خبر تعاون اداري وصراع سياسي بين الضفة وغزة وإقتراح نظام كونفدرالي بين السلطتين

الساعة 04:57 ص|25 يوليو 2009

فلسطين اليوم-الحياة اللندنية

اتفقت السلطتان الفلسطينيتان في الضفة الغربية وقطاع غزة العام الحالي على اعلان نتائج دراسة الثانوية العامة بصورة مشتركة في مؤتمر صحافي عبر نظام «فيديو كونفرس» في كل من رام الله وغزة. لكن حالة التعاون هذه ليست دائماً سيدة الموقف بين السلطتين المتصارعيتن على كل مظاهر السيادة، من النشيد الوطني حتى الحج الى الديار الحجازية المقدسة، ففي الوقت الذي كانتا تتعاونان فيه على تصحيح امتحانات شهادة الثانوية العامة وترسيم العلامات والاعلان عنها في وقت واحد، كانتا تختلفان الى حد التصارع في حقول اخرى.

 

ففي رام الله، اعلن رئيس المجلس التشريعي من حركة «حماس» الدكتور عبد العزيز الدويك انه سيعود للعمل في مكتبه في مقر المجلس التشريعي الواقع تحت السلطة الفلسطينية في رام الله، الامر الذي لقي معارضة واسعة من حركة «فتح» والسلطة.

 

ولتوفير غطاء سياسي لخطوته هذه، اعلن الدويك الذي افرجت عنه اسرائيل أخيراً بعد ان انهى فترة حكمه البالغة ثلاث سنوات، عن توجيه دعوات الى شخصيات سياسية «فلسطينية وعربية وأوروبية وللنواب من الكتل البرلمانية كافة للمشاركة في إعادة فتح مكتب المجلس التشريعي المغلق منذ ثلاث سنوات»، كما جاء في بيان صدر عنه اول من امس.

 

وكان الدويك اعلن في وقت سابق انه عائد الى مقره في المجلس الاربعاء، لكنه عاد وأرجأ الموعد الى يوم بعد غد الاحد بعد اعتراض «فتح» والسلطة على ذلك.

 

وقال الأمين العام للمجلس التشريعي ابراهيم خريشة الذي يمثل موقف «فتح» والسلطة انه يرفض عودة الدويك الى المجلس «لان ولايته انتهت». وأضاف ان خطوة الدويك تمثل «عملاً استفزازياً يقود الى ازمة»، مشيراً الى ان «القانون يقول ان ولاية الرئيس تنتهي عند انتهاء الدورة، والدورة هي سنة وقد انتهت ولاية الدويك برئاسة المجلس التشريعي في آذار (مارس) عام 2007، وقام الرئيس (محمود عباس) ابو مازن بتمديدها حتى أيار (مايو) عام 2007 بطلب من كتلة حماس، وفي 11 تموز (يونيو) عام 2007 دعا الرئيس الى اجتماع في المجلس التشريعي لاجراء انتخابات لدورة جديدة، الا ان كتلة التغيير والاصلاح رفضت، وبالتالي ولايته كرئيس منتهية».

 

وكما تتحكم «فتح» في كل شأن من شؤون «حماس» في الضفة، فإن الأخيرة تتحكم في كل شأن من شؤون «فتح» في قطاع غزة. وفي وجه من اوجه تحكم «سلطة حماس» في غزة بحركة «فتح»، اعلنت وزارة الداخلية في غزة انها تدرس طلبات في شأن السماح لاعضاء المؤتمر العام لحركة «فتح» في غزة بالسفر من دون تأكيد او نفي السماح لهم بذلك.

 

ودأبت «حماس» في غزة على رفض السماح لاعضاء في «فتح» بالسفر الى الضفة للمشاركة في لقاءات ومؤتمرات تعقدها السلطة او «فتح». ويقول مسؤولون في «فتح» انهم طلبوا من مصر ومن جهات أخرى الضغط على «حماس» للسماح لنحو 500 من اعضاء المؤتمر العام السادس للحركة المقيمين في القطاع، بالسفر الى رام الله للمشاركة في اعماله مطلع الشهر المقبل.

 

لكن الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إيهاب الغصين قال ان الجانب المصري سلّم حكومته قائمة بأسماء أعضاء مؤتمر «فتح» وان الحكومة ستعلن موقفها النهائي «بعد الانتهاء من درس ملفات جميع الأسماء»، لافتاً إلى أن الدراسة تتم بصورة «جدية ومعمقة». وتقول مصادر في «فتح» ان «حماس» طالبت في المقابل ان تطلق السلطة معتقليها الذين يبلغ عددهم مئات.

 

وتشهد العلاقة بين السلطتين تعاوناً في الأوجه ذات الطابع الخدماتي، لكنهما تتصارعان في كل شأن من شؤون السيادة السياسية، على رغم وقوع كليهما تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي. فالسلطة في الضفة تزود قطاع غزة برواتب 78 الف موظف في القطاعات المختلفة ممن كانوا يعملون في مؤسساتها قبل سيطرة «حماس» على القطاع بالقوة المسلحة في حزيران (يوليو) عام 2007. كما تزود السلطة المشافي في غزة باحتياجاتها من الادوية والمواد والادوات الطبية، وتزود وزارة الداخلية بدفاتر جوازات السفر، والمدارس بالكتب.

 

لكن احياناً تتخذ من بعض هذه الخدمات وسيلة للضغط على الحكومة غزة لاجبارها على التراجع عن خطوات اتخذتها ضد ناشطي «فتح» او ضد الموظفين المتعاونين معها في القطاع، مثل وقف تحويل دفاتر جوازات السفر، او رفض قبول قوائم حكومة هنية من الحجاج واستبدالهم بقوائم بديلة اعدتها بالتعاون مع شركات السياحة والسفر.

 

وتجري «فتح» و «حماس» حوارات برعاية مصرية لانهاء الانقسام، لكنهما لم تتحققا كثيراً من التقدم. وتحاول مصر اقناع الحركتين بتشكيل لجنة تنسيق عليا بين سلطتي الامر الواقع في الضفة والقطاع، لكنها فشلت في ذلك حتى الآن.

 

واتخذت السلطتان منذ حدوث الانقسام بينهما سلسلة خطوات عمقت من الانفصال، مثل إنشاء مؤسسات امنية وقضائية وحكومية موازية. ولا يبدو في الأفق اي علامة على قرب انهاء الانفصال بين السلطتين بسبب عمق الانقسام السياسي والايديولوجي والمؤسساتي وشموليته، ولانعدام الثقة بينهما.

 

وظهرت اخيراً اقتراحات من بعض الاطراف لاقامة نظام شبيه بالكونفيديرالي بين السلطتين. وفيما ترفض «فتح» بشدة هذه الصيغة التي ترى فيها تكريساً نهائياً للانقسام، تبدي «حماس» انفتاحاً واسعاً عليها، معتبرة اياها الحل الواقعي الوحيد الممكن في هذه المرحلة.