خبر صيف أراد.. هآرتس

الساعة 11:29 ص|16 يوليو 2009

بقلم: آري شافيت

الصيف. صيف حار ورطب وحافل بالمثيرات. من الصعب التركيز. لذلك فان القضايا التي نشهدها هي قضايا صيفية: وقاحة، رخص، لذة وانعدام معنى. بين رسالة دودو توباز وبين الحداد على مايكل جاكسون لم يتبق انتباه للتفكير بامر الحقيقة. ليست هناك قدرة على التمييز بين السياسات والنمائم بين المركز والهوامش، بين الاساسي والثانوي. الزمن هو زمن اصفر. زمن الصغار ذوي القامات القصيرة.

الى داخل معرض التفاهات هذا زج عوزي اراد في الاسبوع الاخير بنفسه. رغم صورته الجبروتية الا انه يتميز بدرجة من البراءة والشعور العميق بالواجب المدني. لذلك لم يقم باللجوء الى الحيل ولم يقرأ عبارات مفبركة من داخل ورقة الرسائل. بصورة لم تعد شائعة في بلادنا حاول قول امور حقيقية. مستشار الامن القومي طرح امام مواطني اسرائيل صورة شمولية لوضع الامن القومي. من الممكن الاتفاق معه او الاختلاف. ولكن ليس من الممكن عدم تقدير حقيقة انه طرح علينا صورة منظمة ومعمقة كان من المفترض فيها ان تثير نقاشا معمقا.

في هذا الصيف الرطب والاصفر لم تكن هناك اية احتمالية لاجراء نقاش معمق. بدلا من التركيز على جوهر اقوال اراد اهتموا بالامور الثانوية منها. هل هاجم مئير دغان ام لم يهاجمه؟ لا هو لم يهاجمه. هل انتقد اريئيل شارون ام لا؟ نعم لقد انتقده. ولكن كل هذه امور هامشية. النقاش الحقيقي الذي كان من المفترض ان يثيره ما قاله اراد هو هل كان هناك فشل كبير في العقد الاخير في بلادنا ام لا؟ هل فشلت اسرائيل ام لم تفشل في مواجهة التهديد الايراني.

القضية ليست قضية موساد وهي ليست قضية لجنة الطاقة النووية. الافتراض القائم هو ان المستويات الاختصاصية في اسرائيل فعلت كل ما كان عليها ان تفعله بل واكثر من ذلك. جيمس بوند الاسرائيلي فعل العجب العجاب من اجل مواجهة التحدي الايراني. نفس الشيء يقال عن اصحاب مذهب التعتيم المتواري عن الانظار الذين ندين لهم بحياتنا. ولكن التحدي الايراني ليس تحدي جيمس بوند هو تحدي سياسي استراتيجي. واسرائيل فشلت في المجال السياسي الاستراتيجي. هي لم تنجح في اقناع الاسرة الدولية بان ايران النووية ستهدد النظام العالمي بصورة حقيقية.

لا حاجة لمعلومات استخبارية حساسة هنا. يكفينا الاصغاء للامور التي قالها نيكولا ساركوزي في الاسبوع الماضي: الهجوم الاسرائيلي على ايران سيكون كارثة. ليست ايران النووية هي الكارثة وانما الهجوم الاسرائيلي. وان كان رئيس صديق لدولة عظمى مناصرة لنا يقول ذلك فليس من الصعب تخمين الطريقة التي يفكر بها رؤساء دول عظمى اقل ودا واقل مناصرة لنا. وان كانت هذه صورة الاجماع الدولي المتبلور في الشأن الايراني، فقد فشلت اسرائيل في هذه المسألة. شارون، اولمرت ولفني تركوا لنتنياهو ارضا محروقة بالفعل.

من المفترض ان تكون الحقائق الاساسية معروفة: القنبلة الايرانية والقنبلة الاسرائيلية قد تكونان ذات تأثير جسيم. تجنب معضلة القنبلة او عدم القنبلة يحتاج بديلا ثالثا: دبلوماسية متصلبة وربما حتى حصار بحري. ولكن استخدام البديل الثالث يستوجب وجود قيادة امريكية ذات عزم وتصميم بدعم اوروبي واضح وموافقة روسية صينية هادئة. مهمة اسرائيل الحقيقة في سنوات الـ 2000 كانت دفع واشنطن وبروكسل وموسكو وبكين لفهم ذلك. مهمة ليست سهلة اليس صحيحا؟. ولكنها مهمة ضرورية حيوية لم تنجح حكومات اسرائيل فيها.

ولكن القضية الان لا تتمحور حول ما اخطأ فيه رؤساء الحكومة ووزراء الخارجية السابقين وما لم يفشلوا فيه. المسألة هي ما الذي يمكنه فعله في هذه الساعة المتأخرة لاحداث انعطافة. في هذه القضية توجد لحكومة نتنياهو ميزة كبيرة: هو يفهم المشكلة بصورة معمقة. في الغرف المغلقة يجري مداولات مثيرة للاعجاب. عمله جدي ومنظم ويتحلى بالمسؤولية. ولكن لحكومة نتنياهو ايضا نقص كبير: الغرب ينظر له بصورة مريبة. هو يحظى باهتمام محدود. لذلك لن يكون أمامه خيار: الوصول الى انطلاقة استراتيجية في الجبهة الايرانية يستوجب عليه تقديم اقتراح سياسي خلاقي وجريء في الجبهة الفلسطينية. هذا الاقتراح الذي يتوجب ان يبلوره وفي هذا الصيف، مستشاره الاستراتيجي الوفي عوزي اراد.