خبر مقدسيون يهدمون بيوتهم ذاتياً تفادياً للغرامة والسجن

الساعة 03:53 م|25 يوليو 2009

فلسطين اليوم – الانتقاد

"كنت أشعر وأنا أهدم بيتي وكأنني أهدم نفسي وأقطّع نفسي أشلاءً، لكن لم يكن أمامي خيار آخر، فإما أن أهدم أو يهدموا، فاخترت أن أفعل ذلك بيدي، فأنا سأكون أرحم به من الاحتلال"، هكذا اختصر المواطن المقدسي فايز التوتنجي مأساة هدم بيته بيده.

وقرر التوتنجي (53 عاماً) أن يوقع "حكم الإعدام بمنزله" خاصة بعد خوضه معارك قانونية على مدار 13عاماً مع بلدية الاحتلال في القدس، وحسب قوله: كنت سأنجح في الحفاظ على منزلي لولا الذريعة الجديدة التي ساقها الادعاء بتهمة أن ابني "إرهابي".

وأنهى فايز التوتنجي - وهو رب أسرة مكونة من 6 أفراد- بناء إضافة لمنزله الواقع في ضاحية بيت حنينا شمال المدينة، وبمساحة 42 متراً على بنائه الأصلي بما يعادل "غرفتين" في عام 1996، لكنها واجه بعدها قراراً بالهدم دخل على إثره إلى المحكمة باحثاً عن عدالة لم يجدها.

وفي نهاية الأمر، قررت محكمة الاحتلال منحه 60 يوماً لهدم منزله بنفسه مضاعفة للألم وتوجهاً جديداً في الحرب المستمرة على أهالي المدينة المقدسة.

ويؤكد الباحث يعقوب عودة من مركز أبحاث الأراضي والسكن في القدس أن عدد البيوت التي تهدم من قبل سلطات الاحتلال في القدس تعادل عدد البيوت التي يهدمها أصحابها.

ويؤكد عودة عدم وجود رقم نهائي بسبب عدم إمكانية توثيق كل الحالات لأن ما يبلغ عنه لا يتجاوز 1% من العدد الحقيقي، مشيراً إلى أنه تم تسجيل سبع حالات هدم "ذاتي" خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي.

 

ادعاءات باطلة

ويروي فايز التوتنجي قصة اضطراره لهدم بيته بيده قائلا: "بدأت قضية المنزل عام 2001 عندما تلقيت إخطاراً بالهدم، حينها توجهت للمحكمة والتمست ضد القرار وقالوا المنزل بني عام 1999 بدون ترخيص".

يؤكد توتنجي أن البلدية كاذبة في ادعائها، خاصة أن موظفيها شهدوا وصوروا المنزل أثناء بنائه، فيما قدم لهم صورة جوية للمنطقة في العام 1996 توضح وجود البناء.

وبعد هذا الدليل، ساق محامي البلدية تبريراً آخر بأنه يجب أن يكون مر على وجود البناء خمس سنوات ويوم واحد وفقاً للقانون الإسرائيلي، وأن الصورة الجوية تبين وجود البناء قبل المدة المحددة بأربعة أيام!.

لكن هذا الادعاء لم يكن مشكلة للتوتنجي الذي قدم بدوره صوراً جديدة توضح وجود المنزل قبل خمس سنوات وثلاثة أشهر كاملة.

وبحسب التوتنجي فإن القاضي الذي كان مسؤولاً عن قضيته لأكثر من خمس سنوات كان يطمئنه باستمرار أنه لن يتم هدم المنزل، وأن البلدية تكذب عليه حتى أنه في إحدى المرات غرم البلدية غرامة مالية بسبب تقديمها ادعاءات كاذبة.

 

اسكت "ابنك إرهابي"

ولكن الحال تغيرت في الجلسات الأخيرة خلال العام الماضي، فالقاضي سأله في إحدى الجلسات: "هل لديك ابن معتقل؟" وبهذا السؤال انقلبت الأمور كلياً، على حد تعبيره.

 وفي نفس الجلسة كان هناك شاهد زور من البلدية، وبرغم أن المحامي كشف هذا الزيف باستخدامه شخصا آخر مكان التوتنجي إلا أن القاضي قبل الشهادة وحكم بهدم المنزل خلال عام ونصف وغرامة بقيمة 18 ألف شيكل.

ويقول التوتنجي: "عندما حاولت الاعتراض على القرار في المحكمة قال لي القاضي: اسكت ابنك إرهابي".

وكل ما تلا ذلك - حسب التوتنجي- كان "طحناً في الهواء"، فجميع الجلسات كانت تنتهي بتأكيد الحكم وإعطاء مهل ليس أكثر، حتى تسلم إخطاراً نهائياً بهدم المنزل خلال 60 يوماً بنفسه أو غرامة وحبس وهدمه من قبل البلدية.

ويقول التوتنجي: "لم يكن أمامي سوى خيار "أهون الشرّين" أي أن أهدم منزلي بنفسي، لأن ذلك سيوفر عليّ الكثير من العقوبات، إلى جانب أنني سأختار الطريقة الأفضل بدلا ًمن الهدم الهمجي لطواقم البلدية وترويع الناس في المنطقة".

وفي حال نفذت بلدية الاحتلال قرار الهدم فإنها تغرّم صاحب المنزل التكاليف بالكامل إلى جانب عقوبة بالسجن ثلاثة أشهر لعدم تطبيقه قرار المحكمة وغرامة مالية إضافية 120 ألف شيكل.

 

عملية انتقامية

ويعتبر أن ما حصل معه كان "عملية انتقامية" و"عقاباً جماعياً" له ولعائلته لكون ابنه "رشاد" معتقلاً في سجون الاحتلال، وإمعاناً في سياسة التهجير المتواصلة ضد أهالي القدس.

ويقول: "أعرف تماماً أن البلدية وطوال 13 عاماً لم تمنح أي مقدسي رخصة بناء، إلا أن الأمر مضاعف في قضية بيتي، وكان قرار الهدم عقاباً لي ولعائلتي بذريعة اعتقال ابني".

ومن المفارقة المحزنة التي كانت شديدة الوقع عليه، أنه حينما كان يهدم المنزل في السابع من تموز الحالي، أنهى ابنه رشاد فترة محكوميته البالغة تسع سنوات وأفرج عنه من سجن النقب ليعود ليجد أسرته تلتحف العراء دون مأوى.