خبر قيادة من دون ضريبة قيمة إضافية .. يديعوت

الساعة 12:47 م|10 يوليو 2009

بقلم: ناحوم برنيع

رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن طبع على ورقة كرتونية اعلانا ملونا بحجم صفحة صحيفة وعليه من الجانبين اعلام 58 دولة. في المنتصف يبرز بحجم كبير علم فلسطين وعلم اسرائيل. ومن حولهما أعلام 56 دولة عربية واسلامية. عنوان الاعلان بالعربية والانجليزية هو "مبادرة السلام العربية: 57 دولة عربية واسلامية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل وتطبع العلاقات معها مقابل اتفاق سلام شامل وانهاء احتلال". في الجانب الاخر هناك ترجمة للمبادرة السعودية الصادرة عام 2002 التي تم تبنيها على يد المؤتمر الاسلامي في طهران.

نظرة عن قرب تظهر ان ايران هي احدى الدول التي تزين أعلامها ذلك الاعلان وكذلك السودان وسوريا. الاعلام جميلة ولكن الواقع اقل جمالا. هذا الاعلان يخدم ابو مازن مرتين: هو يوفر دعما عربيا شاملا واسلاميا شاملا للمفاوضات مع اسرائيل ويظهر المقابل الذي ينتظر الاسرائيليين في اخر الافق.

ليست هناك انباء اكثر احباطا واكثر ريبة واكثر ارتجاجا من الانباء الخاصة بالعملية السياسية. احيانا ما يتحرك لا يكون اكثر من ارتكاس شرطي مثل ذيل افعى قطع رأسها.

ان طرأ تغير فهو لم يحدث هنا وانما في واشنطن. اوباما اعطى الضوء الاخصر والعالم يوافق بعد ان كان جامدا منذ انابوليس ويستيقظ حيا. البريد الالكتروني يتفجر من كثرة اوراق العمل التي ينشرها المشاركون باختلافهم ومن الاقتراحات المطروحة على البحث والافكار الخلاقة. مبارك يتهامس مع بيرس. ميتشيل يتهامس مع باراك. نتنياهو يطل على هذه العملية بارتياب رجله تقفز على متن القطار بينما تلتصق الاخرى بالرصيف. ما الذي سيقرره يتساءل وزراء الحكومة بجزع. الى اين يتوجه رئيس الوزراء؟

ليس من المؤكد ان هذا هو السؤال الصحيح. الماضي يعلمنا بانه الى ان يصل رئيس الوزراء في اسرائيل الى قرار يقوم الاخرين باتخاذ هذا القرار بدلا عنه. اريئيل شارون شك دائما بان رئيس الولايات المتحدة يحاول ادخاله الى مسار الذبح الخاص بالابقار.

بامكان نتنياهو ان يسمي المسار الذي يسير فيه اوبامس (على وزن كورالس أي مسار ذبح الابقار).

نتنياهو ليس محتالا. صورة الماكر المخادع الذي الصقتها به البرامج الساخرة بعيدة عن الحقيقة. ولكن لديه ميل غير سليم بان يقول للناس ما يرغبون بسماعه. عندما يقول لوالده وفقا لمحادثة بثتها القناة الثانية في هذا الاسبوع بانه يقترح على العرب عروضا لن يكون بامكانها الا رفضها فهو يقصد ذلك، وعندما يقول لبيرس انه مستعد للمخاطرة بخوض خطوات بعيدة المدى فهو يقصد ذلك ايضا. لدى نتنياهو نوايا كثيرة ولكنه بلا اتجاه في الوقت الحاضر.

مع اللسان في الخارج

الكلمة المركزية هي الحساسية. ليست هناك حساسية ومبالاة بضائقة الضعفاء. وانما حساسية لصورة رئيس الوزراء. نتنياهو توصل الى استنتاج بان الاصرار على فرض ضريبة القيمة الاضافية على الفواكه والخضروات سيضره اكثر من ان يجديه نفعا. سيكون بامكانه ان يتغلب قريبا على معارضة شاس والعمل وبعد اعضاء الليكود – ليس هناك مكان يذهب اليه كل هؤلاء – ولكن في الشارع خصوصا في ضواحي الليكود سيقولوا انه بليد قاس ولا يهتم الا بالاثرياء. هذه الصورة قتلته في انتخابات 2003 عندما انتهى الامر بالليكود بـ 12 معقدا برلمانيا. تكفيه اخطاءه الجديدة، وهو لا يرغب بتكرار الاخطاء القديمة.

