أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المستمر يُحدث تغييرات جذرية في المشهد الجغرافي والديموغرافي للضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، محذرًا من أن الفلسطينيين باتوا محصورين في مناطق معزولة ومجزأة، مما يشكل تهديدًا وجوديًا لإمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة ومستقلة.
وجاءت هذه التصريحات على لسان سيغريد كاخ، منسقة الأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة، خلال إحاطتها لمجلس الأمن بشأن تنفيذ القرار 2334، الذي يدعو إسرائيل إلى الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكشفت كاخ أن إسرائيل واصلت أنشطتها الاستيطانية بوتيرة مرتفعة خلال الفترة بين 7 ديسمبر 2024 و13 مارس 2025، حيث تمت الموافقة على ما يقرب من 106,000 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بما في ذلك 4,920 وحدة في القدس الشرقية. في الوقت ذاته، هدمت سلطات الاحتلال أو استولت على 460 مبنى فلسطينيًا، مما أدى إلى نزوح 576 شخصًا، نصفهم من الأطفال.
وأشادت كاخ بالعاملين الإنسانيين في غزة، معربة عن حزنها العميق لمقتل أحد موظفي الأمم المتحدة في ضربة استهدفت موقعًا أمميًا، وأدت أيضًا إلى إصابة خمسة آخرين. كما أعربت عن قلقها البالغ إزاء استئناف الأعمال العدائية، التي أسفرت عن مقتل المئات، معظمهم من النساء والأطفال.
وجددت الأمم المتحدة دعوتها إلى استئناف المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مؤكدة أن استمرار عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ 2 مارس هو أمر غير مقبول.
وأعربت كاخ عن قلق الأمم المتحدة العميق إزاء تزايد أعمال العنف في الضفة الغربية، حيث تعرضت عدة مخيمات لاجئين لعمليات إخلاء قسري، ولا يزال السكان محرومين من حق العودة إلى ديارهم.
كما شددت على رفض الأمم المتحدة لأي وجود طويل الأمد لقوات الاحتلال في تلك المناطق، مؤكدة أن الأمين العام يدين جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك هجمات المستوطنين الإسرائيليين المدعومين من قوات الاحتلال.
وشدد غوتيريش على أن التهجير القسري للفلسطينيين يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، مجددًا التأكيد على ضرورة احترام الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس، مع مراعاة الدور التاريخي للأردن. كما شدد على أهمية استمرار عمل وكالة الأونروا، مشيرًا إلى أن التشريعات الوطنية لا يمكنها تغيير التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي.
ورحب غوتيريش بالجهود الإقليمية والدولية، بما في ذلك خطة إعادة إعمار غزة التي أقرتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا ضرورة التعامل مع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، كوحدة سياسية واقتصادية وإدارية واحدة.
واختتمت كاخ تصريحها بالتأكيد على ضرورة إنهاء الاحتلال في أسرع وقت ممكن، معتبرة أن تحقيق حل الدولتين القابل للحياة قد تأخر كثيرًا، وأن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات ملموسة لا رجعة فيها نحو تسوية سياسية عادلة ودائمة.