خبر محمد كايا: غزة سجن كبير وباقون فيها ما بقي الحصار والاحتلال

الساعة 12:27 م|24 يوليو 2009

مدير مؤسسة إغاثية تركية في غزة في حوار خاص:

محمد كايا: غزة سجن كبير وباقون فيها ما بقي الحصار والاحتلال

هدفنا دعم صمود الفلسطينيين بعدما كان جهدنا إغاثياً عقب الحرب

أنفقنا بعد الحرب أكثر من عشرة ملايين يورو وهناك مشاريع بملايين أخرى

 

فلسطين اليوم- غزة

أكد مدير مكتب المؤسسة التركية للمساعدة الإنسانية، في غزة، محمد كايا أنّ مؤسسته أنفقت ما يزيد على عشرة ملايين يورو منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، كمساعدات إغاثية عاجلة لمساعدة أبناء الشعب الفلسطيني الذين تضرّروا من العدوان، مؤكداً أنّ المؤسسة تحاول أن تبذل جهدها لتقديم الدعم والمساندة في كل المجالات التي يمكن من خلالها مساعدة الشعب الفلسطيني.

 

وذكر كايا أنّ مؤسسة المساعدة الإنسانية، التي تعرف باسم "IHH" قرّرت عقب العدوان الأخير افتتاح مكتب تمثيلي في غزة، للوقوف عن كثب على حاجات الشعب الفلسطيني وتقديم كل ما يلزم لمساعدته، مستعرضاً عدداً من الخدمات والمشاريع التي تم تقديمها منذ انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزة، والتي تنوي المؤسسة تنفيذها في الفترة القادمة.

و أكد كايا أنّ مؤسسته تحصل على التمويل من أبناء الشعب التركي "الذين يرغبون في مساعدة أشقائهم الفلسطينيين"، نافيا أية علاقة لها بالحكومة أو أي من الأحزاب والتوجّهات السياسية في تركيا.

 

وذكر كايا أنّ مؤسسته تفكر في البقاء بشكل دائم في قطاع غزة طالما استمر الاحتلال والحصار على الشعب الفلسطيني، مشيداً بغزة وأهلها، وثمّن صمودها ومقاومتها للاحتلال وأعوانه، لافتاً الانتباه إلى أنّ قطاع غزة رغم ما يستهدفه من حصار وعدوان غير أنه "أرض البركة التي لا يمكن أن تنكسر أو تموت".

 

وفي ما يلي نص المقابلة التي أجرتها وكالة "قدس برس"، مع مدير مكتب المؤسسة التركية للمساعدة الإنسانية في غزة، محمد كايا.

 

- ما هي مؤسسة المساعدة الإنسانية "IHH"، ولمن تتبع، ومنذ متى تتواجدون في غزة؟

 

* مؤسسة الـ IHH هي مؤسسة دولية خيرية تم إنشاؤها في عام 1992 أثناء حرب البوسنة، وهي مؤسسة مستقلة لا تتبع لأي توجّه أو حزب سياسي معيّن. تواجدها جاء في غزة بعد الحرب، فقد كان وفد المؤسسة من الوفود التي دخلت غزة وباشرت عمليات الإغاثة، فبدأ العمل في المؤسسة كفرع في بداية شهر شباط (فبراير) 2009، لكنّ المؤسسة لها تواجد في فلسطين، منذ ست أو سبع سنوات من خلال التعاون مع بعض مؤسسات المجتمع المدني المحلية الموجودة في غزة.

 

في هذه السنوات السابقة كانت مشاريعنا مقتصرة على كفالات الأيتام ومشاريع الأضاحي وأمور بسيطة.

 

- هل تواجدكم في غزة مرتبط بحالة الحرب، أم أنها إقامة دائمة ما دام الاحتلال؟

 

* كما قلنا في البداية؛ نحن كنا متواجدين في غزة وإن لم يكن بشكل رسمي. كنا نعمل مع المؤسسات المحلية. ولكن الآن نحن نفكر بالبقاء بشكل دائم طالما استمر الاحتلال وطالما استمر الحصار، فنحن إن شاء الله نفكر بالتواجد المستمر. أيضاً سبب مهم من أسباب تواجدنا هنا وهو توصيل ما يريد الشعب التركي المسلم توصيله لإخوانه في غزة، وهذا غير مرتبط بحرب.

 

- ما هي الفئات المستهدفة من قبلكم في هذه المؤسسة؟

 

* في البداية كان الهدف من التواجد هنا هو الإغاثة العاجلة. فبعد الحرب كان الوضع على جميع المستويات يحتاج إلى تكاتف جهود الإغاثة في جميع المجالات، فكان التوجّه هو تقديم إغاثة للقطاعات المنكوبة والمحتاجة بشكل عاجل كأولوية، ولكن بعد مرور فترة الطوارئ أو الاحتياج العاجل؛ الآن فكرة المؤسسة هي مساعدة الشعب الفلسطيني بشكل عام على الوقوف مجدداً ومساعدته على اكتساب مقومات صموده مجدداً من خلال إكسابه مهارة معينة من خلال فتح مجال معين أمامه يساعده في استمرار نضاله.

 

- ما هي أبرز الإنجازات التي حققتموها في غزة بعد الحرب؟

 

* ممكن الحديث عما يقرب من عشرة ملايين يورو، تم استجلابها كمبالغ نقدية وكمساعدات عينية، غذائية وطبية، تم إدخالها مع دخولنا في آخر أيام الحرب.

