خبر جوجل تقصف ميكروسوفت بـ« كروم أو إس »

الساعة 03:06 م|11 يوليو 2009

صراع الجبابرة يحتدم.. وجولاته تتقارب وتتواتر

جوجل تقصف ميكروسوفت بـ"كروم أو إس"

هشام محمد

في تحد سافر لشركة مايكروسوفت التي يتربع نظام تشغيلها "ويندوز" على عرش أنظمة التشغيل في العالم شنت مؤسسة جوجل هجوما مباشرا عليها عندما وعدت الأخيرة المستخدمين بإطلاق نظام تشغيل جديد انتهت بالفعل من وضع نواته وتقوم على تطويره، بحيث يتم تدشينه في منتصف العام المقبل.

 

يعد هذا التطور غارة قوية في إطار سلسلة الهجمات المتبادلة بين الاثنين وحرب تكسير العظام الدائرة رحاها منذ فترة، واستعرت في السنوات الخمس الأخيرة، حتى وصفها البعض بأن جوجل أسقطت قنبلة نووية على مايكروسوفت.

 

فمن جهة يأتي هذا الإعلان قبل أشهر من إطلاق "مايكروسوفت" لأحدث نسخة من نظام التشغيل ويندوز، والتي يحمل الإصدار الخاص بها اسم ويندوز 7، ومن ناحية أخرى يعد ردا سريعا على محرك البحث "بينج" الذي أطلقته مايكروسوفت منذ أسابيع قليلة، وبشر أكثر المراقبين تفاؤلا أنه سوف يكون منافسا قويا لمحرك "جوجل" الأشهر، فيما رأى آخرون أنه ربما يسحب البساط من تحته، الأمر الذي يبدو ردا على جوجل التي تسير بخطى ثابتة ووثابة داخل مجال هيمنة مايكروسوفت التقليدي، وهو نظم التشغيل والبرامج المكتبية.

 

جوجل أوضحت أنها انتهت من وضع نظام التشغيل الخاص بها تأسيسا على متصفح الإنترنت "جوجل كروم أو إس" الذي سبق أن أطلقته قبل تسعة شهور ويحمل نفس الاسم، والنظام الجديد سوف يكون مناسبا في البداية لحواسيب الجيب من نوع "نت بوك"، وكذلك المحمولة قبل أن يصير أكثر شيوعا باستخدامه على الأجهزة الشخصية المكتبية، إذ تتمتع أجهزة نت بوك Netbooks بشعبية كبيرة نظرا لمبيعاتها الكبيرة التي تتسق وسعرها المنخفض نسبيا ويناسب أعدادا كبيرة من المستخدمين.

 

هزات متوقعة

ورغم أن الإعلان عن نظام التشغيل الجديد جاء في شكل تدوينة متواضعة على موقع مؤسسة جوجل على الإنترنت مساء الثلاثاء 7-7-2009 فإن الهزات المتوقعة في صناعة تكنولوجيا المعلومات أقل ما يمكن أن توصف به أنها سوف تكون دراماتيكية، فهو بالأساس يشكل تهديدا لمنافستها مايكروسوفت ونظامها التشغيلي "ويندوز"، وهي بالتأكيد ستكون الأكثر تضررا من جراء ذلك التطور.

 

فجوجل التي تدير أشهر محركات البحث على شبكة الإنترنت وتعتمد على تقديم خدماتها لمستخدمي الإنترنت دأبت في الآونة الأخيرة على توسيع أنشطتها في مجال البرامج المكتبية، مبتعدة بذلك عن الخط الذي رسمته لنفسها في البداية وهو توفير تطبيقات مناسبة للإنترنت، وهي من ثَم تمثل تحديا مباشرا وكبيرا لمجال عمل ونطاق نفوذ شركة مايكروسوفت عملاق صناعة البرمجيات وأكبرها على الإطلاق، والتي تستأثر بمعظم سوق نظم التشغيل لتسيطر في كثير من التقديرات على أكثر من 90% منها.

