قائمة الموقع

"حماس" تبحث في القاهرة جداول التهدئة و«تفاؤل» بتقدّم

2025-06-22T21:20:00+03:00
فلسطين اليوم

وصل وفد قيادي من حركة «حماس» إلى العاصمة المصرية القاهرة، لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين المصريين في سياق بحث سبل التوصل إلى تهدئة جديدة مع إسرائيل، تستند إلى المقترح الأمريكي الأخير، وتُمهّد لاتفاق مرحلي يمتد على مدار ستين يومًا، يتخلله تنفيذ صفقة تبادل أسرى تدريجية.

 

ويأتي التحرك الحمساوي بعد اتصالات مكثفة أجراها الوسطاء، لا سيما من الجانب الأمريكي والقطري والمصري، عن بُعد مع الطرفين، في محاولة لتقليص الفجوة المتسعة بين مواقفهما، لا سيما في ظل تعنّت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو واشتراطها نزع سلاح المقاومة كأحد البنود النهائية.

 

ووفق معلومات متقاطعة من مصادر مطلعة، فإن الجانب المصري أبلغ "إسرائيل" بالاستعداد لاستقبال وفدها التفاوضي قريبًا، بعدما أبدت «تل أبيب» مرونة نسبية في التعاطي مع صيغة تهدئة مشروطة، وسط إشارات عن تغيّرات في موقفها قد تمهّد لحلحلة العقد الجوهرية، وعلى رأسها مسألة وقف الحرب بشكل نهائي.

 

تفاهم غير مُعلن

 

في المقابل، لم تُعلن «حماس» رسميًا عن تفاصيل مشاركتها في المحادثات الجارية بالقاهرة، إلا أن وكالة «شينخوا» الصينية نقلت عن مصدرين مصريين أن الحركة وافقت مبدئيًا على تهدئة مؤقتة لمدة شهرين، تشمل إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم جثامين بين 10 إلى 16 قتيلًا إسرائيليًا، في مرحلة أولى، يليها التباحث في وقف شامل للعدوان.

 

ويُرجّح أن هذه المرحلة التمهيدية ستُفضي إلى صفقة أوسع، تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل التزام إسرائيل بوقف العمليات العسكرية، والانسحاب من مناطق التوغل داخل القطاع، إضافة إلى السماح بتدفق المساعدات الإنسانية، ورفع الحصار المفروض على السكان منذ أشهر.

 

وفي هذا السياق، أعلنت قناة «i24NEWS» العبرية أن ثلاث قضايا رئيسية تُشكل جوهر المباحثات الجارية، وهي: الإفراج التدريجي عن الرهائن، الانسحاب الإسرائيلي من غزة، ومصير المرحلة التالية بعد انتهاء فترة التهدئة المقترحة.

 

رسائل متضاربة وواقع مأساوي

 

تأتي هذه التحركات بينما تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أعلن جيش الاحتلال مؤخرًا تنفيذ عملية خاصة أدت إلى استعادة جثث ثلاثة أسرى إسرائيليين، وهم عوفرا كيدار، ويوناتان سمرانو، وشاي ليفينسون، والذين كانوا قد اختُطفوا خلال هجوم «السابع من تشرين الأول» على كيبوتس بئيري. وأكد الجيش أن العملية استندت إلى «معلومات استخباراتية دقيقة»، وسط تحذيرات من أن مثل هذه العمليات تُضعف أوراق حماس التفاوضية.

 

وكان نتنياهو قد أعلن مرارًا رفضه أي اتفاق يُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، مطالبًا بشروط تعتبرها حماس «تعجيزية»، أبرزها نزع سلاحها ونفي قادتها خارج غزة، فيما تصر الحركة على أن أي صفقة لا بد أن تتضمن ضمانات أمريكية بعدم استئناف الحرب بعد التهدئة، وتدعو إلى وقف شامل وغير مشروط للعدوان.

 

في السياق نفسه، كشف الوسيط الأمريكي «ستيف ويتكوف» عن مقترح جديد نال موافقة أولية من الطرفين، يتضمن تهدئة مؤقتة تليها مفاوضات تفصيلية حول الترتيبات النهائية، على أن يضمن الرئيس الأمريكي جو بايدن، شخصيًا، التزام إسرائيل بعدم العودة إلى التصعيد في حال التزمت حماس بشروط التهدئة.

 

ونقل الوسيط الأمريكي بشارة بحبح في منشور على «فيسبوك» رسالة طمأنة إلى سكان غزة، قائلًا: “لا تيأسوا، التقدم في المباحثات مستمر رغم تعقيدات المشهد الإقليمي، والحرب مع إيران لم توقف مساعي الوسطاء”.

 

موقف الفصائل الأخرى

 

من جانبها، أكدت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، التي التقى وفدها القيادي برئاسة الأمين العام فهد سليمان وزير المخابرات المصرية حسن رشاد، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والشروع في معالجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة، ووضع آلية إدارية موحدة لإدارة القطاع، تنسجم مع مؤسسات الدولة الفلسطينية، وتفتح الطريق لإعادة الإعمار.

 

ودعت الجبهة كذلك إلى إجراء انتخابات فلسطينية شاملة، تشمل الرئاسة والمجلسين الوطني والتشريعي، خلال عام واحد كحد أقصى، بما يعيد توحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

 

تعقيدات المرحلة المقبلة

 

في ظل هذه التطورات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مصير التهدئة، وإمكانية تحوّلها إلى مدخل لوقف دائم للحرب، لا سيما مع تصاعد الضغط الدولي وارتفاع الأصوات الداعية إلى كسر الحصار، وتحقيق انفراجة إنسانية تنقذ غزة من الكارثة الوشيكة.

 

ويرى مراقبون أن عامل الوقت يضغط على الأطراف جميعها، وسط انهيار البنية التحتية في غزة، وتفاقم الأزمات الصحية والغذائية، مقابل قلق متصاعد داخل إسرائيل من طول أمد الحرب وتبعاتها السياسية والعسكرية، ما قد يدفع تل أبيب إلى قبول حلول وسط، بشرط حفظ ماء الوجه سياسيًا.

 

وتبقى أعين العالم مشدودة إلى القاهرة، حيث تختبر الوساطة المصرية مرة جديدة قدرتها على نزع فتيل الانفجار، وتحقيق اختراق في جدار الأزمة الأكثر تعقيدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

اخبار ذات صلة