 

وتم صرف العشرة ملايين يورو، وتم الموافقة على مشاريع بقيمة مليونين إلى ثلاثة ملايين يورو هي بانتظار فتح الأبواب والمعابر، بالإضافة إلى أنّ تواجدنا المستمر في غزة سيكون معناه إيجاد التمويل المستمر لعمل شيء معيّن في قطاع غزة، وطالما بقيت المؤسسة في غزة سيستمرّ الدعم والتمويل لمشاريع حيوية مطلوبة لمساعدة الشعب الفلسطيني.

 

ويمكن الحديث عن مشروع ضخم نوعاً ما وهو مشروع تحلية مياه البحر، الآن نتشاور مع بعض المؤسسات الموجودة في بعض دول العالم، لتكون مؤسسات شريكة في هذا الموضوع مع مؤسستنا.

 

- من أين تحصل المؤسسة على التمويل؟

 

* فيما يتعلق بالتمويل، التمويل لمؤسسة الإغاثة التركية هو تمويل شعبي بدرجة مائة في المائة، بمعنى أنّ المؤسسة لا تتلقى أي مبالغ مالية أو مساعدات لتمويل مشاريعها أو أعمالها الخيرية من الحكومة أو من أي من الأحزاب والتوجهات السياسية الأخرى. هي أموال يتمّ جمعها من الشعب التركي المسلم الراغب في مدّ يد العون لأشقائه في الأراضي المقدسة.

 

- هل تقتصر المشاريع التي تنفذوها على مشاريع إغاثية، أم أنها مشاريع تنموية ثابتة يمكن أن تخدم المواطنين على المدى البعيد؟

 

* الغالبية العظمى من المشاريع التي نفكر بتنفيذها هي مشاريع تهدف لمساعدة المواطن الفلسطيني على البقاء والصمود، وهي بالمناسبة مشاريع طويلة المدى، وينظر من خلالها إلى المستقبل. بمعنى أننا نهدف من خلال المشاريع إلى تمكين الشعب الفلسطيني من البقاء والصمود واكتساب شيء معيّن. لذلك اهتممنا أول ما اهتممنا في مراكز التدريب المهني النسائي، على أساس أن إيجاد فرصة عمل للرجال في ظل إغلاق المعابر وانحسار الإمكانيات هو صعب جداً، لكن يمكن مساعدة العائلة عن طريق اكتساب المرأة في هذه الأسرة لشيء معين تستطيع اكتسابه إما لإدرار دخل معيّن للبيت أو لاستخدام هذا الشيء المعين لمساعدتها في اقتصاد المنزل. لذلك، كان هناك قرار بإنشاء عدة مراكز، والآن لدينا خمسة مراكز تدريب مهني نسائي، على دورات خياطة وتطريز وكمبيوتر.

 

وكذلك، حالياً تم التوافق مع مؤسسة تعليمية محلية على تحويل مدرسة تابعة لهذه المؤسسة التعليمية إلى اسم "المدرسة الفلسطينية التركية"، وهذه المدرسة هي مدرسة ابتدائية، ستفتح إن شاء الله أبوابها في العام الدراسي القادم أمام طلاب الابتدائية. سيكون موقعها في منطقة المحطة بحي التفاح (بمدينة غزة)، المدرسة تابعة للتربية والتعليم ولكن سيتم تطويرها، بمعنى أنّ الخدمات التي ستقدم للطلاب في هذه المدرسة ستكون خدمات حديثة وتقنيات حديثة كما يستخدم في الخارج من تقنيات حديثة، وستهتم في هذه المدرسة بالطلبة الأيتام وأبناء الشهداء.

 

وفي مجال الصحة هناك اتفاق على إنشاء مشفى وتجهيزه بشكل كامل في منطقة التفاح، وفي بيت حانون والشجاعية يوجد مشفى فارغ من أي تجهيزات تم الاتفاق على تجهيزه من الداخل بالكامل، وغير ذلك.

 

- كيف يمكن أن تصف للمتابع خارج فلسطين طبيعة الحالة التي يمرّ بها قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي الظالم؟

 

* كيف أصف الوضع في غزة؟! يمكن أن أصفها (غزة) بأكبر سجن هواء طلق، بمعنى، المكان الذي يُمنع دخول أو خروج أي شيء منه وإليه، بما فيه المرضى وأصحاب الحالات الطارئة والعاجلة؛ هو سجن كبير، أكبر سجن في العالم. أما الشيء الآخر؛ فإنّ هذه الأرض هي أرض البركة، فمقابل كل هذا الظلم ومقابل الاحتلال والحصار، والعراك مع المحتل لمدة ستين سنة؛ على الرغم من ذلك تجد أنّ البركة موجودة، تجد أنّ الشعب صامد، تجد أنّ الناس لا زالت تتمسك بمقاومتها وبثوابتها، هذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على البركة الموجودة؟ فالحصار والاحتلال والتضييق على الناس وكلّ هذا العدد من الشهداء لم يزد هذه الأرض إلا بركة بفضل الله سبحانه وتعالى.

 

- حينما دخلت هذا المكان (مقر المؤسسة)، وجدته أشبه بمتحف، فهو ممتلئ بشهادات التقدير والدروع التكريمية والصور التذكارية، ما دلالة هذا الأمر؟

 

* لا ندّعي أنّ هذا هو نتيجة للمشاريع الكثيرة جداً التي نفذناها هنا، بل إنّ المشاريع التي قمنا بها ليست بهذا الحجم، ولكن، ما رأيتموه يعكس نظرة وتوجّه الشعب الفلسطيني المسلم لإخوانه المسلمين الموجودين لمساعدته. يعني نحن في بعض الأحيان من سلّمنا عليه من الناس كان يقابلنا بشهادة تقدير وشكر، وهذا يعكس امتنان الشعب الفلسطيني لإخوانه المسلمين ممن حضر لمساعدته ووقف بجانبه.