ما فعله لم يكن مختلفا جوهريا عما فعله رؤساء الورزاء من قبله: الغى القرار تاركا وزير ماليته مع اللسان في الخارج. رابين في ولايته الثانية خرج في زيارة لليابان وكوريا. انضم اليه في رحلته مجموعة من رجال الاعمال الذين اشتكوا من الضريبة التي كانت الحكومة ترغب بفرضها على البورصة. مديره العام شمعون شيبس أيده وما ان وصلوا الى طوكيو حتى قرر رابين الغاء الضريبة.

وزير المالية بايغا شوحاط الذي ترك في البلاد اتصل مع رابين وهو في طوكيو محاولا تغيير القرار. رابين وجد صعوبة في استخدام هاتفه النقال: في كل مرة كان شوحاط يتصل فيها كان رابين ينهي المكالمة ضاغطا على الزر الخطأ. في اخر المطاف لم يستقل شوحاط ولم تفرض ضريبة البورصة الا بعد سنوات وواصل رجال الاعمال جني المال قبل الضريبة وبعدها.

تسيبي لفني على قناعة بان تصرف نتنياهو في قضية القيمة الاضافية هو رأس كتلة الجليد الكبيرة. وكما التوى في ضريبة القيمة الاضافية هو يلتوي في قضايا حاسمة بالنسبة لبقاء الدولة. ليس من المؤكد انها محقة في هذه القضية. هذا القرار صغير على غضبها المقدس.

احد المسؤولين الضالعين في العملية نقل لي ما قالته معلمته بعد امتحان في الرياضيات: ليست النتيجة هي الهامة وانما الطريقة.

من تلقى اغلبية الضرر كان يوفال شتاينتس. ضمن مفهوم معين شتاينتس هو ضحية عامير بيرتس وابراهام هيرشزون. هاتان السابقتان تحولتا الى رمز وايقونة: بيرتس الذي تحول الى وزير للدفاع من دون أية خلفية سابقة الامر الذي انفجر كمشكلة قومية خلال حرب لبنان وهيرشزون الذي دخل الى وزارة المالية كمقرب لرئيس الوزراء. على هذه الخلفية يعتبر الاستقبال الذي حظي به شتاينتس صعبا.

هو تلقى الضربة الاولى عندما عين وتلقى ضربة عندما وافق على التنحي جانبا والسماح لاوري يوغيف بادارة المفاوضات مع الهستدروت حول صفقة الرزمة، والان يتلقى ضربة مع الغاء ضريبة القيمة الاضافية وهي الضربة الثالثة عدديا.

غداة تراجع شتاينتس وصل الى ديوانه في وزارة المالية. المسؤولون الذين جربوا الهزائم نظروا اليه آسفين بشفقة تقريبا. هو لا ينظر للمسألة مثلهم فقد كافح وصمد أمام الضغوط وأعد البنية التحتية السياسية وهو ليس مذنبا ان كان رئيس الوزراء قد تراجع عن موقفه. بالامس الاول كان جالسا مع نتنياهو في مقصف الكنيست وعندما قدموا لهم البطيخ قال: كنت افضل بطيخا دفعت ضريبة القيمة الاضافية عنه ومع ذلك أكل البطيخ الذي قدم له.

البيع ولكن ببطء

في البداية كان هناك نغم الخصخصة. نتنياهو تمسك به وكأنه أمر نزل من السماء. احدى الثروات الاكثر اغراء التي تبقت للخصخصة كانت الاراضي. 93 في المائة من اراضي اسرائيل في الخط الاخضر تعود للدولة. ليس فقط الجبال غير المأهولة بالسكان والاحراش والحقول بل اراض بلدية اقيمت فوقها مساكن وصناعات. هناك مليون شقة من بين المليوني شقة المأهولة في اسرائيل مبنية على اراضي الدولة. السكان يستأجرون الارض بعقود لـ 49 او 99 عاما. غالبيتهم على قناعة بأن هذه الاملاك تعود لهم الى ان يكتشفوا ان لديهم مالك وهو بيروقراطية ادارة اراضي اسرائيل.

