خبر عبد الله الشاعر يكتب : تعالوا نقبّل وجنة الفقر

الساعة 08:57 ص|09 يوليو 2009

تعالوا نقبّل وجنة الفقر

بقلم : عبد الله الشاعر

بي وجع الغزالة بين أنياب العراء.. والنار تلهث في المياه الهادئة .. أغفت بأعيننا حكاية جرحنا.. وها نحن ننصب في العراء خيامنا.. ومنذ عقود والأوجاع تمشي خلفنا وأمامنا.. وحادي الموت يحدونا .. علي أكتافنا أوجاع من رحلوا.. وآمال من ثبتوا.. وفي القلب ثقل الوصايا الجارحة.

في الأسبوع الفائت قرأت في "القدس العربي" وفي "الشرق الأوسط "وغيرها عدة مقالات تتحدث عن عجز مالي خانق تعانيه حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين يكاد يشل أطرافها!!

على رسلك أيها الشيخ فقديما قال الحكماء: رب ضارة نافعة.. ومن بعد قال الشاعر:

 

     أصون عرضي بمالي لا أدنسه            لا بارك الله بعد العرض بالمال

 

فليتك يا شيخ تدري كم هي نعمة الفقر في زمن ينغمس فيه الآخرون  بالمال ليدفعوا من مصداقيتهم ومن ضمائر فاتورة الغني والولاء.

ليتك تدري كم مرة استخدم المال مغطسا ينزل فيه الشريف ليخرج معمّدا بالنفاق ومؤلفا بالسياسة وخاليا من القيم.

يا سيدي أنا لست في كوكب بعيد عن هموم الناس وحاجتهم، وأدرك جيدا معادلة النفط في بيئة صحراوية لا شيء فيها سوي الهجير.. وأدرك أننا نعيش صراعا لا متسع فيه للفقراء ولكن عليك أن تتذكر كلما أنشبت الحاجة أنيابها أن فقر جيبك هو سر استعصائك.. سر العبقرية التي ذهب المال ببريقها.. وحلاوة إل (لا) في زمن النعم المشفوعة بالذل وطأطأة المواقف، والميوعة التي تنعدم معها كل الملامح.

 

اليوم يمضي بنا العمر وقد بلغت قلة ذات اليد تمامها .. فتذكرت مقولة لرجل من أنصار رسول الله – صلي الله عليه وسلم – وقد طغي المال السياسي على حياة الناس، فأمتاز الصدق من النفاق، وعاش الأطهار في فقر مدقع، فقال: تخضمون ونقضم والموعد لله، فنصيبنا من الطعام كل ما قسا وعافته النفس، وانتم تنعمون بكل طري ولذيذ.

 

اليوم تغني على أضلاعنا جوقة من رماح.. وهنا وطن تستفيق الجراح به على طبق من أقداح.. فتعال نقتل وجنة الفقر الأبيّ ليولد في شفاهما الصباح.

 

هذي الأرض لا يروي حكاية حزنها سوي صبر جهادي، وفقر عن المال يترقع... فتيةٌ نراهم في ضمير الشمس وهم أفق.. وأطهار تحت ظل السيف تغفو .. فيا فقرنا، فدتك الخافقات وهنّ نزف ودونك كل ما نهواه حتف. الآن نبصر خلف ما يأتي البصر.. فيا ساقي الغيم، يا من يصلي حوله السعف. إن لنا أمة في زمان الروم تائهة نام المماليك عنها وهي ترتجف.

 

يا أيها الجاثمون على أكبادنا قرحاً من عهد عاد إلى أن تنشر الصحف

يخجلني، والله يخجلني، من على أصنام المال السياسي يعتكف.

فالفقر ملح الدمع.. أوجاع الأسيّ، والتحنان والشغف.

فيا أيها الفقر، نحن رباط الأرض مذ خلقت لا ميل ولا كشفُ.

وأن سماء المجد بكل نجومها على أكتاف دمائنا تقفُ.

يا أيها الفقر، لو حفنة الماء بالمن نرشفها متنا عطاشا ولا حزنّ ولا أسف.

مع اعتذاري للشاعر ففي زمن الأسي لا ملكية خاصة للأحزان.