خبر فتى الجبال من مستوطنة نوكديم- هآرتس

الساعة 08:37 ص|15 يوليو 2009

بقلم: ليلي غاليلي

 (المضمون: ابراز ليبرمان للمستوطن الموجود في داخله حيلة ذكية منه الان لكسب تعاطف الشارعين الروسي والاستيطاني - المصدر).

ذات صباح استيقظ المواطن أ فاكتشف انه مستوطن. ليس مجرد مستوطن وانما فتى جبال من نوكديم. وزير الخارجية افيغدور ليبرمان يقطن منذ سنوات طويلة في هذه المستوطنة الصغيرة ولكن من الصعب القول ان مكان سكناه كان عاملا مركزيا في هويته. المستوطنون لم يعتبروه ابدا لحما من لحمهم الطبيعي وليبرمان حتى تنازل عن اصواتهم. الحقيقة ان من الصعب رؤيته وهو يرتدي ملابس على غرار المستوطنين، فروة  على ظهره وصندل من العهد القديم.

كل هذا تغير الان. نيكولا ساركوزي يدعو لاستبداله وايهود باراك ارسل لادارة المفاوضات مع جورج ميتشيل بدلا عنه، والعالم يصده وبنيامين نتنياهو لا يدافع بصورة كاملة عن وزير خارجيته، هذا بينما يتواصل التحقيق معه وتتساءل وسائل الاعلام عما يفعله وزير خارجية دولة اسرائيل بالفعل. هناك من تدفعهم المشاكل الى التوبة اما ليبرمان فقد دفعته هذه المشاكل للعودة الى المستوطن الكائن في اعماقه. في لقاء مع صحفيين خلال الايام التي نفذ بها وزير الدفاع عمل وزير الخارجية، كشف ليبرمان النقاب عن السبب الحقيقي. السبب ليس هم وانما هو. هو المستوطن، ليس بامكانه ان يدير مفاوضات حول مستقبل المستوطنات. هذا الامر سينطوي على تناقض في المصالح وهو وضع توجد لدى وزير الخارجية حساسية خاصة منه. وهكذا يتبين أن في روح وزير الخارجية فتى جبال دعي للخدمة الاحتياطية من أجل اخلاء مستوطنات. ليبرمان لم يرفض الاوامر حتى وانما طالب بعدم المشاركة في عملية الاخلاء التي تتناقض مع ضميره.

تتناقض؟ ليس بالضبط. ليبرمان يقول منذ سنوات انه مستعد لاخلاء منزله في نوكديم من اجل التسوية. ان كان الامر كذلك فلن يكون هناك تناقض مصالح بنيوي في تدخله في العملية. الامر الموجود هو ان هناك تغير في المصالح. في الماضي عرف ليبرمان كيف يخفف من صورته المتطرفة وكيف يشيح بنظره نحو المركز، والان هو بحاجة لخطوة معاكسة. ناخبوه خصوصا العشرة مقاعد الـ "روسية" التي يمتلكها، ينقسمون الى مجموعتين: اولئك الذين تحركهم دوافع الارتباط المجتمعي الطائفي بقائد "الشارع الروسي"، ومن دون صلة تقريبا باجندته، والمجموعة الثانية هي الناخبون الايديولوجيون الذين يعتقدون انه لا يستطيع ان يظهر كوزير خارجية لعملية السلام التي ترتكز على تنازلات. الامر الاساسي في كلا الحالتين ان ليبرمان لا يستطيع السماح لنفسه بالظهور في صورة الضعيف والخارج عن مجريات الحدث.

صورته الجديدة كـ "مستوطن" هي رد ناجح بصورة خاصة على كل هذه العقدة، رد يبني نوعا من المناعة قبيل الورطات المحتملة في المجال القضائي ايضا. ان كان ليبرمان قد اعتاد في الماضي ان يكون "روسيا" في كل مرة كانت فيها مثل هذه المشاكل تصل الى اعتابه، فانه من الصعب على وزير خارجية دولة اسرائيل ان يمثل ايضا صورة الروسي الملاحق كدور خفي. "مستوطن" ليست بالكلمة الجديدة فقط وانما هي اختيار ذكي بالنسبة لليبرمان. الناطقون بالروسية لا يتحمسون للاستيطان ولكنهم يشعرون بالتقدير للمستوطن لكونه "شخصا آخر" مناهضا للمؤسسة الرسمية ويدفع ثمنا مقابل ايديولوجيته. هذه العلاقة تميز قطاعات جماهيرية اخرى اكثر اتساعا في المجتمع الناطق بالروسية.

يتبين ان هذا الامر يفعل فعله بالروسية على الاقل، ويبدو ان ذلك يؤثر في قطاعات شعبية اوسع من تلك التي تحافظ وفقا للاستطلاعات على قوة "اسرائيل بيتنا". البيان الغريب حول تناقض المصالح قوبل في الاعلام الروسي بدرجة من التعاطف. هناك لا يهتمون في قضية ما يفعله وزير الخارجية وانما ينظرون بفرح لسياسة التقارب التي يتبعها مع روسيا. من هو ساركوزي بالمقارنة مع فلادمير بوتين الذي يتصادق مع ليبرمان ويتبادل معه الحديث بالروسية؟ في هذه المرحلة يخرج نتنياهو تحديدا خاسرا من الوضع اكثر من ليبرمان. هو يخون وزير خارجيته "الروسي" وكذلك يتراجع في المكان الذي ينتصب فيه فتى الجبال المعتز بنفسه مرفوع الهامة. هذا سلوك نموذجي.