خبر ما الذي حدث في الثالث عشر من ايلول -هآرتس

الساعة 08:36 ص|15 يوليو 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: عباس اعترف بأنه رفض اقتراحا سخيا من اولمرت بالحصول على مساحة تساوي مساحة الضفة بأكملها - المصدر).

من الاجدر للمبعوث الامريكي جورج ميتشيل أن يعرج خلال زيارته القادمة لاسرائيل على برج لفلاتينوم في تل ابيب وان يتبادل اطراف الحديث مع رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت. سيكون الامر مثيرا حقا. اولمرت سيحدثه انه قد استضاف في منزله في القدس الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الثالث عشر من ايلول 2008 بعد ان استقال وبقي على رأس حكومة انتقالية وعرض عليه اقتراحا مفصلا للتسوية السلمية. اولمرت أظهر لمحمود عباس في لقائهما السابق قبل ذلك الموعد باسبوعين خارطة الدولة الفلسطينية، الا ان عباس بدوره اشتكى من انها صغيرة جدا. في هذه المرة أعد اولمرت خارطة عملاقة للحدود المستقبلية والتواءاتها والتي أعدها بمساعدة خبيره خارج الجهاز الرسمي.

خارطة اولمرت اقترحت على الفلسطينيين اقامة دولتهم على 93.5 في المائة من مساحة الضفة الغربية، والحصول على 5.8 في المائة اخرى في مناطق بديلة في اسرائيل والباقي يحصلون عليه على صورة "ممر آمن" من الضفة الى قطاع غزة. الخريطة تبقي الكتل الاستيطانية ضمن السيطرة الاسرائيلية – معاليه ادوميم، اريئيل، غوش عتصيون، واقترحت مقابلها مناطق جنوبي جبل الخليل وجبال يهودا وغور بيسان. على حد قول الفلسطينيين، اقترح اولمرت ايضا تقسيم منطقة التماس بجانب اللترون. في اخر المطاف اقترح على عباس الحصول على مساحة تساوي مساحة كل الضفة. مائة في المائة.

في القدس نص اقتراح اولمرت على تقسيم السيادة بين الاحياء اليهودية والعربية وابقاء "الحوض المقدس" في البلدة القديمة ومحيطها من دون سيادة تحت اشراف لجنة دولية بمشاركة اسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة والاردن والسعودية.

الاقتراح الاصيل جدا جاء في قضية اللاجئين. اولمرت لم يعترف بـ "حق العودة" الذي يطالب به الفلسطينيون، ولكن وافق على استيعاد عدد صغير من اللاجئين على مدار خمس سنوات، "كعدد الاشخاص الذين يستطعيون الدخول للمقاطعة في رام الله" اي 2000 الى 3000.

وفقا للرواية الاسرائيلية طلب عباس من اولمرت ان يعطيه الخارطة. "ان وقعت عليها ستحصل عليها" قال له اولمرت. هو لم يرغب بإعطاء الفلسطينيين وثيقة تكون خط بداية للمفاوضات القادمة وأساسا للمطالبة بتنازلات جديدة من اسرائيل. عباس رد على اولمرت بأنه يسعى لدراسة التفاصيل بمساعدة خبير في الخرائط واقترح العودة في الغد للقاء اخر برفقة صائب عريقات والخبير في الخرائط. اولمرت وافق. ولكن عباس لم يرجع في اليوم التالي. ولا في اليوم الذي تلاه. ولم يتصل حتى. هو قطع الاتصالات واوضح في وقت لاحق في مقابلة مع الـ "واشنطن بوست" بانه رفض اقتراح اولمرت لان "الفجوات كانت كبيرة" وفقا لرواية عريقات، يطالب الفلسطينيون بسيادة كاملة على جبل الهيكل وليس لديهم استعداد لتسليمه لاي هيئة دولية. هم يريدون ايضا تقليص الكتل الاستيطانية التي يسعى اولمرت لضمها لاسرائيل. ولكن هذه  الرواية جاءت متأخرة وليس كرد مباشر على اولمرت. فقط بعد ان غادر اولمرت منصبه في رئاسة الورزاء، اتصل عباس به لتوديعه.

ما الذي يستدل من هذه الحكاية؟ ردود الفعل السياسية متوقعة. اليمين سيدعي بان الفلسطينيين رفضوا اقتراحا سخيا مرة اخرى وان هذا دليل اخر على عدم وجود شريك وعلى عدم وجود ما يمكن التفاوض حوله. في ديوان نتنياهو يعتبرون مقابلة عباس التي اعترف فيها برفض الاقتراح ذخرا اعلاميا لا تنازل عنه. اليسار من ناحيته سيدعي بان اولمرت لم يقدم ما يكفي.

ان خرجنا من الجدل السياسي فالعبرة الجوهرية المتمثلة في اقتراح اولمرت هي ان مواقف الجانبان لم تتغير تقريبا منذ اخفاقات كامب ديفيد وطابا. تسع سنوات من الحروب والجمود السياسي والاف القتلى من الجانبين لم تخفف من هذه المواقف. الفلسطينيون لم يخضعوا واسرائيل لم تنكسر. من الممكن على ما يبدو تحقيق تسوية حول حدود متفق عليها، الا ان اسرائيل لا ترغب بأن يعود الفلسطينيين الى اراضيها، والفلسطينيون يريدون جبل الهيكل بأيديهم. ليس لدى اي طرف استعداد للتنازل عن رموزه الوطنية والقول لشعبه بان وعود الماضي "سنعود الى قرانا في فلسطين" و "القدس الموحدة بيدي اسرائيل الى الابد" – كانت مجرد اوهام.

العبرة الثانية تتعلق بالاجراءات: ان تركنا الجانبين لوحدهما فانهما لا يستطيعان التوصل الى تسوية. هما بحاجة الى مرافقة ثابتة من وسيط خارجي ومن المفضل ان يكون امريكا من اجل جسر الهوة بين المواقف وتقديم اغراءات مقابل التنازلات المؤلمة. وهذا ما يجب ان يكون عليه دور الرئيس براك اوباما ومبعوثه ميتشيل.