خبر الخلايا الجذعية علاج لأمراض حيرت الأطباء

الساعة 04:47 م|20 يوليو 2009

فلسطين اليوم-البيان الإماراتية

 فتح العلاج بالخلايا الجذعية بارقة أمل جديدة لمئات الملايين من المرضى الذين لم يجدوا في الأدوية التقليدية أملا في التخلص من آلامهم وأوجاعهم، ولم يخطر ببال أحد أن العلاج الناجع لتلك الأمراض يكمن في قطرات قليلة من الدم كانت وحتى وقت قريب تعتبر من الفضلات التي يجب التخلص منها في مكب النفايات.

  واكتشف العلماء أن الخلايا الجذعية التي يتم استخلاصها من دم حبل السرة بعد الولادة، تحتوي على خلايا يمكن تشكيلها بعدة طرق لعلاج مختلف الأمراض التي قد تصيب المولود نفسه في مراحل الكبر لا بل وقد يستفيد منها مرضى آخرون في حال تطابق الأنسجة. بعض الدول المتقدمة سارعت بعد هذا الاكتشاف في بداية الثمانينات لإنشاء ما أصبح يعرف ببنوك دم الحبل السري «الخلايا الجذعية»، ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن تم إعادة البسمة والأمل لعشرات الآلاف من المرضى من مختلف الأعمار والجنسيات في كافة دول العالم منهم ما لا يقل عن 50 مريضا من دولة الإمارات.

 فما هو دم الحبل السري؟ وكيف تتم الاستفادة منه؟ وما هي الأمراض التي يمكن علاجها بواسطة الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري؟ وما هو موقف الشرع والدين من العلاج بالخلايا الجذعية؟ هذه التساؤلات وغيرها حملناها في جعبتنا لعدد من المتخصصين في هذا المجال فماذا قالوا:

 الدكتور محمود علي آل طالب استشاري أمراض الدم الوراثية ومدير المركز العربي للدراسات الجينية أفاد بأن دم الحبل السري يحتوي على ما يُسمى بالخلايا الجذعية، وهي خلايا شبيهة بخلايا نخاع العظام، تعين الإنسان على إنتاج خلايا العظام والغضاريف والعضلات.

 إضافة إلى خلايا الكبد والخلايا التي تشكل بطانة الأوعية الدموية، والمهم في الأمر أن لحفظ دم الحبل السري فوائد مستقبلية كبيرة؛ رغم أن العلماء ما زالوا في بداية أبحاثهم حول الموضوع، لكنّ من المؤكد أن الخلايا الجذعية المستمدة من دماء الحبل السري يمكن استخدامها بنجاح، حيثما تطلب الأمر تدخل الأطباء لمعالجة صاحب الدم من الأمراض المستعصية مثل مختلف أنواع سرطانات الدم، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة.

 والتي نشرت مؤخرا في الدوريات العلمية أن دم الحبل السري يمكن أن يعالج بنجاح العديد من الأمراض الخطرة مثل سرطان الدم وسرطان الثدي والرئة بالإضافة إلى بعض أمراض الدم والمناعة ومن المعروف أن دم الحبل السري، يستخدم حاليا بنجاح كبديل لعملية زرع نخاع العظام، وحتى الآن هناك أكثر من 700 حالة، تم فيها نقل دم الحبل السري بنجاح في جميع أنحاء العالم.

ميزة الخلايا الجذعية

 وقال الدكتور محمود طالب إن الميزة الرئيسية للخلايا الجذعية التي تسببت في السعي الحثيث لإجراء البحوث حولها بالعديد من الدول في كونها خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم. وبالتالي يمكن اعتبارها نظام (إصلاح وتجديد) للجسم.

 حيث إن الله سبحانه وتعالى قد أودع فيها استطاعة تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور، وعليه يمكن أن تزرع في جسم الإنسان في المكان الذي به تلف لأحد الأعضاء فيستعيد العضو وظيفته.

