خبر قواتهم في بلادنا 22 ضعف القوات الصليبية في القرن 12 ..ياسر الزعاترة

الساعة 10:44 ص|25 يوليو 2009

ـ الدستور الأردنية 25/7/2009

  في مقال له في صحيفة الإندبندنت نشر الأسبوع الماضي ، قال الكاتب الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك إن للدول الغربية جيوشا في البلاد الإسلامية يزيد عددها عن 22 ضعف القوات الصليبية في القرن الثاني عشر ، وهو التاريخ الذي يشكل ذروة الحروب الصليبية على الأمة ، حيث احتلت القدس في العام الأخير من القرن الحادي عشر.

كان فيسك يعلق على خسائر الجيش البريطاني في حرب أفغانستان ، قائلا إن "عناصر طالبان ليسوا موجودين على جبهات الدول الغربية ، ولا هم يحلقون بطائراتهم فوق ليفربول البريطانية". قال ذلك بينما كان أهالي عدد من الجنود البريطانيين القتلى يلقون نظرة الوداع على أبنائهم في إحدى كنائس المدينة المذكورة.

فيسك ، وبعد أن قال إن الأراضي الإسلامية ليست من أملاك الغرب ، دعا إلى إرسال الأطباء والمعلمين والخبراء الزراعيين إلى أفغانستان بدل الجنود ، معتبرا أن الشعب البريطاني الذي تفهم خسائر جنوده في الحرب العالمية عندما أراد الألمان تدمير أوروبا ، لا يمكن أن يتفهم مقتل أبنائه في أفغانستان في العام 2009، فيسك كان يرد بشكل ضمني على الحكومة البريطانية التي ما فتئت تردد كلام الأمريكان حول ضرورة محاربة الإرهاب في أفغانستان حتى لا يظهر في "شوارعنا" ، وهو منطق لا يبدو مقنعا بحال ، لأن أحدا لم يفجر نفسه في شوارع بريطانيا قبل تحالفها مع أمريكا في الحرب على أفغانستان والعراق ، في حين لم تكن حكومة طالبان تعلن الحرب على أحد ، بل كانت على وشك الانفتاح على الحكومة الأمريكية ، لولا توجه هذه الأخيرة نحو حرب"الإرهاب الإسلامي" خدمة للأجندة الإسرائيلية ، وهي الحرب التي أسفرت بدورها عن هجمات الحادي عشر من أيلول بعد سلسلة عمليات أقل شأنا في نيروبي ودار السلام واليمن.

اليوم تخوض بريطانيا حرب أفغانستان ليس من أجل الحيلولة دون وصول الإرهاب إلى بريطانيا كما يدعي براون ، ولكن انسجاما مع تحالفها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة ، ولو توقف العدوان الأمريكي لما كان لمنطق العنف أن يجد له مكانا بين الشبان المسلمين ، مع العلم أن استهداف المدنيين خارج جبهات القتال كان ولا يزال مرفوضا من قبل الغالبية الساحقة من المسلمين حتى في مواجهة الدول التي تعتدي عليهم.

في العراق انسحب الجنود البريطانيون بعدما اعتقدوا أنهم أنجزوا المهمة ، ولكن الأمريكان لم ينسحبوا ، مع العلم أن انسحابهم لن يغير في حقيقة ما خلفته الحرب وما بعدها من دمار وموت وتعذيب وتهجير للعراقيين ، وهي الحرب التي ثبت أنها قامت على أكاذيب ، نعم أكاذيب وفبركات مقصودة ، وليس مجرد تقارير غير صحيحة ، الأمر الذي فضحته الدوائر الغربية ذاتها وليس أحدا آخر.

ثم إذا كان هدف معارك جيوش الغرب في أفغانستان هو الحيلولة دون انتقال الإرهاب إلى المدن الغربية كما يردد غوردون براون وباراك أوباما ، فلماذا كانت حرب العراق ، ولماذا تتواجد القواعد العسكرية الأخرى في عدد لا يحصى من الدول الإسلامية ، ثم لماذا تفرض صفقات الأسلحة ذات الأرقام الفلكية على الدول العربية والإسلامية؟، هل من تفسير لذلك غير استمرار النهج الإمبريالي في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي ، أي سيادة عقلية النهب والتفكيك والحيلولة دون التوحد والنهوض ، فضلا عن دعم الاحتلال الصهيوني البغيض لفلسطين؟! من هنا استغربنا ولا زلنا نستغرب تفاؤل البعض بما سموه اللغة الجديدة للسيد أوباما ، ليس فقط لأن اللغة لم تحمل سوى كلمات معسولة ومواقف سيئة ، بخاصة حيال فلسطين ، بل أيضا لأن الممارسة على الأرض لم تتغير ، من باكستان حيث الحرب المستعرة وتهجير مليوني باكستاني من مناطق القبائل ، إلى أفغانستان ، إلى العراق الذي خرجت القوات الأمريكية من شوارع مدنه لتستقر في قواعد عسكرية تتحكم بالبلد من خلالها.

والخلاصة أنه من دون تغير روحية العلاقة بين الغرب وأمتنا (أعني الروحية الإمبريالية) ، ومعها الكف عن دعم المشروع الصهيوني ، فإن كل أحاديث الحوار والجوار ستظل بلا قيمة ، حتى لو روجت لها أنظمة هي بدورها مفروضة على الشعوب ، وبدعم من الغرب أيضا.