خبر عن الحقيقة والكذب -اسرائيل اليوم

الساعة 08:31 ص|22 يوليو 2009

بقلم: زلمان شوفال

 (المضمون: ولي العهد البحريني وإن كان يقترح زعما سلاما شاملا الا انه لم يعنى ابدا بالتبادل الثقافي او بوقف الدعاية المناهضة لاسرائيل والمعادية للسامية في وسائل الاعلام العربية - المصدر).

في نهاية الاسبوع نشر مقالان يثيرا الاهتمام في "واشنطن بوست" – واحد لرئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت، والثاني للامير ولي عهد البحرين. ينبغي الافتراض بان التوقيت لم يكن صدفة. كلاهما قصدا التأثير على المباحثات والمجريات حول محاولات ادارة اوباما صياغة خطة جديدة للسياقات السياسية في الشرق الاوسط.

أولا، بالنسبة لاولمرت. سواء كانت نية مقاله ببساطة وضع الامور في نصابها، أم ربما حتى اجراء نوع من المراجعة الشخصية للتاريخ – لا ريب أن لاقواله وتوقيتها اهمية كبيرة وايجابية. اولمرت جدير بالثناء. عمليا، هو يسند الحكومة في الجدال مع الولايات المتحدة في موضوع البناء في المستوطنات.

النقاط الاساس التي طرحها اولمرت عنيت بالعلاقة بين امريكا واسرائيل (تمييزا عن تلك التي لها مع العالم العربي والاسلامي) القائمة على أساس المصالح، ولكن ليس اقل من ذلك – على أساس الشراكة في قيم حقيقية للحرية والديمقراطية. وعليه، فعلى الطرفين أن يحذرا من المس بها.

كما اشار اولمرت الى تعهد الرئيس بوش بالنسبة للحدود المستقبلية لاسرائيل (أي، حدود تكون مختلفة عن الخط الاخضر) وذكر بانه ليس فقط كان هناك كهذا قاطع ولا لبس فيه، بل انه حظي بتأييد الاغلبية الساحقة في الكونغرس الامريكي. واضاف بانه خلافا للنبرات التي تنطلق في ادارة اوباما، بالتأكيد كانت هناك تفاهمات واضحة ومفصلة مع الادارة السابقة في كل ما يتعلق بالبناء في البلدات خلف الخط الاخضر. اولمرت، بالمناسبة، اوضح بانه دون هذه التفاهمات، ما كانت اسرائيل لتوافق على مؤتمر انابوليس والمسار الذي دشن هناك. ولمن كان لديه شك – ذكر اولمرت بانه اتفق على الا يعود "اللاجئون الفلسطينيون" الى اراضي اسرائيل.

وحسب رواية اولمرت، فان الانشغال غير المتوازن من جانب الادارة بالمستوطنات يمس بالفرص لاستئناف المسيرة السلمية، يصلب مواقف العالم العربي ويعرض للخطر العلاقات الامريكية – الاسرائيلية. اضافة الى ذلك لا يدع اولمرت مجالا للشك في ان الجانب الفلسطيني، وابو مازن على رأسه، هو المذنب في افشال مساعيه والمساعي الامريكية لاعادة تحريك المسيرة السلمية.

يوجد في المجال، بالطبع، نقاط جديرة بالجدال مثل الزعم بان انابوليس كان كفيلا بان يضع حدا للنزاع (اليوم واضح ان المسيرة فشلت)، ولكن هذا لا يقرر من قيمته كوثيقة تؤكد الحقائق، وتحاول ازالة سوء الفهم المقصود (او غير المقصود) الذي يميز شبكة العلاقات الحالية بين اسرائيل والولايات المتحدة.

باالمقابل، مقال الشيخ سلمان بن حامد آل خليفة من البحرين هو من نوع آخر. سواء كتبه ولي العهد أم شخص آخر – فهذه محاولة نفسية – سياسية هدفها ذر الرماد في عيون القارىء البريء. حسب المقال، امامنا فرصة للسلام المثالي بين اليهود والعرب، وفقط بضعة مواضيع هامشية، مزعومة، تمنع تحقيقه. ولاظهار الموضوعية والانفتاح اعترف خليفة بوجود حاجة الى "تفكير متجدد" وبان الجانب العربي "لم يفعل ما يكفي كي يتصل مباشرة بالجمهور الاسرائيلي" ولكن نيته الحقيقية واضحة.

فهو لم يتحدث عن أن بادر الجانب العربي مثلا الى زيارات متبادلة بين الاسرائيليين والعرب مواطنين وزعماء. لم يعنى بالتبادل الثقافي او بوقف الدعاية المناهضة لاسرائيل والمعادية للسامية في وسائل الاعلام العربية – فما بالك انه لم يذكر الاستعداد للاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي. ما طلبه خليفة هو التوجه المباشر للجمهور الاسرائيلي، من فوق رأس الحكومة المنتخبة وذلك من خلال جزء من وسائل الاعلام او عبر منظمات اليسار المختلفة.

ومثل مقال اولمرت، هذا المقال ايضا موجه ليس فقط للرأي العام الاسرائيلي، بل وايضا – وربما اساسا للرأي العام الامريكي - إذ أن هدفه هو اقناع الادارة بتبني ما يسمى "مبادرة السلام العربية" كأساس للخطط المتراكمة في موضوع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وذلك رغم أن من الواضح ان هذه الخطة في صيغتها الحالية لا تشكل حتى مدخلا لبداية مفاوضات سلمية، بل املاءا لتحقيق كل المطالب العربية، بما فيها حق العودة، الانسحاب من كل المناطق وعدم الاعتراف بحقوق الشعب اليهودي في شرقي القدس.

هاكم مقالان يدلان على الوضع السياسي: واحد موجه للحقيقة – وآخر يتجاهلها.