خبر فعل للايراني الخير فقط -معاريف

الساعة 09:11 ص|09 يوليو 2009

بقلم: عاموس جلبوع

 (المضمون: بعد ثلاثة اسابيع، لم يعد أي ذكر للاضطرابات في طهران. آيات الله تعرفوا على معارضيهم وعلى عدم استعداد العالم لمقاتلتهم. ولهذا فانهم سيزدادون قوة - المصدر).

الان، ما أن ترسب الغبار الذي حام حول الانتخابات في ايران، بت اعتقد أنه يمكن القول انه لم تكن هناك محاولة انقلاب، ولا انتفاضة ضد النظام ولا شرخ حقيقي في اوساط النخبة الحاكمة. بالفعل كانت هناك اضطرابات على نطاق واسع لم يشهد لها مثيل في الماضي، وبرزت هناك ايضا التعارضات الداخلية القديمة في اوساط النخبة الحاكمة – ولكن ليس اكثر من ذلك. لم يقف الحكم ولو للحظة امام خطر حقيقي على وجوده. ما حصل امامنا، بشكل مكثف ودراماتيكي، هو مناورات اعلامية الكترونية للقرن الواحد والعشرين، ترافقها حملات تسويق حازمة للمجتمع الاستهلاكي الغربي.

وسأجسد قولي بصورتين. احدى الصورتين هي صورة رمز الثورة كما وصفت في وسائل الاعلام في العالم – وعندنا بالطبع ايضا – صورة نداء سلطان في لحظات موتها. فقد كانت تسافر مع صديقتها في سيارة، دخلت في أزمة سير، جهاز التكييف كان معطلا، فخرجتا كي تنظرا الى المتظاهرين وعندها اطلقت عليها رصاصة. نداء سقطت، والكاميرا ركزت عليها. بالفعل، القلب يتفطر، ولكن أي رمز يوجد هنا؟ أي تميز يوجد هنا؟ يحزنني، ولكن كل يوم نحن نرى صورا مشابهة على الشاشة لفتيات شابات سقطن ضحية حوادث طرق، او "حوادث عمل" لقتلة.

ومقابلها تأتي صورة اخرى. صورة الرسام الفرنسي يوجين دلكوريه التي تسمى "الحرية تقود الشعب"، التي رسمها في اعقاب صورة تموز 1830 في فرنسا واصبحت عمليا رمز الثورة الفرنسية ايضا. في وسط الصورة الرائعة تقف امرأة، مكشوفة الصدر. وهي تمسك بيدها اليسرى العلم ثلاثي اللون، وفي يدها اليمنى بندقية وهي تتصدر هجوم كل طبقات الشعب نحو المتاريس المغطاة باجساد قتلى المهاجرين. هذه لوحة تمثل الثورة، تجسد روح الثورة.

 

صورة موت نداء تجسد مأساة شخصية، ولكن ليس فيها شيء من الثورة. كل ثورة تحتاج الى أربعة عناصر على اساس الظروف المناسبة: زعيم، كادر مخلص ومتحمس من النشطاء، ايديولوجيا متعارضة مع الايديولوجيا السائدة وقدر كبير من التصميم والوحشية. شيء من هذا لم يكن في الاحداث الاخيرة في ايران. ربما في المستقبل البعيد سيكون.

 

وعليه، برأيي، مغلوط التقدير السائد بان نظام آيات الله في ايران ضعف، إذ دخلت ايران في فترة من انعدام الهدوء وان الامر سيؤثر سلبا على السياسة الخارجية الايرانية. بتقديري، النظام الايراني بالذات تعزز في اعقاب ما حصل، واولا وقبل كل شيء كشف كل المعارضين له، ودون ريب سيبدأ في تصفيتهم بالتدريج. وقد تبين له بانه باستثناء الكلام فان العالم "المتنور" غير مستعد لان يحرك ساكنا ضده. اذا كان تقديري سليما، فمعنى الامر اننا سنشهد نظاما ايرانيا اكثر تطرفا، اكثر وقاحة وتهديدا تجاه محيطه الخارجي.

على المستوى الاقليمي المعاني هي التالية: تصعيد الدعم لحماس وحزب الله. عمليا، الايرانيون سيعملون لمنع كل امكانية نجاح مباحثات المصالحة بين حماس وابو مازن بقيادة مصر. في لبنان سيدعمون بشكل اكثر حزما مطلب حزب الله تلقي حق فيتو في حكومة الحريري التي توشك على التشكل، وسوريا ستقف هنا الى يمينهم. على المستوى الدولي، فرص الحوار المنشود بين اوباما الليبرالي وبين المتزمتين المفعمين بالثقة في ايران متدنية. وفي كل الاحوال، اذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تتصدى بنجاح ما لايران، فانها ملزمة بان تفعل ذلك في ظل التعاون مع روسيا. وعليه، ثمة اهمية عليا من ناحية دولة اسرائيل لنتائج زيارة اوباما الى موسكو هذه الايام.