باتت ركلة البداية التي ينفذها باريس سان جيرمان بتسديد الكرة إلى خارج الملعب تكتيكا مثيرا للاهتمام ولافتا للنظر تحت قيادة المدرب الإسباني لويس إنريكي.
إنها ليست مجرد خطأ عشوائي، بل هي استراتيجية متعمدة ومحسوبة للفريق الباريسي تهدف إلى تحقيق أهداف تكتيكية معينة، وقد أثبتت نجاحها في مباريات مهمة، مثل ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ليفربول وفي النهائي ضد إنتر ميلان وفي مباريات كأس العالم للأندية 2025، خاصة ضد أتلتيكو مدريد في دور المجموعات وإنتر ميامي في دور الـ16 وضد بايرن ميونخ في الدور ربع النهائي.
حتى في مباراة الأمس ضد ريال مدريد في نصف نهائي كأس العالم للأندية، والتي انتهت بفوز كاسح للفريق الباريسي برباعية نظيفة، ورغم أن لاعبي باريس لم يسددوا ركلة بداية الشوط الثاني إلى خارج الملعب، إلا أنهم فقدوا الكرة بإرسالها مباشرة إلى دفاع ريال مدريد.
في الواقع، وراء هذا الخطأ الظاهر أو التمريرة غير المكتملة، تختبئ خطة حقيقية وجزء مخطط له من استراتيجية باريس الكلية.
الهدف الأساسي من هذه الركلة هو تطبيق الضغط العالي المكثف (High Press) فورا من بداية المباراة. إليك كيف تعمل هذه الإستراتيجية:
1. إخراج الكرة إلى التماس عمدا (أو إرسالها لمناطق ضغط محددة): بدلا من محاولة بناء اللعب من الخلف بشكل تقليدي، أو إرسال كرة طويلة قد تفقد بسهولة، يقوم لاعب باريس سان جيرمان بركل الكرة بقوة إلى منطقة الخصم. في معظم الحالات، يتم إخراجها عمدا بالقرب من راية الزاوية لتصبح رمية تماس. في حالات أخرى، كما حدث ضد ريال مدريد بالأمس، يتم إرسالها إلى منطقة يخطط فيها لضغط فوري.
2. خلق موقف ضغط فوري ومنظم: بمجرد خروج الكرة (أو فقدانها في منطقة محددة)، يصبح اللعب متوقفا (في حالة رمية التماس)، ويمنح الخصم فرصة إعادة اللعب. في هذه اللحظة، يكون لاعبو باريس سان جيرمان قد تقدموا بالفعل إلى نصف ملعب الخصم وبدأوا في تطبيق ضغط رجل لرجل شرس ومباشر على لاعبي الخصم الذين يستعدون لرمي التماس أو استقبال الكرة.
3. إرباك تنظيم الخصم: الهدف من هذا الضغط المفاجئ والسريع هو إرباك التنظيم الدفاعي للخصم وعدم إعطائهم فرصة للهدوء وبناء الهجمة من الخلف. يجد الفريق المنافس نفسه محاصرا في منطقته الخلفية تحت ضغط مكثف ومباغت، مما يزيد من احتمالية ارتكاب الأخطاء وفقدان الكرة في مناطق خطيرة بالقرب من مرماهم.
4. استغلال نقاط القوة الهجومية: يمتلك باريس سان جيرمان لاعبين ذوي قدرات عالية في الضغط واستعادة الكرة، بالإضافة إلى سرعة لاعبيه في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم. هذا التكتيك يسمح لهم باستغلال هذه القدرات فورا من بداية المباراة، ومحاولة تسجيل هدف مبكر أو على الأقل فرض السيطرة على إيقاع اللعب في الدقائق الأولى الحاسمة.
هذا التكتيك ليس شائعا جدا في كرة القدم الحديثة، ولكنه يعكس الفلسفة الجريئة والتجريبية للمدرب لويس إنريكي. إنه نهج غير تقليدي يهدف إلى قلب السيناريو المعتاد لركلة البداية، وتحويلها من مجرد بداية للمباراة أو لشوط إلى سلاح تكتيكي يرمي إلى فرض السيطرة والضغط على الخصم من الثواني الأولى.