قائمة الموقع

لماذا يُكثّف الاحتلال من أحزمته النارية في قطاع غزة؟

2025-05-18T12:31:00+03:00
جنود حرب معركة قتال
فلسطين اليوم

كتب: أحمد عبد الرحمن

منذ السنوات الأولى لإنشاء "جيش" الاحتلال الإسرائيلي في العام 1948، والذي كانت عصابات الأرجون والهاجاناه وشتيرن وغيرها نواته الأولى، لجأ هذا "الجيش" إلى استخدام القوة المفرطة وغير المتكافئة ضد كل أعدائه سواء كانوا دولاً أم جماعات ،وقد اعتمد في كل معاركة القديمة والحديثة على ما يتوفّر له من إمكانيات عسكرية هائلة، يأتي معظمها من حليفه الأهم في واشنطن ،ومن الكثير من دول العالم الأخرى، والتي تنظر إلى "دولة" الاحتلال بأنها عبارة عن رأس حربتها المتقدّم في منطقة الشرق الأوسط، وأنها سوطها الغليظ وذراعها الضارب الذي تؤدّب به كل مناوئيها ومخالفيها من دول وشعوب المنطقة.

في كل حروب "إسرائيل" السابقة ضد دول الإقليم، وما تلاها من حروب ومعارك مع جماعات وفصائل المقاومة الفلسطينية والعربية، اعتمد "جيش" الاحتلال بصورة خاصة واستثنائية على قواته الجوّية، والتي تُعتبر من الأحدث والأكفأ على مستوى العالم، وهي تملك من الإمكانيات والقدرات ما يؤهّلها لتحقيق تفوّق كاسح على كل أعدائها في المنطقة خصوصاً، وعلى كثير من دول العالم عموماً.  

في  أيّار/ مايو من العام2021، والذي شهد اشتعال معركة "سيف القدس" بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال الصهيوني، قام سلاح الجو الإسرائيلي باستخدام أسلوب قتالي جديد لم يكن معتاداً من قبل، حيث نفّذ غارة جوية جنوب غرب مدينة غزة بشكل وأسلوب عُرفا لاحقاً باسم "الحزام الناري"، والذي أدّى في ذلك الوقت إلى استشهاد قائد كتائب القسّام في لواء غزة الشهيد "باسم عيسى"، إضافة إلى مجموعة كبيرة من قيادات وكوادر القسّام الآخرين.

منذ تلك اللحظة بات أسلوب الأحزمة النارية يتكرّر وإن بشكل أوسع وأشمل، ولا سيّما منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، والتي شهدت مئات العمليات من هذا النوع، أسفرت عن سقوط أعداد هائلة من الشهداء والمصابين، إلى جانب دمار غير مسبوق في الأحياء السكنية، والمناطق العمرانية والصناعية والتجارية في قطاع غزة.  

خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة ازدادت وتيرة هذه الأحزمة في مختلف مناطق القطاع، كان من أبرزها ما جرى شرق مدينة غزة، ولا سيّما في حيَّي الشجاعية والتفاح، وهو ما يتكرّر منذ عدّة أيام شرق مدينة خان يونس، وشمال منطقة بيت لاهيا أقصى شمال غرب القطاع، الأمر الذي يشير إلى تصاعد واسع في عمليات "جيش" الاحتلال، والذي كما يبدو بدأ عمليته المسمّاة "عربات جدعون "وإن من دون إعلان رسمي حتى كتابة هذا المقال.

تعريف عام

بالمفاهيم العسكرية تُصنّف "الأحزمة النارية" بأنها عبارة عن أسلوب عسكري يتم الاعتماد عليه بهدف إخلاء المدن من السكّان، من خلال قصف جوي عنيف ومركّز، يسهم في حدوث دمار هائل في البنى والمنشآت، وفي سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين، حيث جرى اللجوء إليه للمرة الأولى إبّان الحرب العالمية الثانية من قِبل الجيش الألماني، الذي قام بقصف مدينة وارسو البولندية بهذه الطريقة.

في الحرب على غزة اختلفت الأحزمة النارية عن سابقاتها شكلاً وموضوعاً، إذ باتت تُستخدم لتحقيق أهداف أوسع من مجرد الإخلاء أو فرض الحصار على منطقة معيّنة، بل تجاوزت ذلك لتحقيق مروحة أوسع من الأهداف سنشير إلى بعضها بعد قليل.

في العدوان على غزة تحديداً يمكن النظر إلى "الحزام الناري" بأنه عبارة عن غارة أو غارات جوية متتالية وعنيفة، تقوم بتنفيذها مجموعة من الطائرات الحربية في الوقت نفسه، وتستهدف منطقة جغرافية محدّدة، بحيث تؤدي هذه الغارات إلى تدمير مساحة واسعة من المنشآت أو البيوت، إلى جانب قتل أكبر عدد ممكن من الموجودين في هذه المنطقة.

في أوقات أخرى يقتصر "الحزام الناري" على غارة واحدة فقط تنتهي في ثوان معدودة، ويتم خلالها إطلاق عدد من القنابل الثقيلة ضد هدف معيّن سواء تحت الأرض أم فوقها، وهذه العمليات في العادة يكون الهدف منها تنفيذ عمليات اغتيال نوعية كما جرى في الضاحية الجنوبية لبيروت أكثر من مرة، أو كما جرى في عمليات اغتيال أخرى في قطاع غزة.

يمكن للقصف الذي يجرى خلال تنفيذ الحزام الناري أن يكون بشكل طولي أو عرضي، أي من الشمال باتجاه الجنوب مثلاً في خط مستقيم، ويمكنه أيضاً أن يكون بشكل دائري، في حال كان الهدف منه فرض حصار على منطقة معينة، وفي حالات أخرى يمكن له أن يكون بشكل متعرّج، في حال كان الهدف عبارة عن استحكامات دفاعية للطرف الآخر مُقامة بشكل هندسي متعرّج ،أو نفق تحت الأرض مُقام بالطريقة نفسها. 

اخبار ذات صلة