خبر بطل إسرائيل.. هآرتس

الساعة 11:28 ص|16 يوليو 2009

بقلم: جدعون ليفي

حجر كبير ازيل من فوق القلوب: اللواء يوآف غلينت بقي في الجيش الاسرائيلي. صحيح انه لم يعين نائبا لرئيس هيئة الاركان، ولكن وزير الدفاع وعده علانية بانه يعتبره احد المرشحين لمنصب رئيس هيئة الاركان القادم. المراسلون العسكريون تنفسوا الصعداء، اولئك الذين اثنوا على غلينت خلال "هزة التعيينات" وارتاح الجمهور مغسول الدماغ الذي لا يهتم بما فعله جنودنا في غزة. حقيقة ان هذا الجنرال المبجل مسؤول بصورة مباشرة عن عمليتين قاسيتين بدرجة لا توصف في غزة، "امطار صيفية" و "الرصاص المصهور"، لم تطرح بالمرة على النقاش الشعبي. بينما تطرح في العالم كله المزيد من الشبهات وكذلك الاتهامات الراسخة بصدد سلوك الجيش الاسرائيلي في غزة خصوصا خلال عملية "الرصاص المصهور" – يحظى القائد العسكري لهذه "الحرب" التي لم تكن الا هجمة وحشية على سكان ضعفاء بالثناء فقط. أما الاشتباه بارتكابه جرائم حرب؟ مخالفة قرارات محكمة العدل العليا؟ صه، صه.

غلينت كان دائما مؤيدا "للعمليات الكبيرة" في غزة. هو ضغط قدر استطاعته لتوجيه الضربات والتدمير. في صيف 2006 حصل على مراده فأشرف على عملية "امطار صيفية": 394 فلسطينيا قتلوا خلال هذه العملية وألف جرحوا، ومحطة الطاقة الوحيدة في غزة قصفت والى جانبها الجامعة والجسور هناك. نجاح كبير. لم يسأل احد حينئذ لماذا كل هذا القتل وما هي منفعة هذا الدمار؟ لماذا يتوجب قصف محطة طاقة مثلا، باستثناء الحاجة لفرض عقوبة جماعية على السكان هناك، هذه العقوبة التي تبرهن منذ زمن انها ليست اجرامية فقط بل وحمقاء ايضا. غلينت خرج من دون ان تشوبه شائبة من عملية "امطار صيفية". وكذلك من عملية "الرصاص المصهور". هذه الحرب التي لم يكن فيها قتلى اسرائيليين تقريبا والتي تعتبر حكاية نجاح ولم تتمخض عن لجان تحقيق او اسئلة تطرح. والى الجحيم الثمن الفظيع الذي دفعه الطرف الاخر بما في ذلك مئات النساء والاطفال القتلى وتدمير آلاف المنازل.

غلينت كان قائدا عسكريا لاكثر الحروب وحشية في تاريخ اسرائيل. من الاجدر التمعن في التقرير الانتقادي الذي نشرته بالامس منظمة "يكسرون الصمت" – 54 شهادة من مقاتل يتوجب ان تكون كتابا اسود لتلك الحرب التي ترفرف راية اسود من السواد فوقها، من أجل معرفة ما حدث في غزة.

من "اجراء جوني" (اجراء الجار)، التجاوز الصارخ لقرارات محكمة العدل العليا، والذي يعتبر فضيحة جماهيرية بحد ذاته، وحتى روح القائد التي قالت وفقا لشهادة عدد من المقاتلين: "من الافضل المس بالابرياء على ان نتردد في المس بالعدو. ان لم تكن متيقنا فلتقتل. في الحرب التي تجري في المناطق العمرانية يعتبر الجميع هناك اعداء. ليس هناك ابرياء... شدة وقوة النار كانت غير منطقية".

كل هذا يقع تحت مسؤولية غلينت. هو اشرف على الحرب التي لم تكن فيها مظاهر قتال تقريبا وبثت في الجيش الاسرائيلي روحا شريرة فاسدة تقول ان من المسموح لنا ان نفعل كل ما نريده وان نلقي بالالاف القنابل والصواريخ والفسفور الابيض من اجل قتل عائلات باكملها وبث الدمار المفزع – وان نعتبر بعد ذلك ناجحين. "لم يحددوا لنا هدفنا" اعترف احد المقاتلين في الشهادة رقم 2 الواردة في التقرير المذكور والتي تتضمن حكاية التدمير باسم التدمير الذي اقدم عليه الجنود.

قائد المنطقة خاصتنا هو بطل على الضعفاء. صحيح انه ارتقى في البحر وانه مكلل بغار العمليات السرية ولكن فترة عمله في القوات البرية ليست مسألة عسكرية يفتخر بها. هو يحرص على ان تلتقط له الصور وهو يرتدي نظارات شمسية وسلاحه موضوع بصورة تشبه "الصليب" بينما يرافقه كبار المراسلين العسكريين بكلمات ضخمة تثني على نجاحاته الكبيرة. ولكن الحقيقة هي اننا امام دعابة عسكرية حزينة ومليئة بالدم: خيرة ترسانة السلاح العالمي تستخدم ضد مفجري الانابيب الفارغة، مئات الاطنان من القنابل الذكية والغبية تلقى على الورش والمدارس، طائرات دقيقة محكمة تقتل الاطفال. ثلة من المقتولين من جانبنا – يسقطون بنيران قواتنا. وختاما: بطولات عسكرية مجزأة.

كل هذه الامور لم تحل دون ارتقاء غلينت وستعتبر في سجله رصيدا ورديا وهو يشق طريقه نحو الاعلى. ووحده الجندي صاحب الشهادة رقم 54 في تقرير يكسرون حاجز الصمت ادرك ما لم يدركه الجنرال الذي سيصبح رئيسا لهيئة الاركان : "لم اخرج من هناك مع شعور بالبطولة او بالتضحية الكبيرة. انه لامر مقزز مثير للغثيان والضجر والشعور بالغباء. لم اشعر انني فعلت شيئا هاما. اقنعت نفسي بأن من الجيد انني كنت في غزة حتى أحدث اصدقائي عن ذلك". غلينت مثله حدث رفاقه ورفاقه اشتروا حكايته تلك بتشوق واعجاب أعمى.