خبر بعد الخضار – البؤر الاستيطانية .. هآرتس

الساعة 12:45 م|10 يوليو 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

لو سأل بيبي طبيب نفسي، اذا كان له شخص كهذا، ماذا يمكنه أن يفعل كي لا يكون شعبيا جدا بالذات في الاسواق، لاوصاه بالاحرى: افرض ضريبة قيمة مضافة على الخضار. طريق ممتاز ايضا لاغضاب اصحاب البسطات واغاظة قليلي الوسائل الذين يملأون الاسواق. من رأى رد فعل تجار الخضار الفوري كان يمكنه أن يتدخل، بحيث لا يمر وقت حتى يذعر بيبي ويتراجع. يتراجع ويلقي بالتهمة على شتاينتس المسكين، الذي منذ عين لوزير مالية وهمي هناك انطباع بانه نزل في وزنه.

بيبي يبقى ذات بيبي: هو لا يصمد امام الضغط. فقد تابع بعينين تعبتين كيف اصبح ايلي يشاي وميري ريغف شعبيين بصفتهما حاميين للفقراء. شتاينتس، الذي تظاهر بانه هو وبيبي على ذات الرأي، التقط عدوى الغرور من رئيسه. في اثناء الخطاب الانفعالي لريغف بدا يسير نحو الخروج من قاعة الكنيست. ولسؤالها الاستفزازي، لماذا يغادر بينما هي تتحدث في موضوع ضريبة القيمة المضافة، اجاب: "انا جائع، اذهب لتناول الطعام". ليست ملصقة تشخيص النوبة القلبية مطلوبة للنواب، بل ملصقات ضد الغرور والتبجح. النهاية معروفة. بيبي ذعر وتراجع، ولكنه اقنع شتاينتس الذي شعر بالاهانة الا يستقيل. ليس لانه محكوما له، بل كي يثبت، على حد قول احد النواب، بان هناك خرقة اكبر منه.

بينما رئيس الوزراء ووزير الاستراتيجية الاقتصادية كانا غارقين في البندورة والخيار، دارت في نيويورك وفي لندن مفاوضات هادئة بين ايهود باراك والوسيط جورج ميتشيل، بموافقة رئيس الوزراء. ذات رئيس الوزراء الذي ادعى في حديثه مع الرئيس اوباما بان التزامات الرئيس بوش تلزم ادارته. وما نسي قوله هو، انه كانت لاسرائيل ايضا التزامات تجاه الرئيس بوش لم تتحقق. اخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، مثلا. الوزير بلا وزارة، اللواء احتياط يوسي بيلد، هدد "بالكف عن شراء السلاح من الولايات المتحدة". لم نسمع ان اوباما فقد الوعي لسماعه هذا الانذار الغبي.

رغم زلة لسان نائب الرئيس جورج بايدن، في أن من حقنا الدفاع عن انفسنا في ضوء التهديد الايراني فان ما قاله اوباما هو المقرر: باي حال من الاحوال لن يغطي ضوء اخضر لاسرائيل للعمل في ايران. هذه اللعبة لـ "امسكوني" هي مراهنة خطيرة. لن يخرج أي خير اذا ما جرت عملية لنا مئات الصواريخ على الجبهة الاسرائيلية الداخلية. قدرة صمود ايران اكبر بكثير منا، وغضب امريكا من عملية احادية الجانب من جانبنا هي تهديد اخطر من التهديد الايراني.

الحوار الجاري بيننا وبين الادارة من خلال باراك وميتشيل، والذي سيستمر الاسبوع القادم في اسرائيل، يرمي الى تحقيق "هدف مشترك لتحريك محادثات سلام مع السلطة الفلسطينية، سوريا ولبنان". في هذه المحادثات تبرز معطيات ليست موضع خلاف، وهي: ازالة 23 بؤرة استيطانية غير قانونية، والتي هي ايضا مصلحة اسرائيل كدولة تحافظ على القانون وكذا رسالة الى الامريكيين والفلسطينيين بان اسرائيل قادرة، حتى مع الحكومة الحالية، على اقتلاع هذه البؤر.

كل من يرى على الشاشة الصغيرة النماذج التي تستوطن هذه البؤر يفهم الاشكالية في اخلائها. فهم عنيفون ومن شأنهم ان يقاوموا بالقوة. إذ في نظرهم هذه ليست حربا في سبيل البيت، بل حرب في سبيل ارض اسرائيل الكاملة. اذا لم يحفظ عنصر المفاجأة، فمن شبه اليقين أن يتدفق الى هناك مئات المؤيدين. الاقتراح بالتوصل معهم الى اتفاق لنقل البؤر الى مناطق اخرى غير عملي. نقل بؤرة استيطانية غير قانونية الى مكان آخر مثلها كمثل نقل منظمة اجرام من مدينة الى مدينة اخرى. غير القانوني هو غير قانوني. 

اسرائيل ليست فقط ملزمة حسب خريطة الطريق، بل ألمحت للعالم بأسره بانها في مسار التخلي عن حلم ارض اسرائيل الكاملة. ازالة البؤر الاستيطانية هي اساسا رمزية، نسبة طفيفة جدا من مستوطني المناطق. الادارة كانت تفضل ان نزيل البؤر بالقوة – كي ننقل للفلسطينيين، الذين يعيشون في عالم من الاخيلة، رسالة بان اسرائيل جدية في نواياها.

بيبي وباراك سيبحثان بالطبع عن سبيل هادىء لاقتلاع البؤر الاستيطانية، ولكن مشكوك فيه أن يكون هذا الخيار واقعيا. المشكلة الاكثر تعقيدا هي مطلب التجميد المؤقت للبناء في المستوطنات. مضمون المحادثات، بما في ذلك الاقتراح بازالة 23 بؤرة استيطانية، بحث في لجنة الستة. النبأ عن اخلاء البؤر الاستيطانية تسرب من هناك، وليس من نيويورك او من لندن. ما يثبت انه لا توجد مؤشرات على تمرد داخلي في الحكومة في هذه النقطة. حتى ليبرمان لا ينزل السماء الى الارض في تفسير غريب، في أنه نفسه يسكن في المستوطنات. بيبي يبث حاليا ردود فعل ايجابية. ولكن في تأييد ضريبة القيمة المضافة على الخضار كان ايضا مصمما. السؤال هو في أي نقطة من الضغط الداخلي سيعود بيبي ليكون بيبي ويحطم الاوان.