة.

يُعتبر هذا الحادث الذي وقع في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة مؤخرا، واحدا من عشرات الحوادث التي تقع في القطاع أسبوعيا بسبب الانتشار الكثيف للدراجات النارية التي يقودها أشخاص دون أي إعداد مهني، حيث إن أكثر من 90% من الذين يقودون الدرجات النارية في القطاع لم يحصلوا على رخصة قيادة.

وتحولت الدراجات النارية التي يقودها في الغالب شباب مراهقون غير مؤهلين، إلى كابوس حقيقي بكل ما تعني الكلمة، إذ أنهم في كثير من الأحيان يفقدون السيطرة على هذه الدراجات بشكل مفاجئ، الأمر الذي يجعلهم ينحرفون بقوة عن مسارهم فيصدمون المارة أو السيارات على الطرق أو يرتطمون بالمنازل والمحالّ التجارية.

لكن رغم المآسي التي تخلفها هذه الدرجات فقد أصبحت مادة للتندر, ومصدرا للنكات التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة. وتقول أشهر هذه النكات: «عقدت المخابرات الإسرائيلية اجتماعا للبحث في تصفية أحد نشطاء المقاومة الفلسطينية في القطاع، فتساءل أحد الضباط الكبار عما إذا كان هذا الناشط يملك دراجة نارية، وعندما أبلغوه أنه بالفعل يملك مثل هذه الدراجة، ما كان منه إلا أن قال: اتركوه سيموت وحده».

وفي أواخر الأسبوع الماضي كان العديد من سيارات الشرطة تدخل باحة مستشفى «شهداء الأقصى» في مدينة دير البلح وسط القطاع بسرعة كبيرة. وتوقع الناس الذين كانوا ينتظرون في المستشفى أن دخول سيارات الشرطة على هذا النحو يأتي في إطار مهمة أمنية، لكن سرعان ما تبين أن رجال الشرطة كانوا يقلون ثلاثة من زملائهم كانوا يتمركزون بالقرب من حاجز للشرطة قبالة مخيم المغازي وسط القطاع، صدمتهم دراجتان ناريتان كان يقودهما فتيان دون سن الثامنة عشرة.

ويقول نبيل إبراهيم الممرض في قسم الاستقبال في مستشفى «شهداء الأقصى» لـ«الشرق الأوسط» إن الأطباء والممرضين في القسم ينشغلون كثيرا في استقبال إصابات كثيرة جراء الحوادث التي تتسبب فيها الدراجات النارية. وفي كثير من الأحيان تنتهي هذه الحوادث بالموت. ففي مطلع الأسبوع الجاري قُتل صبي كان يقود دراجة نارية وأصيب آخر كان يجلس خلفه بجراح بالغة عندما اصطدما بسيارة كانت تتحرك على الشارع الزراعي الذي يربط مخيم المغازي بالبريج، وسط القطاع.

وارتبط اقتناء الفلسطينيين في القطاع هذا العدد الكبير وغير المسبوق من الدراجات النارية، بالأنفاق، حيث يتم تهريب أعداد كبيرة من هذه الدراجات المصنعة في الصين، وهي دراجات رخيصة الثمن نسبيا (متوسط ثمن الدراجة 500 دولار تقريبا).

وتوجُّه الغزّيون لاقتناء هذا العدد الكبير من الدراجات النارية، مرتبط أيضا بحظر إسرائيل دخول أي سيارات جديدة للقطاع، ومنذ أكثر من عامين، الأمر الذي أحدث نقصا شديدا في عدد السيارات، فزادت أسعار السيارات المستعملة بشكل جنوني. من هنا فإن الكثير من الناس أصبحوا يقبلون على شراء الدراجات النارية كبديل سهل ورخيص.

وقال سليمان العواودة (51 عاما، فني ميكانيكي سيارات يقطن في مخيم النصيرات) لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر إلى شراء الدراجة النارية لأنه من المستحيل أن يتمكن من شراء سيارة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السيارات، وهو في نفس الوقت لا يمكنه تدبر حياته دون وسيلة نقل.

ويحمّل الكثير من الناس في القطاع الحكومة المُقالة المسؤولية عن الواقع البائس الذي تتسبب فيه الدراجات النارية، حيث إن الشرطة لا تحاسب الأشخاص الذين يقودون الدراجات دون رخص قيادة، لكنها في المقابل تطالبهم بالحصول على رخص للدراجات النارية ذاتها.