خبر اليسار ذهب للبحر- هآرتس

الساعة 08:53 ص|08 يوليو 2009

 

 

بقلم: الوف بن

 (المضمون: اليسار الاسرائيلي خائف من اتهامه بانعدام الوطنية ولذلك ترك اوباما وحده في مواجهة اليمين - المصدر).

المطلب الامريكي من اسرائيل بتجميد البناء في المستوطنات ينطوي على مضيعة كبيرة. الرئيس براك اوباما واعوانه لم ينجحوا في اثارة جدل داخلي في اسرائيل حول المستوطنات ولم يشكلوا تحديا سياسيا او شعبيا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مواجهة اصراره على الاستمرار في "النمو الطبيعي" فيما وراء الخط الاخضر.

استطلاع "هآرتس – غالوب" الجاري يوم الجمعة الاخير اظهر ان الجمهور منقسم حول الجسم بين البناء في المناطق او صداقة اوباما. ومع ذلك لم يقف اي سياسي في اسرائيل في مواجهة نتنياهو مطالبا اياه بقول نعم لاوباما وتجميد المستوطنات لا تسيبي لفني وكاديما اللذين فوتوا فرصة مناكفة رئيس الوزراء بسبب ازمة العلاقات مع امريكا. ولا يولي تامير ومتمردي العمل الذين كان بمقدورهم اظهار ايهود باراك "كعميل" للمستوطنين. حتى ميرتس التي تحاول اعادة بناء نفسها لم ترفع راية الكفاح التي مدها لها اوباما.

خلال النقاش في الكنيست قبل اسبوع هاجم عدد من اعضاء الكنيست من المعارضة نتنياهو بسبب الخلل في العلاقات مع الولايات المتحدة. الا ان احدا منهما بما فيهم اعضاء الكنيست العرب لم يدعوه لقبول مطلب اوباما.

صمت اليسار مذهل ان تذكرنا الازمة السابقة في العلاقة مع الولايات المتحدة في عهد بوش الاب. في حينه طالب حزب العمل شامير بقول "نعم" لبيكر وعندما رفض ذلك فكك حكومة الوحدة. وبعد ذلك بعامين ايد اليسار الامريكيين الذين اشترطوا اعطاء الضمانات المالية لدعم المهاجرين الجدد. بتجميد الاستيطان. والآن؟ لا شيء. اليسار يبدو وكأنه يقول دعوا بيبي واوباما يتخاصمان ونحن سنذهب للبحر.

ما الذي حدث؟ اولا اوباما لم يحاول التوجه للجمهور في اسرائيل واقناعه بأن تجميد المستوطنات سيكون خطوة هامة ستساعد في تحقيق السلام ومستقبل افضل. اوباما تحدث الى العرب والمسلمين ولكن ليس للاسرائيليين. تجاهله عزز الخوف في اسرائيل بعدم وجود صديق في البيت الابيض وان الرئيس هو "حسين" المؤيد للعرب والذي يتعرض لنتنياهو. محاولة الادارة الامريكية الحمقاء نفي وجود تفاهمات بين بوش واسرائيل حول البناء في المستوطنات عززت هذا الانطباع. كان من الممكن اتهام اسرائيل بتجميد وعودها او التوضيح بأن السياسة قد تغيرت وتفسير السببل ولكن ليس اللجوء للكذب.

ثانيا اغلبية الاسرائيليين لا تزور المستوطنات ولا تعرف اين هي وما الذي يبنى هناك. المطلع على التفاصيل يعرف ان البناء يتمحور في معاليه ادوميم وبيتار عيليت وموديعين عيليت وجبعات زئيف – اي "الكتل" الاستيطانية – وانها مخصصة بالاساس للاصوليين اي لحل المشاكل الاجتماعية والسياسية وليس "لوضع العراقيل" امام عملية السلام. من المريح للعلمانيين تحديدا ان يقطن الاصوليون في مناطق بعيدة عن الانظار.

ثالثا رام عمانويل الاستراتيجي في ادارة اوباما في مجال العلاقات مع اسرائيل لاءم سياسة الادارة مع الوضع السياسي في الكونغرس بهدف اخضاع اللوبي اليهودي. هو عرف انه لا يوجد هناك تأييد "للنمو الطبيعي" في المستوطنات وان الضغط على نتنياهو من خلال مطلب التجميد سيكون سهلا ويتركه من دون حليف في واشنطن. ولكن عمانويل تجاهل الساحة السياسية في اسرائيل ويبدو ان الادارة تفتقد "للأعين والآذان" في القدس. تعيين دينس روس في البيت الابيض مؤخرا الى جانب الرئيس خبيرا في السياسة الاسرائيلية.

رابعا اوباما لم يحصل على اي مقابل من الفلسطينيين والدول العربية واصراره تجميد الاستيطان قيد محمود عباس في موقف الرافض لاجراء المفاوضات مع نتنياهو. في ظل هذا الوضع يصعب على اليسار الاسرائيلي اتهام الحكومة بهدم فرص السلام المحتملة.

خامسا كلما مر الوقت بدى ان مطلب ايقاف البناء في المستوطنات يهدف الى اظهار الابتعاد عن اسرائيل كوسيلة لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي. اوباما ابتز من نتنياهو تأييد "الدولتين لشعبين" وكان بامكانه الاكتفاء بذلك كاساس للعملية السياسية. ولكنه حول تجميد المستوطنات الى مسألة كرامة وكل تنازل امريكي ولو حتى عن هيكل مبنى سيفسر كتراجع رئاسي عن الموقف. عندها يكون الجدل حول الطرف الأقوى وليس حول جوهر المسألة. سيتهم من يدعو نتنياهو بالخضوع لاوباما. بانعدام الوطنية واليسار الاسرائيلي لا يريد التورط في هذه الزاوية