لجنة الاقتصاد في الكنيست تعكف الان على اعداد قانون يتيح بيع الارض لسكانها. هذا قانون هام ذو آثار ايديولوجية واقتصادية. القانون المقترح الذي مررته الحكومة بالقراءة الاولى كان جارفا جدا وشبه منفلت. لجنة الاقتصاد تعكف الان على صيغة اكثر انضباطا. في هذه الصيغة اتفاق عام باعفاء ادارة اراضي اسرائيل من متابعة الاراضي البلدية المأهولة بالسكان. هذا الامر سيتيح تقليص ظاهرة السماسرة التي تفسد العلاقة بين المواطن والادارة. الاراضي الخالية لن تباع الا بوتيرة بطيئة ومضبوطة. لن يتيحوا لمقاول واحد احتكار الارض في المنطقة.

يارون بيبي مدير عام ادارة اراضي اسرائيل يتبنى مسودة القانون الجديد لحماس. "طالما انا اتعامل مع المستأجرين ليس لدي وقت للتركيز على الارض الخالية. القانون سيتيح لنا استغلال البنى التحتية القائمة بصورة جيدة" يقول بيبي.

أباء الدولة المؤسسين اعتقدوا بان الارض لا تباع. هذا كان ايضا اساس وجود مؤسسة الكيرن كييميت. هذه العبارة تحولت الى مبدأ خال من المضمون: الفرق بين البيع والاستئجار انعكس فقط بثقل البيروقراطية. الكيرن كييميت تعفنت وهي تستثمر اغلبية مدخولها من الاراضي على جهازها المتضخم وصرف الرواتب الضخمة. مدير عام واحد يستطيع ادارتها ومع ذلك يقف على رأسها رئيسين سياسيين مدفوعي الاجر وثلة من النواب. البيع مسموح ولكن رويدا رويدا بنظام وترو وتعقل.

مع ذلك القانون الجديد لن يتطرق الى تشويه صعب في سياسة الارض. الجميع يتفقون على ان الوقت قد حان لمنع او على الاقل تقليص البناء المتصل بالارض في وسط البلاد بصورة كبيرة، من حيفا حتى عسقلان. ليس هناك ما يكفي من الارض لبناء الفيلات للجميع. الجميع يتفقون على ذلك ولكن احد لا يتجرأ على اتخاذ القرار. نتنياهو في خطاب ايلات اشتكى من صعوبة الحصول على ترخيص لاغلاق شرفة في المنزل. ليست الشرفة هي المشكلة وانما الفيلا.

بهجة الانتقام

لا حاجة لان تكون اخصائيا نفسيا حتى تعرف ان الرحيل والجلاء ليس بالامر السعيد. ليس مهما كم ستدفع الدولة فمشاعر الاهانة ستبقى في النفوس. خصوصا ان للسياسيين في هذه المسألة مصلحة صارخة: اليمين يريد تحويل الجلاء القادم الى مسألة غير ممكنة وتكريس النكبة، واليسار بدوره يحاول تهدئة مشاعر الذنب عند دافعي الضرائب.

كان من الافضل الاتفاق على مبالغ تعويضية عادلة وفقا للمتلكات وحجم العائلة والاقدمية وحينئذ مضاعفة المبالغ ودفعها ومن ثم اغلاق البسطة. الغضب كان كبيرا ولكن الغضب كبير في كل الاحوال.

الدولة اختارت طريقا اخر اكثر تعقيدا ومرصوفا بالنوايا الطيبة. هناك بين المرحلين من عرفوا كيف يستغلون ذلك – الفوز بالامتيازات الكبيرة وكذلك الشعور ببهجة الانتقام. وهناك بينهم من نجحوا في انتزاع اراض من الدولة لفيلات بجانب سواحل الدولة الجميلة في البلمخيم ونفيه يام خلافا لكل منطق اقتصادي وهيكلي. اخرون طوروا اعتمادا غير سليم على الجهاز الحكومي.

