خبر كتب د.أحمد يوسف.. آفاق المصالحة الفلسطينية:ويبقى السؤال الأهم: هل إلى خروجٍ من سبيل؟

الساعة 03:54 م|13 يوليو 2009

بقلم/ د.أحمد يوسف

إن الوضع الفلسطيني الداخلي يطغى عليه اليوم ـ بشكل مخيف ـ مشهد القطيعة والانقسام، ولعل هذا هو أحد نقاط الضعف التي تستغلها إسرائيل للتهرب من التزاماتها الدولية تجاه عملية السلام، فالتباعد في العلاقة الفلسطينية - الفلسطينية سوف يكرس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيشكل تهديداً لمستقبل مشروعنا الوطني، ويعطي الذريعة لدولة الاحتلال لابتلاع كل المناطق الإستراتيجية حول القدس وباقي مدن الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل من فرص قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة أمراً مستبعداً أو شبه مستحيل.

 

ولذلك، فإن المخاطر والتهديدات التي تنتظر مستقبل القضية والوطن تستوجب منا جميعاً كفلسطينيين سواء كنا فصائل أو تنظيمات حركية أن نعمل على تغليب المصلحة الوطنية العليا، والتي تستدعي العمل على تحقيق وحدتنا الجغرافية والسياسية، واعتماد الأسلوب الديمقراطي للتداول السلمي على السلطة.

 

 إن استمرار حالة التشظي والقطيعة، وتمترس كل فصيل حول مواقفه السياسة معناه ضياع الوطن وتشرذم قواه السياسية والاجتماعية والحركية.

 

فتح وحماس: نبض الإجماع الوطني

برغم الصراع القائم بين فتح وحماس، فإن هاتين الحركتين تمثلان حقيقة نبض الإجماع الوطني، ولا يمكن لأي طرف أن يتجاهل الطرف الآخر.. وليس أمامنا من سبيل إلا أن نلتقي ونتوافق على أجندة وطنية نحدد من خلالها مسارنا الإستراتيجي في التعامل مع دولة الاحتلال ومع المجتمع الدولي الذي نأمل منه اتخاذ مواقف وسياسات عادلة تنهي الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، وتعجل بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة على كافة  الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

 

نقطة ضوء وملامح أمل

في سياق ما هو آت، فإن هناك جملة من النقاط التي أود الإشارة إليها بهدف تأثيث الذهنية الفلسطينية لتقبل تفاهمات يمكن أن يجتمع عليها الطرفان؛ فتح وحماس، وأن يكون لها بالغ الأثر في تسريع عملية الخروج من حالة التأزم والانسداد السياسي التي نمر بها، وتشمل التالي:

 

أولاً: تشكيل حكومة مهمات (AD Hook Government) بتوافق وطني وصلاحيات محددة، ويشمل برنامجها الشروع بعمليات إعادة الإعمار، والإعداد للانتخابات القادمة، والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية.

 

ثانياً: إصلاح المنظمة وإعادة هيكلتها بالشكل الذي يسمح لكل قطاعات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات أن تكون ممثلة فيها، وينبغي ألا تزيد حظوظ أي فصيل داخلها عن 50% .

 

ثالثاً: بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية ووطنية، وضرورة الاستعانة بالخبرات العربية.

 

رابعاً: استعادة الحياة والحيوية للمجلس التشريعي، واحترام خيارات الشعب الفلسطيني التي تعكسها العملية الانتخابية لنواب المجلس، والعمل على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في وقت واحد مع ضرورة توافق الكتل البرلمانية على طبيعة النظام الانتخابي (التمثيل النسبي، الدوائر) وكذلك عدد وشخصيات مرشحي الرئاسة.

 

خامساً: العمل على تحريك المجتمع الدولي ضد عمليات الضم والطرد والتهويد التي تجري في مدينة القدس، وفضح انتهاكات الاحتلال وممارساته القمعية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

سادساً: البرنامج السياسي لأية حكومة فلسطينية قادمة يجب ألا ينتقص أو يتناقض مع ما تمَّ التوافق عليه وطنياً.

 

سابعاً: تفعيل الارتباط بالعمق العربي والإسلامي، والابتعاد عن سياسة المحاور؛ فالقضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين، ونحن نمثل رأس الحربة في هذا الصراع.

 

ثامناً: حشد الدعم والتأييد الإقليمي والأممي لنصرة القضية عبر توظيف قدرات القوى الوطنية والإسلامية وفضاء علاقاتها الدولية.

 

تاسعاً: المقاومة ـ بكافة أشكالها ـ حق مشروع لشعبنا طالما أن الاحتلال جاثمٌ على أرضنا، ويجب أن يُحكم فعلها بالتوافق الوطني وحسابات المصلحة الوطنية العليا.

 

 وختاماً .. إن الوقت ليس في صالح أحد، لأن أوصال الوطن بعد أن تتشظى تبدأ سياسة فرض الوقائع على الأرض، وهذا سيجعل الجميع في محنة وحيرة عندما يتم الشروع في معالجة التداعيات.. ولقد أكدت حركة حماس مرارًا على أنها ملتزمة بكل ما وقّعت عليه؛ بدءًا من تفاهمات القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني إلى إعلان مكة الذي مهد الطريق للشراكة السياسية بين فتح وحماس، وأسس لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

 

إن هناك اليوم مناخات دولية أكثر تفهماً وتعاطفاً مع شعبنا وقضيتنا، وخاصة بعد العدوان الأخير على قطاع غزة.. إن علينا أن نستثمر فرصة هذا التعاطف العالمي بالظهور أمام العالم صفاً واحداً يقطع الطريق على حكومة نتنياهو وليبرمان اليمينية المتطرفة، والتي تحاول المماطلة والتهرب من استحقاقات "حل الدولتين" الذي أقرته اتفاقية أوسلو بدعم المجتمع الدولي وتأييده.