 حيث تنمو وتنقسم الخلايا الجذعية مكان الأنسجة التالفة، وهي بذلك يمكن أن تكون علاجا سحريا لأمراض وحالات إعاقة كثيرة تتضمن مرضى باركنسون (الشلل الرعاش)، والزهايمر، وإصابات الحبل الشوكي، والصدمات، والحروق، وأمراض القلب، والتهاب المفاصل، والشلل الرباعي، بل وقد تصبح بديلاً لعمليات زرع الأعضاء لتصبح عملية زرع خلايا فقط تنمو لتكون أعضاء بديلة.

 وأضاف الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة تكفي لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia (وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيضاء بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيماوية)، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة.

 الحصول على مانح

 وقال عند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نخاع عظم نقيا يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية.

 ولكن لسوء الحظ كان الكثير من المرضى يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض، أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق الخلايا الجذعية الممنوحة تطابقا جيدا؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة، فهو أكثر احتمالا للتطابق الجيد وأقل احتمالا لإحداث المضاعفات لأن الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقى العظم عند البالغين، وكذلك تتميز بأنها أكثر تحملا.

 مراحل جمع الدم

 وقالت الدكتورة أسماء الأسد إن عملية جمع دم الحبل السري ببساطة تتم في المرحلة الثالثة من الولادة بعد ولادة الجنين مباشرة وقبل ولادة المشيمة، حيث يتم جمع ما بين 120 إلى 150 ملليمترا من الدم في كيس يشبه كيس التبرع بالدم.

 حيث تغرس ابره مثبتة في الكيس البلاستيكي وتترك لتملأ الكيس عن طريق الجاذبية في عملية تستغرق ما بين 2 إلى 4 دقائق ، وهي عملية سهلة وغير مؤلمة بالنسبة للام والجنين إذ إن دم الحبل السري والمشيمة يخلوان من الإحساس مثل الشعر والأظافر».

 وتضيف بعد سحب عينة الدم يتم تثبيت المعلومات المطلوبة على الكيس بعد أن يتم إغلاقه بإحكام، ويتم كذلك اخذ ثلاث عينات مخبرية من دم الأم وتنقل العينات مع كيس دم الحبل السري إلى بنك دبي لدم الحبل السري والأبحاث وهناك يتم التأكد من بيانات المريضة ومطابقتها لوحدة الدم وعينات الأم ثم يتم تجهيز عينات لإرسالها للفحوصات الجرثومية والأمراض المعدية الفيروسية وفصيلة الدم وعمل التطابق النسيجي وفحص عدد انويه خلايا الدم الحمراء ومعدل تكاثر الخلايا الجذعية.

 وأوضحت أنه بعد ذلك تتم عملية تحضير الخلايا الجذعية وفصلها على مرحلتين في ظروف معقمة وبعدها يتم تجميدها في النيتروجين المسال تدريجيا لمدة ساعة، ثم وضعها في ثلاجة خاصة مؤقتة لمدة شهرين عند درجة حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، وبعدها يتم الاتصال بالأم مرة ثانية لأخذ عينة دم للتأكد من خلوها من الأمراض المعدية والتأكد من عدم وجود أي نوع من الفيروسات في فترة الحضانة.

 وأشارت إلى أنه بعد التأكد من صلاحية عينة دم الحبل السري وعدم وجود أمراض لدى الأم يتم تخزين الخلايا الجذعية على درجة حرارة 196 تحت الصفر. وتقول بان كافة الدراسات العلمية تؤكد أن دم الحبل السري يبقى صالحا لمدة تتراوح بين 15 و 20 سنة ويعتبر مصدرا غنيا للخلايا الجذعية التي يتم استخدامها لعلاج الكثير من الأمراض الخطيرة والمستعصية.

وقالت بان المركز يستقبل فئتين من المتبرعين الأولى المتبرعين لأنفسهم، للاستفادة منها مستقبلا في حال مرض الطفل أو الأم والفئة الثانية هي فئة المتبرعين للغير، ولغاية الآن تم إيجاد خلايا جذعية مطابقة لأربعة مرضى ثلاثة منهم كانوا يعانون من مرض الثلاسيميا في حين كان الرابع يعاني من لوكيميا الدم.