خبر الفقيه.. رحلة ألم رافقته في أسره وقادته لتقطيب بطنه

الساعة 10:17 ص|16 يوليو 2009

الفقيه.. رحلة ألم رافقته في أسره وقادته لتقطيب بطنه

 

فلسطين اليوم- وكالات

عند وصولنا إلى مستشفى رام الله الحكومي بدت ملامحنا مستنفرة ، باحثة في كل الارجاء شاخصة في كل طبيب يمر مستفسرين عن اسير محرر اجريت له عملية جراحية فور الافراج عنه  ، وفي آخر الرواق في  طابق الجراحه استقبلتنا هذه الأم بدموع على وجنتيها أبكت كل من يحيطون بها ، حيث كانت نظراتها تتجه مباشرة إلى ورقة كتب اسم ابنها عليها" محمد عمر الفقيه".

 

محمد الفقيه الذي خرج من أسره إلى مشفى رام الله الحكومي نتيجة مضاعفات مرضية أدت به إلى انفجار الزائدة في بطنه مما أدى به إلى مضاعفات وصفها الأطباء بالخطيرة، نادي الأسير اتجه إلى مشفى رام الله الحكومي ليطمئن على الفقيه ولمعرفة الخيوط الخفية حول التمادي الخطير الذي وصلت به قسوة الجلاد في تجاهل الجريح والمريض .

 

نادي الأسير استطاع أن يأخذ من الفقيه بعض الكلمات التي خرجت من ثغره عنوة عن نفسه يتحدى بها الجلاد الغاصب لينقل وحشيتهم في التعامل معه قائلا " بدأ مرضي منذ أن أسرت قبل أربعة شهور ونصف عندما أسرت على قضية قذف الحجارة مع غرامة 1500 شيكل ، وعند اعتقالي بدؤوا بضربي بشكل وحشي ومبرح على خاصرتي ومعدتي وبكل قوة ورغم ألمي الذي بدا لهم إلا أنهم لم يكفوا عن ضربي إلى أن تضاعفت حتى بدت المشكلة بشكل واضح " .

 

محمد الذي لم يكمل الثامنة عشر من عمره من بلدة قطنة والذي يعتبر حسب اتفاقية جنيف قاصر يتحدى الاحتلال ورغم قصوره إلا أنهم بادروه التحية وأحسن منها ، استمر الفقيه بالحديث رغم ألمه قائلا " عندما بدأت في اسري بالصراخ والعويل بشكل واضح نتيجة هذا الوجع الكبير كانوا يأتون علي ويقولون لي فقط اشرب ماء ساخن ويعطونني حبه من المسكن وهذا هو علاجهم ، قضيت أربعة شهور ونصف وكادت معدتي في الشهر الأخير أن تنفجر وعندما خرجت لم أجد نفسي إلا ملق على هذا السرير " .

 

لم يستطع إكمال كلامه ليتسنى له الحديث لنا بشكل تفصيلي وبدا انه أحوج للنوم من حديثنا ، ولكن قبل أن يودعنا أعطى الراية لوالدته لتكمل الحديث عنه قائلتا ودموعها لا تفارق وجنتيها منذ لاقتنا وتزداد انهمارا كلما نظرت إلى ابنها ورأته مستلقيا على السرير ، قالت لنا " عاد من الأسر يوم الخميس وكان واضح انه يتعرض لألم شديد ولورم واضح في بطنه عند خصره ،  في اليوم التالي ذهبنا به إلى المشفى واخبرونا أنهم بحاجة لعمل عمليه له لانفجار الزائدة في بطنه ونحن منذ يوم الأحد نجالسه وننتظر فرج من الله سبحان وتعالى ، وأنا لا أريد من الله سوى أن يشفى ويعود لنا سالما معافى " .

 

قادتنا أم محمد برفقة عمته إلى الطبيب الذي اشرف على عمليته الدكتور عبد اللطيف عمر قائلا لنا " محمد وصل لنا يعاني من التهاب في الزائدة منذ فترة طويلة وتجمع المده والقيح في تلك المنطقة الملتهبة والتي ادت الى قيامها  بحرق المصران الذي يجب أن يستأصل والذي أصبح من المستحيل استئصاله لحرقه من قبل هذه المادة وكل ما نستطيع أن نفعله هو تنظيف الجرح وإزالة المدة التي تجمعت بحجم 200 ملم في بطنه وهي نسبة كبيرة وخطيرة كما أن المعضلة أن المصران كان متجمع عليه مادة "التكتيك " وهو ما صعب علينا عمليته مما جعلنا فقط ننظف جرحه ، ولكن واجهنا مشكلة أخرى وهو التهاب المصران الذي بدا بإفراز الأوساخ في البطن مما دفعنا لوضع ( درايت ) وبالمعنى العامي برابيش لضخ الأوساخ والبراز خارج الجسم ، وملخص ما قمنا به هو تنظيف المعدة وغسلها جيدا نتيجة السموم التي كانت متراكمة " .

 

كما أضاف الدكتور عبد اللطيف " حالته توصف بالخطيرة وإذا ما لم يلتئم الجرح ويشفى منها نحن في صدد القيام بعملية أخرى لوقف الالتهاب الحاد " .

 

وفي اللحظات الاخيرة لمحاولتنا الخروج من باب المستشفى جاء من بعيد نادها ايانا ـ توقفا حين ادركنا ان النداء موجه الينا ، واذا برجل تبدوا عليه علامات الانهاك ، ويسيل العرق على جبينه ، قال " وين يا عمي انا ابني بيموت ، وين الصحافه وين المؤسسات الحقوقية ، وين حق ابني ، شايفين شو بيسوي الاسرائيليين فينا ، ولا محنا حقل تجارب الهم ، اذا ابني قعد 4.5 شهر وصار في هيك ، طيب شو مع الناس الي قضوا عشرات السنين ، بس برجع وبقول حسبي الله ونعم الوكيل ، الله على الظالم والمفتري .

 

يبدوا أن أسيرنا كان محظوظا رغم المصائب التي أحاطت به ، ولكن يترك في داخلنا تساؤلا، ماذا لو كان أسيرنا من أصحاب السنوات الطوال ما بين جدران المعتقل اللعين ؟ لكنا ألآن نودعه في طريقا لاحدى المقابرلا سمح الله .