 

ويقول كل من سوندار بيشاي ولينوس أوبسون، وهما من كبار المصممين بجوجل، إن "جوجل كروم أو.إس" يطابق مفهوم نظام التشغيل الذي يرتكز حول الإنترنت ورؤية جوجل للحوسبة، حيث تقدم البرامج عبر الإنترنت على شكل خدمات ويب لتكون الأسلوب الأساسي في الاستخدامات العامة، وذلك بدلا من الاعتماد على تثبيت البرامج في الكمبيوتر، بل يتم تثبيتها في متصفح الإنترنت أو تشغيلها عبر مواقع الإنترنت.

 

يذكر أن جوجل كانت قد طورت نظام تشغيل للهواتف المحمولة بأسلوب المصادر المفتوحة اسمه أندرويد Android، واستطاعت بذلك لعب دور كبير في سوق نظم تشغيل أجهزة الجوال.

 

النظام الجديد

 ذكرت جوجل على موقعها الإلكتروني أن "كروم" سيحدث "ثورة" في طريقة تشغيل الكمبيوترات، إذ إنه أسرع من سابقيه وقادر على التعامل مع المواقع الإلكترونية بمرونة أكثر، وبينت جوجل ما ترمي إليه عندما قالت إن برنامجها الجديد يمثل نقلة في عالم أنظمة التشغيل، لاسيما والنظم السابقة كانت قد صممت قبل ربط الكمبيوترات بالشبكة العنكبوتية.

 

لذا يعد من أهم ما يميز نظام تشغيل "كروم أو إس" أنه مصمم ليكون سريعا وخفيفا في بدء تشغيله ليدخل على الإنترنت في غضون ثوان معدودة، فمستخدمو الإنترنت اليوم يريدون الدخول على البريد الإلكتروني E-Mail مباشرة دون الحاجة إلى انتظار بدء تشغيل جهاز الكمبيوتر ومتصفح الإنترنت، وهذا ما تعد به جوجل مستخدميها.

 

وأضافت جوجل أن "السرعة والبساطة والأمن هي العناصر الأساسية في نظام جوجل كروم أو. أس"، وأنه "مصمم ليكون سريعا وخفيفا في بدء تشغيله وليدخلك إلى الإنترنت في غضون ثوان معدودة"، وكما هو واضح ولا يحتاج لبيان ليست العبارة خالية من همز ولمز لنظام ويندوز الذي تنتجه شركة مايكروسوفت، والذي تعددت اختراقات الأجهزة في كل أرجاء الأرض بسبب كثرة الثغرات الأمنية فيه، وما فتئت مايكروسوفت تطلق رقعا وراء رقع حتى يتمكن المستخدمون من رتق متصفحها وترقيعه.

 

وقالت جوجل في بيانها الذي بثته على مدونتها على الإنترنت إن نظام التشغيل يعد "محاولة لإعادة التفكير في نظم التشغيل كما يجب أن تكون"، ووعدت المستخدمين بأن تكون شفرة (جوجل أو إس), على عكس ويندوز، متاحة للجميع في النصف الثاني من عام 2009 الحالي فيما يعد أكبر نكاية لميكروسوفت التي بنت هيمنتها وأسستها فيما يتعلق بنظم التشغيل على نظام شفرته غير مفتوحة المصدر خلافا لكروم أو إس "المخلص المنتظر".

 

إذن فأكبر مزايا "كروم"، بحسب الشركة، أنه يعتمد على تقنية "المصادر المفتوحة" التي تتيح للمبرمجين أن يعدلوا في شفرته بالطريقة التي تلائمهم، بحيث يتمكنون من إضافة أي برمجيات تطبيقية تناسبهم عليه، وهو الأمر غير المتاح على نظام "ويندوز" برأي الخبراء.

 

كذلك فمن خصائص البرنامج الجديد أنه يمكن المستخدمين من استعمال التقنية المعروفة باسم "الحوسبة السحابية "Cloud Computing، وهي تقنية تتيح المجال أمام عشاق البرمجة بتخزين المعلومات التي يبرمجونها على الإنترنت بدلا من أن يضعوها على كمبيوتراتهم الخاصة، مما قد يعرضها إلى الفيروسات وأضرار عديدة، بحسب الخبراء.

 

التداعيات والانعكاسات

بالنسبة لمايكروسوفت فمن المعلوم أن نظام التشغيل ويندوز XP يهيمن حاليا على أجهزة نت بوك، إذ فشلت الإصدارات الحالية من لينوكس في اجتذاب الأنظار إليها بسبب تعقيد واجهة الاستخدام وقلة التطبيقات والخدمات المتوافقة معها نسبيا.

