خبر محمد صالح المسفر يكتب: حوار مع صديق عن حركتي « حمـاس » و« فتـح »

الساعة 12:27 م|14 يوليو 2009

فلسطين اليوم : كتب/ محمد صالح المسفر

بدون مقدمات سألني محدثي لماذا حماس متمسكة بكراسي السلطة، ولماذا تصر على الانفصال عن الضفة الغربية، ولماذا لا تقبل باستفتاء شعبي على مشروعها السياسي؟ ولماذا لا تحتكم في الخلاف مع حركة فتح إلى صناديق الانتخابات. لقد راح محدثي يمطرني بتساؤلات كأنها معدة مسبقا. أقول: فتح لها تجربة سياسية عريقة ونضالية تزيد على أربعين عاما، وحماس للتو خارجة إلى الساحة السياسية. سألت الصديق أبو محمد، هل انتهيت من تساؤلاتك؟ قال: أجبني عما ذكرت قلت: إذن أرجو ألا تقاطعني حتى يكون لحوارنا فائدة.

قلت لمحدثي: أولا أنا لست ناطقا باسم حركة حماس، ولست معاديا لحركة فتح فلا مصلحة لي مع الحركتين. أعترف لك بأن حركة فتح هي حركة وطنية عريقة، وقدمت القضية الفلسطينية إلى العالم من أوسع أبوابه ونوافذه ولها خبرة في كل المجالات، وحماس لا تنافسها على خبراتها. لكني أسالك هل حركة فتح اليوم هي حركة فتح في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي؟ رموز فتح وقادتها ومناضلوها لم يبق منهم أحد له دور في المسيرة النضالية لاستعادة الحقوق الفلسطينية، إما قضي، وإما اغتيل أو معتقلا أو مسرحا من الخدمة، أو مهمشا، قائمة أسماء القادة الذين أشرت إليهم طويلة ومعروفة لكل مهتم بالشأن الفلسطيني، قيادات فتح اليوم معظمهم من الانتهازيين، وخريجي معاهد التأهيل الصهيوني، والمتاجرين بالوطنية، والباحثين عن الجاه عبر المنابر الدولية، وأصحاب المصالح الذاتية، والرابحين مما يسمى بالعملية السلمية، والقائمة بأسماء هؤلاء عندي وغيري طويلة جدا، هَمُّ هؤلاء جميعا المحافظة على مكاسبهم المادية وامتيازاتهم السياسية

أسألك أيضا، ألم تجرب فتح مشروعها السياسي أي اتفاق أسلو الخبيث وفشلت في إنجازه على مدى ستة عشر عاما، عدد المستوطنين في الضفة يتزايد كل يوم بعد اتفاق أوسلو الخبيث، جيش سلطة رام الله وقواتها الأمنية مأموران بعدم التصدي لقطعان المستوطنات عند مهاجمتهم قرى ومدن الضفة، لكنهم شجعان لقمع أي مسيرة وطنية ضد الاحتلال، قرى ومدن الضفة تمزقها الحواجز الصهيونية وجيش السلطة بلا فاعلية، القدس تفرغ يوميا من سكانها الفلسطينيين لصالح اليهود الصهاينة، الصور العازل ينهش أراضي الضفة، ولا خبر عنه.

( 2 )

حماس في الجانب الآخر لا ينكر صدق جهادها من أجل استعادة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني إلا مكابر، وصفوا بالصدق ونظافة اليد وعفة اللسان والنزاهة، ليس بينهم تاجر همه الربح على حساب الوطن وليس بينهم فاسق أو فاسد أو مرتبط بالمشروع الصهيوني، تقول إن ليس لديهم خبرة في الألاعيب السياسية، أقول لك: أتباع محمد عليه السلام خرجوا من مكة وأسسوا أكبر إمبراطورية نافست إمبراطورية فارس وبيزنطة وليس بينهم خريج من معاهد التأهيل الصهيونية أو كاذب أو انتهازي أو فاسد أو فاسق، لكن من يجرؤ على الطعن في المؤهلات الأكاديمية والعلمية والتجارب التنظيمية لقيادات حماس؟ انظر أيها الصديق إلى إيران، ثلاثون عاما فقط على الثورة، بنوا قاعدة عسكرية تهاب، وقاعدة تصنيع تحترم رغم الحصار الجزئي وأطلقوا قمرا صناعيا يدور في الفضاء ومدوا نفوذهم في كل اتجاه، بينما الشاه احتفل بالألف عام على تأسيس مملكة فارس فماذا تقول؟، ألف سنة خبرة لأسرة شاه إيران وثلاثون عاما ونيف لخبرة العمايم في طهران وبدون مكابرة أرجوك أن تقارن.

( 3 )

تطلب من حماس أن تستفتي الفلسطينيين على مشروعها السياسي، ألم تصل حماس إلى "مكاتب الإدارة" للضفة والقطاع عن طريق صناديق الانتخابات عام 2006 وعبر مشروعها الذي قدمته للشعب وأهم بنوده محاربة الفساد والمفسدين والمحافظة على أمن المواطن وتفعيل دور المقاومة ضد العدو الصهيوني؟ ثم أسالك هل أعطيت حركة حماس فرصة لإدارة الصراع حسب برنامجها الانتخابي الذي فازت على منافسيها (فتح) بموجبه؟ أم أنها حوربت من اللحظة الأولى لأداء القسم الدستوري أمام رئيس عباس، وحوصرت داخليا وخارجيا ويقود الحصار ويحرض على استمراره حركة فتح وزعيمها عباس في رام الله ومبارك في مصر؟.

سألتني لماذا لا تتنازل حماس عن قيادة العمل الفلسطيني لصالح فتح، وجوابي لماذا تصر فتح رام الله على عزل حماس وترفض إتمام مدتها القانونية في سلام وتعاون، وتبقى فتح في المعارضة كما يفعل الإسرائيليون حزب يحكم ويحارب، وحزب يراقب ويعارض؟

أخيرا: تطالب فتح وأنصارها والمستفيدون من التنظيمات الأخرى من فتح بإجراء انتخابات الآن، والجواب عندي، حتما ستفشل حماس فيها وسوف ينتصر المال على المبادئ لأن الجوع والحاجة قاتلة والحصار العربي للفلسطينيين ظالم وخير برهان انتصار ديمقراطية المال في لبنان.