خبر أمور هامة في المفاوضات مع الفلسطينيين -إسرائيل اليوم

الساعة 09:35 ص|20 يوليو 2009

بقلم: يعقوب عميدرور

 (المضمون: اصرار اسرائيل على اعتراف الفلسطينيين والعرب بكونها دولة يهودية يضع اساسا للتنازلات المفرطة من قبلها على طريق الاتفاق - المصدر).

قبل شهر ونصف اجرى ابو مازن مقابلة مع الـ "واشنطن بوست" واوضح سبب عدم استعداده للاعتراف بدولة اسرائيل كدولة يهودية. هذه الصحيفة الامريكية الهامة لا تعتبر مؤيدا لاسرائيل ولكن المراسل الذي اجرى المقابلة لم يتمكن من اخفاء ذهوله من الخط المتشدد الذي اتبعه ابو مازن ومن عدم استعداده للعمل من اجل دفع المفاوضات.

في هذا السياق يطرح مرة اخرى السؤال ان كان من الصحيح ان تطالب اسرائيل كجزء من المفاوضات باعتراف الفلسطينيين بها كدولة يهودية. اليوم هم يرفضون الادلاء بمثل هذا التصريح الذي يعارضه قادة عرب ايضا بما فيهم اولئك الذين وقعت دولهم على اتفاقيات مع اسرائيل.

في السابق طالب ايهود باراك أن يكتب في الاتفاق الموقع بين الطرفين انه يشكل نهاية للصراع وانه لن تكون هناك مطالب اخرى من اسرائيل من الجانب العربي. الفلسطينيين لم يوافقوا على ادخال هذا النص في الاتفاق رغم التوضيح لهم بان هذا الامر سيسهل على حكومة اسرائيل السير بعيدا في تنازلاتها في كل المجالات.

يبدو لي ان هذان المطلبان يكملان بعضهما البعض وانهما معا يجب ان يكونا مطلبا اساسيا لدولة اسرائيل. من دون الاستجابة لهما – يفضل ان لا يكون هناك اتفاق. هدف هذه المطالب هو التحقق من ان اسرائيل لن تواجه في المستقبل ضغوطا وتهديدات عندما تنفذ الاتفاق وتنسحب للحدود المقلصة التي يتوجب ان تعود اليها. من الواضح ان ما يحدد مصير الاتفاق هو الافعال وليس الاقوال. ولكن مثل هذه التصريحات ستكون أساسا لاعادة تربية الكثيرين في الشرق الاوسط وربما بنهج دولي مغاير. هذا الامر ضروري بعد سنوات كثيرة شكك فيها الاعلام والتعليم في العالم العربي وخصوصا عند الفلسطينيين وكذلك مقولات شائعة في اوساط اليسار في العالم، بحقيقة وجود دولة اسرائيل.

ان انتهى الامر بالاتفاق فستؤدي المفاوضات الى اجبار اسرائيل على التنازل عن مناطق حيوية لامنها والانسحاب من مناطق ذات مغزى تاريخي وديني والانفصال عن الاماكن التي بدأ فيها التاريخ اليهودي. ان كان هناك اتفاق فسيكون بامكان التنازل الاسرائيلي ان يزعزع ادعاء اليهود بانهم عادوا الى وطنهم، لان تنازلهم يشير الى انهم مستعدون للتنازل عن البيت ذاته. ان تحقق الاتفاق فستضطر اسرائيل لاقتلاع آلاف اليهود من اماكن سكناهم وسيشعر الكثيرون في العالم العربي بان الانسحاب الاسرائيلي ذو مغزى رمزي وبرهان على بداية انكماش الدولة اليهودية وأُفولها حتى القضاء عليها.

في ظل هذا الوضع، من الصحيح التيقن من أن اسرائيل على الأقل على المستوى البياني ستحصل على الاستعداد بالاعتراف بوجودها كدولة يهودية. هناك من يدعون ان هذا مطلب لا داعي له لانه لم يطرح على اي دولة عربية وقعت الاتفاق مع اسرائيل وانه ليس واضحا للاسرائيليين اصلا مغزى تعريف "الدولة اليهودية". هناك ايضا من يقول انه لا يجدر باسرائيل بان تطلب من الاخرين مصادقة على وجودها وطابعها.

هذه الادعاءات غير جدية. ذلك لانه مع الفلسطينيين وحدهم يدور جدل حول حقيقة وجود دولة اسرائيل بينما كان الصراع مع الدول المجاورة يدور حول موقع الحدود بين الطرفين. لذلك لم تكن هناك حاجة لتصريح كهذا من قبلهم. اما مع الفلسطينيين فالامر مختلف.

الادعاء الثاني هو مجرد تضليل ديماغوجي. صحيح اننا ما زلنا نتجادل حول جوهر الدولة اليهودية ولكننا نرغب في الضمان بأن يسمح لنا محيطنا باجراء الجدل والتقرير بانفسنا وفقا لرغباتنا.

وبالنسبة للادعاء بانه ليس من الصحيح ان نطلب مصادقة الاخرين على جوهرنا – يتوجب ان يكون واضحا بأن هذه المصادقة لا تأتي لتعزيز ايمان اليهود وانما من اجل ازالة ادعاء مستقبلي من قبل الاخرين والبدء في اعادة تعليم المشككين بذلك.

الدولة التي تسير نحو التنازلات المفرطة جدا كما تطالب اسرائيل، ملزمة بأن تضمن بأن يؤدي الاتفاق الى انهاء الصراع ووضع حد للتشكيك بحقها في الوجود كدولة يهودية وان لا تواجه اي مطلب مستقبلي بعد تنازلها عن مناطق حيوية. على اسرائيل ان تصر على هذا الحد الادنى على المستوى البياني ايضا – بالاضافة الى المطالب العملية التي تتعلق بحدود قابلة للدفاع وان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح من دون قدرة على التسلح في السر.