خبر من الذي يحتاج هذا؟ -هآرتس

الساعة 08:44 ص|19 يوليو 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: لماذا يتوجب على اسرائيل والاسرائيليين ان يفكروا بانهاء الاحتلال وما يتسبب به طالما ان الحياة في بلادهم رغم كل شيء رائعة. هم يستمتعون وفي نفس الوقت يتباكون - المصدر).

حقا من الذي يحتاج كل هذا؟. رئيس الولايات المتحدة يكرس جزءا هاما من وقته الثمين وروحه الطيبة من اجل محاولة الاقناع بالحاجة لوضع حد للصراع والاوروبيون مستعدون للتحرك بينما يقف نصف العالم منتظرا ومع ذلك هيا بنا نعترف بالحقيقة:- لماذا نحتاج كل هذه الجلبة والضجيج؟ المستوطنون قد يهبوا صارخين ويغلقوا المفترقات والجيش الاسرائيلي قد يقلل من عظمته، والانباء قد تصبح مثيرة للضجر، الاماكن المثيرة في الجولان قد تغلق ومثلها في عوفر. الحياة في اسرائيل تروق للزائرين فمن الذي لديه متسع من الوقت الان للسلام والمفاوضات والانسحابات ودفع ثمن كل هذه الفوضى التي لا يوجد لها داع. المقاهي تعج بالزائرين والمطاعم مليئة والمنتجعون في كل مكان والاسواق تغلي غليانا والطرق مسدودة من التزاحم والمهرجانات تضج عاليا. مادونا جاءت للزيارة والشواطىء مليئة بالسياح والمحليين، صيف 2009 في اسرائيل هو صيف رائع – اذن لما نريد التغيير؟

الاسرائيليون لا يدفعون اي ثمن مقابل الاحتلال. الحياة في اسرائيل افضل بكثير من اقطار كثيرة فوق المعمورة. الازمة الاقتصادية العالمية اصابت اسرائيل بدرجة اقل من الاماكن الاخرى، يوجد فيها فقراء ولكن ليس كما هو الحال في العالم الثالث كما ان أثرياءها وطبقتها الوسطى لم يتضرروا بصورة كبيرة. والوضع الامني في أحسن حال، لا عمليات ولا عرب: عندما يهدأ الارهاب كما حدث في السنوات الاخيرة لا يتذكر احد ان هناك "مشكلة فلسطينية". الجيش الاسرائيلي وبنيامين نتنياهو يستطيعان مواصلة تخويفنا من خطر الارهاب ولكنه ليس قائما في الوقت الحاضر على الاقل كما ان القنبلة الايرانية هي احتمالية مبهمة في الوقت الحاضر. أجل الحياة في اسرائيل آمنة في الوقت الراهن.

صحيح ان موجة محلية عنيفة تنفجر كل بضع سنوات ولكن هذا الامر يحدث عادة في الاطراف التي لا تعني احدا في وسط البلاد، القسام على سديروت والكاتيوشا على كريات شمونه – من الذي يكترث بذلك، خصوصا ان فترة من الهدوء تتبع هذه الهجمات كما هو الحال الان. الجدار ووسائل الاعلام والتعليم والدعاية يقومون بعملية خداع تضليلية ممتازة حتى ننسى ما يتوجب نسيانه واخفاء ما يتوجب اخفاءه. هم هناك ونحن هنا وهنا الحياة في العسل ان لم نقل بديعة. مثل سويسرا؟ لا بل افضل.

نحن عرفنا دائما كيف نضيف نوعا من المغزى الى الحياة اللطيفة ومناعمها. نعكف على عبادة الأمن. دين المجتمع الحقيقي ونخلد ذكرى المحرقة النازية. من الممكن ان تتمتع في اسرائيل وان تشعر بانك ضحية ايضا تعيش في مجد وفخار وتذرف الدموع. أين يمكنكم ان تجدوا مكانا كهذا في العالم؟

الإسرائيليون لا يدفعون ثمنا مقابل الاحتلال ولذلك لن يصل هذا الاحتلال الى نهايته. هو لن ينتهي قبل لحظة من بدء الاسرائيليين بدفع الثمن وادراك العلاقة بين هذا الاحتلال وبين الثمن الذي سيدفعونه. هم لم يتنصلوا من هذا الاحتلال في اي مرة من المرات عن طيب خاطر ولماذا يقومون بذلك اصلا؟ . فحتى الهجمات الارهابية الاكثر قسوة التي ضربت فيها البلاد لم تدفع الاسرائيليين الى الوصول الى ادراك العلاقة بين السبب والنتيجة وبين الاحتلال والارهاب. في ظل وسائل الاعلام والسياسيين هذان الاساسان الاكثر غباء وعمى في المجتمع الاسرائيلي تعلمنا كيف نعتقد بان العرب قد ولدوا للقتل وان العالم كله ضدنا وان اللاسامية هي التي تحدد الموقف من اسرائيل وانه لا صلة بين ما نفعله وبين الثمن الذي ندفعه بين الحين والاخر.

مقاطعة دولية او اراقة دماء فظيعة، كلاهما لا يظهران في الافق لحسن الحظ ومن دونهما لماذا يتوجب علينا ان نفكر بالحل؟ صحيح ان العالم قد بدأ يحمض وجه امام الاسرائيليين فما الضير في ذلك؟ هو يكرهنا من دون ذلك اصلا – هكذا يقول الاسرائيليون مقنعين انفسهم. طالما لم تحجب عن الاسرائيليين وسائل المتعة والترف فليس هناك سبب للشعور بالقلق. حاولوا سؤال الاسرائيليين لماذا نبذوا فتسمعون على الفور تذمرا من العالم وليس انتقادات ذاتية بعينها لا سمح الله. الاسرائيليون لا يستمتعون فقط بل انهم راضون جدا جدا عن انفسهم وعن درجة الاخلاقيات التي يتمتعون بها راضون عن جيشهم ودولتهم.

كل هذا كان من الممكن ان يكون رائعا حقا لولا انه اشارة تبشر بمساوىء الامور: لان العمى خطير والنهاية غير الجيدة معروفة سلفا. هناك صيف اخر رائع في تل ابيب الان – وغزة وجنين ومعهما جزء من العالم سينفجرون في وجوهنا بعد حين. حينئذ سنظهر في صورة المندهش المستغرب وكأننا ضحايا بائسين تماما كما نحب جدا ان نكون.