 

أما نظام كروم أو إس فمن المحتوم أن إطلالته سوف تكون أفضل من الإصدارات الحالية لسببين، الأول هو خبرة جوجل الكبيرة في تطوير واجهات سهلة الاستخدام كما هو معروف عنها، والثاني هو توفر كم هائل من التطبيقات والخدمات التي ستتوافق بالتأكيد مع النظام لأن المنتج واحد، وبما أن هذه التطبيقات والخدمات مجانية كما هو حال نظام التشغيل كروم أو إس فإن ذلك سيوفر للشركات المطورة للكمبيوترات الصغيرة القدرة على خفض أسعار هذه الكمبيوترات والتخلي عن استخدام أنظمة ويندوز التي تساهم في ارتفاع أسعار الكمبيوترات الصغيرة، مما يعني تدهور حصة مايكروسوفت في سوق أنظمة التشغيل.

 

أما شركة إنتل التي تحظى بنصيب الأسد في مجال المعالجات فسوف تتأثر سلبا هي الأخرى لأن نظام كروم أو إس سيدعم كافة المعالجات، سواء تلك التي تعتمد على البنية X86 مثل معالجات Intel و AMD و VIA، أو حتى المعالجات من نوع ARM، والتي لا يتوفر لها دعم من قبل أنظمة ويندوز، الأمر الذي يشكل إغراء كبيرا للشركات التي ترغب باستخدام معالجات ARM ذات التكلفة المنخفضة القليلة في الكمبيوترات الصغيرة، مما يعني تدهور حصة إنتل من سوق المعالجات المخصصة للكمبيوترات الصغيرة، كما أن إنتل قد أعلنت منذ فترة قصيرة عن تطوير إصدار من لينوكس باسم موبلن أو إس Moblin OS، ولا شك أن جوجل هي أمهر وأفضل في تطوير البرامج من إنتل، مما يعني أن ظهور نظام كروم أو إس سيدفن مشروع إنتل لتطوير نظام تشغيل للكمبيوترات الصغيرة.

 

داحس والغبراء "الأمريكيتين"

كما هي الحرب الشهيرة التي دارت بين العرب واستطالت وعرفت باسم داحس والغبراء يبدو أن الصراع بين الجبابرة، فلا زالت جوجل تهاجم مباشرة ميكروسوفت، والأخيرة مشاكلها كثيرة أصلا وسمعتها ليست جيدة، وإن كان عرش مايكروسوفت مازال منصوبا إلا أنه اهتز كثيرا.

 

فقد شهدت الجولات بينهما تقدما لافتا لجوجل وعلو كعبها على مايكروسوفت ولا زالت ضرباتها تتوالي تترى، على فقر في رد مايكروسوفت.. صحيح أن الأخيرة لازالت تتربع على عرشها لكن الضربات الكثيرة يبدو أنها ستهوي بها في نهاية الأمر لا محالة.

 

ومنذ خمس سنوات استعرت هذه الحرب، ففي منتصف عام 2005 طرحت جوجل نسخة لبرنامج الجداول الإلكترنية، وهو منافس مباشر لبرنامج إكسيل الذي تنتجه مايكروسوفت ضمن حزمة أوفيس.

 

وكانت جوجل استحوذت في مارس 2005 على شركة رايتلي، وهي شركة صغيرة طورت معالجا للنصوص، والمثير والجديد آنذاك أنه يتم التعامل معهما بصورة كاملة عبر متصفح الإنترنت، مما يسحب من رصيد حزمة أوفيس ويخصم منها.

 

ومنذ ذلك الحين والجولات كثيرة بين الاثنين، وإن كانت جوجل دائما هي السباقة والمقدامة، ولعل الأيام القادمة تشهد التهابا أكثر وأوارا أعلى.

 

إن شركة تك كرنش الرائدة المتخصصة في تقنية المدونات وصفت الضرر الذي سيلحق بمايكروسوفت بشكل واضح، ووضعت له عنوانا ملخصا لآثاره عندما قالت إن جوجل ألقت قنبلة نووية على مايكروسوفت!