تسفيا شمعون رئيس الهيئة الموكلة لقضية التعويض للمرحلين قام بجولة في عسقلان في هذا الاسبوع. تقدمت منه عضوة في لجنة المرحلين وقدمت شكوى مكتوبة. هي تريد رحلة لايلات لقضاء وقت من الراحة. المرحلون اختاروا فندقا معينا. الفندق باهظ جدا كما قالت سلطة تعويض المرحلين المطالبة بتمويل الرحلة. فلتكتفوا بفندق اخر. "انهم يلحقون الاذى باطفالنا" صرخت عضوة اللجنة.

نتيجة الخداع

عندما أوضح افيغدور ليبرمان انه لا يؤدي دوره في العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية بسبب تناقض في الامور – هو يقطن في مستوطنة معزولة والامريكيون يتحدثون عن تجميد المستوطنات – كان هناك من اخذ الامر على محمل الجد. احد البروفيسورات في القانون نشر تفسيرا للامر وتحدث عن المسموح وعن المحظور لوزير يشارك في عضوية كيبوتس وفي نفس الوقت يشارك في المداولات حول الحركة الكيبوتسية.

ولم ير المحللون الابتسامة الساخرة الماكرة في زاوية وجه افيغدور ليبرمان، ابتسامة تقول انتم ايها المؤسسة القديمة وايها المحامون والقضاة والصحافيون المفتخرون بانفسكم وبكلماتكم الجميلة ودراساتكم ونبشكم الدائم في فساد الاخرين، فلتروا انفسكم. ليبرمان هو برنامج هزلي يسير على قدمين.

ليست هناك ذرة في تناقض الامور بين البيت الذي يمتلكه ليبرمان في مستوطنة نوكديم بجانب بيت لحم، وبين عمله كوزير. ساري مريدور الذي كان حتى الاونة الاخيرة سفير لاسرائيل في واشنطن يقطن هو الاخر في مستوطنة خلف الجدار وهذا لم يمس بقدراته على التفاوض مع الامريكيين. ان اخذنا دعابة ليبرمان على محمل الجد فلن يكون بامكان نتنياهو التداول حول التسوية في القدس لان لديه بيت في المدينة ولا يمكن لباراك ان يتفاوض حول حق العودة لانه يقطن في ابراج اكيروف التي كانت ذات مرة قرية عربية اسمها جاموسين.

تناقض المصالح موجود في مكان آخر، في محاولة ليبرمان الناجحة للسيطرة على مجموعة من المناصب السياسية التي تتعلق بتطبيق القانون بدءا من وزارة الامن الداخلي ووزارة العدل ولجنة الدستور في الكنيست ولجنة انتخاب القضاة وعما قريب ايضا لجنة ايجاد المرشحين لمنصب المستشار القضائي الجديد للحكومة، هذا المسشار الذي سيقرر بصورة شبه مؤكدة تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان او عدم تقديمها.

القرار الاول قبل خطوة المساءلة سيتخذ من قبل ميني مازوز وسينشر قريبا. السحابة التي تحوم فوق رأس ليبرمان تتسبب باظهار جوانبه السيئة: هو أصبح معاديا في لقاءاتها العلنية واحيانا هزليا ساخرا. وخلال لقاءاته مع نظرائه الاجانب اصبح هجوميا. لا غرابة ان عددا كبيرا من حكومات الغرب قد اغلقت ابوابها في وجه.

احد الوزراء التقاه في هذا الاسبوع في الرواق. ليبرمان أظهر التكاسل. هو ذكر بسلوك آنا المربية الانجليزية في بلاط الملك سيام التي غنت في اوبريت "الملك وأنا" الاغنية التالية: "عندما اخاف – انصب رأسي وأصفر بعذوبة ورقة – حتى لا يشك احد بأنني خائفة".

هناك بيت قصيد آخر لهذه القصيدة: "نتيجة هذا الاحتيال – مهما كانت غريبة: عندما اخدع الاخرين اخاف من انني اقوم بخداع نفسي ايضا.