خبر التاريخ يتكرر -إسرائيل اليوم

الساعة 09:14 ص|23 يوليو 2009

بقلم: يعقوب عميدرور

(المضمون: اوباما لم ولن ينجح في اقناع العرب بالتخلي عن تشددهم. فقد سبق للرئيس روزفيلد العظيم أن فشل هو الاخر في ذلك – المصدر).

قرأت التقرير الذي يقتبس عن موظف امريكي كبير وصف لقاءات الرئيس اوباما مع عبدالله ملك السعودية، تقرير يتضح منه بانه رغم قدرات الاقناع المذهلة لدى الرئيس، هذه المرة لم ينجح الامر. فقد رفض الملك السعودي تخفيف حدة موقفه واعطاء الرئيس ولو شيء ما كي يشير الى مرونة عربية. بل انه لم يوافق على أي بادرة طيبة تدفع الى الامام مساعي الرئيس لجلب الاطراف الى طاولة المباحثات، بقيت الادارة الامريكية مع نوع واحد من الذخيرة في جعبتها: الضغط على اسرائيل لوقف كل بناء في المستوطنات، والان في القدس ايضا. هذا في الوقت الذي لا يتحرك العرب وعلى رأسهم السعودية عن مواقفهم وغير مستعدين لان يتخذوا أي خطوة لبناء الثقة. وفي ذات المقطع تماما سبق أن كنا، كما أذكر، وعدت الى التاريخ.

في شباط 1945 بعد مؤتمر دولي بمشاركة ستالين الذي كان يقف في حينه على رأس القوة العظمى الشيوعية في الولايات المتحدة، وتشرتشل، رئيس وزراء بريطانيا، طار الرئيس الامريكي روزفيلد الذي انتخب لتوه لولاية رابعة لاجراء محادثات مع ابن سعود.

كان ابن سعود هو والد الملك الحالي وكان يعتبر في حينه في نظر الامريكيين شخصية عربية رائدة في المنطقة. وكان الرئيس روزفيلد في حينه في ذروة شعبيته بعد أن انقذ الاقتصاد الامريكي من ازمة نهاية العشرينيات وقاد شعبه والعالم الى حرب ضد دول محور الشر. كما أنه كان يعرف منذ ذلك الحين بان بعد قليل ستكون لدى الولايات المتحدة قنبلة نووية ترجح الكفة (في حينه لم يعرف ان ستالين ايضا كان شريكا في السر النووي، بفضل معلومات نقلها جاسوس عمل في الولايات المتحدة).

اللقاء تم بشكل ما كان ليخجل أي فيلم لهوليوود – على متن بارجة امريكية رست في بحيرة المر في وسط قناة السويس، الارض المصرية التي كانت عمليا في حينه تحت سيطرة بريطانيا.

وتردد الرئيس في ذلك الوقت بالنسبة للحل الصحيح لمسألة "فلسطين" أي كيف الجسر بين الوعد الذي قطع لليهود بان يحظوا بدولة خاصة بهم في ارض اسرائيل وبين المصالح الهامة للولايات المتحدة في العالم العربي؛ وذلك بالنسبة لاحتياجات ادارة الحرب التي لم تنتهي بعد وكذا بالنسبة لاحتياجات الطاقة (مخزون النفط يوجد في السعودية اساسا).

روزفيلد، الذي عرف بقدرته على أسر قلوب سامعيه ومشاهديه، أدار سياسة تستند بقدر كبير الى هذه الكفاءات، وكان واثقا من أن قوته ستنجح مع الملك السعودي ايضا. ولكنه فشل تماما.

الملك لم يكن مستعدا للتنازل عن أي ذرة من الموضوع ورد الرئيس فارغ اليدين. روزفيلد قال بعد ذلك بانه تعرف في حديث من خمس دقائق مع الملك السعودي على المشكلة في المنطقة اكثر من كل الرسائل التي تلقاها حول هذا الموضوع في واشنطن، ملمحا برسائل الزعماء الصهاينة والعاطفين على اليهود في امريكا بل وربما رسائل عشرات اعضاء مجلس الشيوخ ممن ايدوا فكرة الدولة اليهودية.

هذه الملاحظة لم تضف شرفا للرئيس، ووضعته في ضوء غير عاطف ليس فقط في نظر اليهود بل وايضا في نظر محافل رفيعة المستوى اخرى في الادارة. مشوق ان نعرف أنه رغم انه جاء الى المنطقة والتقى ايضا مع ملك مصر، لم يجد الوقت لان يلتقي هنا او في واشنطن مع الممثل اليهودي الكبير، رئيس الوكالة دافيد بن غوريون.

رغم مرور اكثر من 64 عاما، يتبين ان الامور في واشنطن ايضا تكاد لم تتغير.

في حينه ايضا كان اليهود في الولايات المتحدة منشقين، حيث رفض مؤيدو الرئيس رؤية الحقيقة العارية، وكانت وزارة الخارجية مع العرب وضد اليهود. كان النفط هاما للجميع وكان الكونغرس منصتا لاحتياجات اليهود في اسرائيل أكثر من ادارة الرئيس.

لن نعرف ابدا كيف كانت ستتطور الامور إذ لاسف العالم توفي الرئيس في شهر نيسان ووقعت القرارات بعد وفاته في حجر نائبه، هاري ترومن، الذي اصبح الرئيس والمقرر.

ولكن اذا ظننتم ان هناك جديدا تحت الشمس، فانكم تكونوا قد اخطأتم. آمل وأتمنى للرئيس الامريكي الشاب العيش 120 سنة بصحة، ولكن يجدر به ان يقرأ سيرة حياة الرئيس الديمقراطي الاعظم والمحبوب اياه كي يفهم بان ما كان هو ما يكون.

اما لنا فأقترح الا ننفعل من كل ما يبدو "كحدث لم يشهد له مثيل" او "طلب غير مسبوق" وما شابه من تعابير اصلها عدم معرفة التاريخ.