خبر تحليل: حماس تناور لاستمرار سيطرتها على غزة..وفتح تريد كف يدها بعد انخفاض شعبيتها

الساعة 06:10 ص|16 يوليو 2009

فلسطين اليوم-الأخبار اللبنانية

بقلم/ حسام كنفاني

لا يكلّف أيّ مسؤول من الفصائل الفلسطينيّة نفسه عناء توضيح أسباب ونقاط الخلاف الأخيرة التي أدت إلى إطاحة موعد إنهاء الانقسام. جلّ ما يقوم به هو رمي الكرة في ملعب الطرف الآخر، على اعتبار أنه المسؤول الأول والأخير عن فشل الجولة السادسة من الحوار. الكل الفصائلي الفلسطيني يرى أنه المحق الوحيد، وبالتالي لا يتحمل عبء انهيار المحادثات في القاهرة، بل يعتقد أنه أدى قسطه للعلى، وليس مسؤولاً عن بقاء الخلافات على حالها.

هذا الحديث لا ينطبق على حركتي «فتح» و«حماس» فقط باعتبارهما طرفي الحوار الثنائي في القاهرة، بل يتعدّاه إلى كل الفصائل الفلسطينية، التي كان أو سيكون لها دور في الحوار أو في اتفاق إنهاء الانقسام، في حال توقيعه في موعده الجديد الثامن والعشرين من الشهر الجاري. الجميع يتحمّل مسؤولية ضياع الفرص في المرحلة الحالية، وبالتأكيد فإنه لا معنى لادّعاءات العفّة السياسية التي يطلقها محمود الزهار وعزّام الأحمد. فلا «حماس» بريئة من الفشل الحواري، ولا «فتح» خارج دائرة اتهام عرقلة محادثات القاهرة.

فمحمود الزهار حين يعلن محاولات «فتح» للتملّص من إنهاء الانقسام، لا يوضح موقف «حماس» من الورقة المصرية المعروضة على المتحاورين، وهل هي موافقة على كل البنود المطروحة على طاولة البحث. لقد دأبت «حماس» على إبعاد موقفها من بنود الاتفاق عن دائرة البحث، وحصر الاعتراض في نقطة المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية. نقطة تحمل الكثير من الأهمية، لكنّ حلّها لا يعني أن إنهاء الانقسام سيصبح وراء الباب. فـ«حماس» لديها اعتراضات جوهرية نابعة من مصالح خاصة جداً تحول دون التوصل إلى الاتفاق بالسرعة التي تريدها القاهرة.

اعتراضات لا تأتي الحركة الإسلامية على ذكرها، وفي مقدّمها استحالة التنازل عن السيطرة على قطاع غزّة لمصلحة السلطة الفلسطينية. على هذا الأساس تدور كل المناورات «الحمساويّة»، التي تأخذ من بنود الورقة المصرية ملعباً لها؛ فالحركة تحرص على التدقيق والاعتراض على لجنة التنسيق، المفترض فيها الإشراف على عمل حكومتي قطاع غزة والضفة الغربية. تدقيق يشمل التأليف والصلاحيات والمرجعيّة. فـ«حماس» تعمل جاهدة على إبعاد سلطة محمود عبّاس عن قطاع غزة، وإذا كان لا بد من صلاحيّة للّجنة، التي سيكون أبو مازن مرجعيتها، فإن الحركة تشترط اقتصارها على الإشراف على إعادة الإعمار، من دون التدخل في عمل وزارات الحكومة المقالة.

الأمر نفسه بالنسبة إلى القوى الأمنية المشتركة. «حماس» لا تريد وجوداً لقوة السلطة الفلسطينية في قطاع غزة. وإذا كان الاتفاق المصري ينص على 3000 عنصر قوة مشتركة من الحركتين وباقي الفصائل للإشراف الأمني على القطاع، فإن «حماس» تريد في مرحلة أولى أن يقتصر عديد القوّة على 300 عنصر فقط، لتبقى سلطة الأمن والحل والربط بيد قوات الشرطة «الحمساويّة».

الانتخابات لا تمثّل استثناءً. فإذا كان النقاش حالياً في قانونها وتقسيماتها بين النسبية والدوائر، فإن الهمّ «الحمساوي» هو في تأخيرها قدر الإمكان إلى حين استعادة الحركة لمستوى شعبيتها، وخصوصاً في الضفة الغربية، الذي خوّلها الحصول على الغالبية البرلمانية وتسلّم الحكم.

«فتح» ليست أشفى حالاً من «حماس». فأساساً، الأطراف داخلها غير متفقة على الاستراتيجية النهائية للحوار، وماذا تريد من نهاية الانقسام. ففيما يقف أبو مازن ضد تأجيل الانتخابات، يبدو أن رئيس الوفد التفاوضي لـ«فتح»، أحمد قريع، قد تفاهم مع «حماس» على التأخير سنتين مع تقسيم قانون الانتخابات إلى نسبي ودوائر، يؤمّن من خلالها موقعه البرلماني، وخصوصاً أنه من غير المؤكد له الحصول على مركز مضمون في قائمة حركة «فتح» الانتخابية.

ولـ«فتح» أيضاً مناوراتها لمنع عودة «حماس» إلى السلطة، أو على الأقل لكفّ يد الحركة عن قطاع غزّة. وضمن هذا الإطار يأتي الإصرار على سيطرة «فتحاوية» على لجنة التنسيق وعلى تركيبة الأجهزة الأمنية، وحتى على تسريع الانتخابات للاستفادة مما يمكن تسميته «الضعف» الذي يعتري شعبيّة «حماس». وبالتالي، فإن عزّام الأحمد لا يمكن أن يدّعي براءة حركته من وصول الحوار إلى طريق مسدود.

المسلّم به أن الحركتين تفاوضان وفق خطّين متناقضين لا يمكن أن يلتقيا على نقاط مشتركة. ومهما حاول الوسيط المصري تقريب وجهات النظر أو تقديم اقتراحات تحفظ للطرفين مكاسبهما، فإنه لن يفلح في جمعهما على هدف مشترك.

الأمر نفسه بالنسبة إلى فصائل منظمة التحرير الباقية، التي بات دورها للأسف هامشيّاً على الساحة الفلسطينية. فرفض الثنائية الذي تدأب هذه الفصائل عليه لا ينطلق من حرص على المصلحة العامة، بقدر ما هو خوف على الوجود، أو ما بقي منه، في المجلس التشريعي أو منظمة التحرير. فهي تعلم جيداً أن أي اتفاق سيكرّس الثنائية الفلسطينية، وسيزيد هذه الفصائل تهميشاً.

على هذا الأساس، ما عادت ادّعاءات العفّة تقنع أحداً، ومن الأفضل أن ترفع الفصائل غطاء السريّة عن هواجسها ورغباتها، ليكون الجميع على بيّنة من الواقع الانقسامي الشامل وصعوبة تجاوزه.