خبر أمريكا واسرائيل: الى اين نتقدم من هنا؟ .. اسرائيل اليوم

الساعة 08:46 ص|14 يوليو 2009

بقلم: زلمان شوفال

بالرغم من أن زوارا لواشنطن انطبع في نفوسهم في الاسابيع الاخيرة أنه قد حدث لين ما لموقف الادارة الصارمة غير المتناسب من قضية البناء وراء "الخط الاخضر" – فلا توجد علامات محددة الى الان تصدق ذلك. فضلا عن ايهود باراك لم يسمع، كما يبدو، من محادثه الامريكي جورج ميتشيل (الذي لم يتضح بعد متى سيأتي للقاء شخصي مع رئيس الحكومة ان عاجلا او آجلا) افكارا محسوسة للمصالحة – اهتمت واشنطن ايضا بأن يكرر متحدثون اوروبيون مختلفون التحذيرات بصوت أعلى.

يوجد في الادارة حقا من يعترفون في أحاديث مغلقة بأن البناء في المستوطنات ليس سوى تعلل كما يقولون في امريكا، لكن يبدو ان مقرري السياسات هنالك يظنون ان الضغط على اسرائيل سيمكن الرئيس من اظهار "توجه اكثر اتزانا" بين اليهود والعرب وهو ما سيؤدي كما يرون الدول العربية والفلسطينيين الى البدء بخطوات تبني الثقة من قبلهم.

النتيجة عكسية في هذه الاثناء: فكلما زادت قوة الضغط الامريكي على اسرائيل، زاد عند الجانب العربي الاحساس بأنه لا يطلب اليهم تنازلات وأن الامريكيين سيقومون بالعمل من أجلهم. والنتيجة انه حتى لو اقتنعت اسرائيل بأن عليها ان تزيد مرونتها في مسألة المستوطنات لمنع مواجهة مع الولايات المتحدة، فان عليها ان تتذكر ان الامر قد يصبح "منزلقا دحضا".

تواجه حكومة نتنياهو صعوبة مزدوجة. فمن جهة تقوم ادارة امريكية تؤمن، او على الاقل آمنت الى وقت قريب، بأنه يمكن ويجب تحويل مقود السياسة الخارجية الامريكية بمئة وثمانين درجة عن سياسة سلفها، بالرغم من أن الادارة لم تنجح الى الان تقريبا في أي مكان او قضية. لا في كوريا الشمالية، ولا في ايران وفي افغانستان ولا في روسيا. ما بقي اذا هو النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. فهم يعتقدون انه يمكن هنالك التوصل الى انجازات. واذا كان الامر مصحوبا بادارة كتف بارد الى اسرائيل بل بالتنكر لتفاهمات الادارة السابقة فليكن ذلك! على رغم انه ينبغي ان نذكر ان واشنطن من اجل معادلة ذلك تكرر على نحو دائم التزامها أمن اسرائيل. وينبغي ان نفترض انها صادقة في ذلك.

صعوبة حكومة اسرائيل الثانية هي أنه لا يوجد عند الفلسطينيين، في اثر السبيل البائسة التي سلكتها الحكومة السابقة، أي وعي ضئيل أن المصالحة طريق ثنائي الاتجاه. فمن يرد الاخذ يجب ان يعطي ايضا. لكن لنفترض للحظة ان يوجد مع الامريكيين حل على نحو ما لقضية البناء في المستوطنات. فماذا سيكون بعد ذلك اذا؟ ان واشنطن والقدس تتحدثان عن "تسوية اقليمية" – لكن ليس واضحا هل تقصدان المضمون نفسه حقا.

الحديث بالنسبة لاسرائيل مثلا عن حل مشكلة اللاجئين باندماج جزء منهم في البلدان التي يعيشون فيها منذ نحو ثلاثة اجيال وتعويض الاخرين تعويضا ماليا؛ ومن المحقق أنه سيطلب اعتراف باسرائيل على أنها دولة الشعب اليهودي – كما يفترض ان نعترف نحن بالدولة الفلسطينية على أنها دولة الشعب الفلسطيني.كذلك يجب أن توجد من جهتنا صيغة متفق عليها للدولة الفلسطينية التي ستقوم في المستقبل وتحديد سيادتها. يمكن الحديث ايضا عن "خطة مارشال" اقليمية، يكون التطوير الاقتصادي المعجل للمناطق الفلسطينية جزءا منها؛ وقد تثار ايضا فكرة حلف دفاع اقليمي – وينبغي التأكيد بطبيعة الامر لالتزام عربي منذ البدء لـ "انهاء النزاع". على اية حال تستطيع اسرائيل في اطار التسوية ايضا ان تزن اعطاء عدد من الدول العربية دورا في الاماكن المقدسة للمسلمين في القدس.

لكن من جهة الولايات المتحدة، يبدو ان للتسوية الاقليمية وجوها اخرى؛ فالامريكيون يتحدثون عن افضالات مثل ان يسمح لطائرات مدنية اسرائيلة بأن تطير فوق دول عربية، وعن افتتاح مفوضيات شبه دبلوماسية لاسرائيل في الدول العربية، ومفوضيات لها في اسرائيل وما اشبه ذلك.

في الحقيقة لا ينبغي الاستهانة بذلك، لكن يجب عدم تجاهل ان اسرائيل سيطلب اليها ان تتنازل تنازلات محددة ازاء تفضليات رمزية في اكثرها. بالمناسبة يتبين في هذه الاثناء ان الادارة لم تنجح في الحصول على موافقة السعودية التي هي الاسد او ربما الضبع في المجموعة، حتى على تلك التفضلات الرمزية. وذلك يجب ألا يفاجئنا في الحقيقة لان الوهابية السعودية يهمها مصير الفلسطينيين اقل مما يهمها الفرض الديني الذي يرفض أي حق في تقرير المصير الديني او القومي لجماعات عرقية غير عربية ومسلمة (في الشرق الاوسط فقط – يبدو أن دوائر سعودية تقف من وراء أحداث الشغب العرقية في الصين أيضا). ليس الخوف اذا من عدم وجود خطة للامريكيين، كما كتب في احدى الصحف، بل العكس: الخوف من أن يصوغوا خطة من غير أن تكون لاسرائيل مكاسب حقيقية في صياغتها.

يثار ايضا امكان عقد "مؤتمر سلام" اقليمي، لكن المضي الى مؤتمر من غير أن يكون لاسرائيل التزامات امريكية واضحة، كما حصلنا قبيل مؤتمر مدريد، قد يدخلنا مأزقا حرجا. لهذا يجب على رئيس الحكومة ان يتابع البحث عن سبل لتسوية الأمر مع واشنطن، لكن لا بأي شرط، حتى لو أفضى ذلك الى مصادمات مع أعضاء كنيست مبتدئين متحمسين للشهرة. يحسن أن يتذكروا ان أولئك الذين سلكوا لحينه سبيلا مشابها تجاه اسحاق شامير وبنيامين نتنياهو – أتوا بحماقتهم باليسار الى السلطة والنتائج معلومة.