خبر الاستطلاعات في الساحة الفلسطينية.. ومن يدفع للزمار .. ياسر الزعاترة

الساعة 10:41 ص|07 يوليو 2009

بقلم: ياسر الزعاترة

بين أسبوع وآخر يخرج علينا أحد مراكز الدراسات في الضفة الغربية باستطلاع رأي حول الوضع الفلسطيني يتضمن أسئلة معينة للجمهور تتعلق غالبا بتطورات المرحلة الأخيرة، إضافة إلى سؤال تقليدي حول التنظيم أو الفصيل الذي يحظى بالتأييد، وقد يضاف إليها سؤال حول أسماء معينة يمكن أن يجري اختيارها لهذا المنصب أو ذاك.

هذه الظاهرة ليست جديدة على الساحة الفلسطينية، فهي موجودة قبل نشوء سلطة أوسلو، لكنها تفاقمت بعد ذلك، ومعها مؤسسات العون الأجنبي التي تهتم بقضايا إشكالية في المجتمع الفلسطيني مثل قضايا المرأة والعنف والأطفال والدين، فضلا عن العمل الاجتماعي والخيري والحركات السياسية، لا سيما الإسلامية منها.

ينشط في هذا المضمار عدد كبير من الناس، لكن أغلبهم من خريجي الفصائل الفلسطينية، وغالبا اليسارية، وهؤلاء يتواصلون مع مؤسسات العون الأجنبي الأوروبية والأمريكية، والغربية بشكل عام، ويأخذون تمويلات لدراسات ونشاطات يصرفون جزءًا منها، بينما يخصصون الباقي لأنفسهم.

في رام الله على سبيل المثال، باعتبارها عاصمة السلطة، والمدينة الأكثر "حداثة" في الضفة الغربية، عدد كبير من تلك المراكز، إضافة إلى عدد أقل في مدن أخرى، ونعلم أن من السذاجة بمكان النظر إلى تمويل هذه المراكز على أنها صدقات أو هبات هدفها تطوير المجتمع الفلسطيني ومساعدته على مواجهة الاحتلال، ولو كانت كذلك لصنفت في خانة تمويل الإرهاب، لكنها في الغالب تفعل العكس، أكان مباشرة أم على المدى الطويل، فيما سيتوفر من بين أعمالها لغاية التسويق بعض العناوين التي تخدم المجتمع بالفعل.

يحدث ذلك في دول كثيرة، لكن المجتمع الفلسطيني مستهدف أكثر من سواه، والسبب أن خدمة البرنامج الصهيوني تبقى مسألة يتسابق في مضمارها كثيرون في العالم أجمع، لا سيما أن الصهاينة يتغلغلون في الكثير من المواقع الغربية، ويمكنهم توجيهها لحساب مصالح دولتهم الأم.

في حالة المراكز التي تجري الاستطلاعات ينهض بعد آخر يتعلق بتمويل محلي، إضافة إلى الخوف من سلطة "معسكرة" يسيطر الأمن عليها، بدليل التعاطي المرعوب لوسائل الإعلام مع الوضع في الضفة لجهة الموقف من حماس وعملية السحق التي تتعرض لها.

من هنا تأتي نتائج الاستطلاعات المذكورة، باستثناء حالات نادرة، ربما لأغراض البحث عن المصداقية بين حين وآخر، تأتي في صالح السلطة وطروحاتها، والأهم حركة فتح، مقابل نتائج بائسة لحركة حماس وبرنامجها (أحد مساعدي ياسر عرفات قال لنا في تونس عام 91 إن لهم استطلاعاتهم الخاصة لشعبية الفصائل غير تلك التي تنشرها مراكز الدراسات).

واللافت أن النتائج المذكورة هي ذاتها التي كانت تخرج قبل عام 2006 عشية انتخابات المجلس التشريعي، إذ راوحت حصة حماس في حدود العشرين في المئة، بينما راوح رقم فتح في حدود الأربعين في المئة، وهو ما يتكرر هذه الأيام مع فارق محدود في النسب لا يغير من المسافة بين التنظيمين.

نتذكر بالطبع أن نتيجة انتخابات 2006 (القائمة النسبية وليس الدوائر) جاءت في حدود 45 في المئة لحماس مقابل أقل من 42 في المئة لفتح، ولا ندري لماذا يشذّ الموقف هذه المرة؟ وهنا سيسأل شطار كثر عن سبب رفض حماس الانتخابات، والإجابة هي لماذا يحق لطرف أن يرفض نتيجة لم تعجبه، ثم يقرر تغيير نظام انتخاب كان أقرّه بنفسه من دون أخذ رأي المجلس التشريعي في الاعتبار، خلافا لكل الأعراف في الدنيا، وإذا مر القانون الجديد، فأي عاقل في الأرض يمكن أن يصدق أن الانتخابات الجديدة ستكون نزيهة مثل سابقتها، بينما ندرك أن العالم كله سيتواطأ على تزويرها، ولا تسأل بعد ذلك عن سؤال ماذا لو فازت حماس، هل سيفك الحصار وتتنازل قيادة السلطة عن صلاحياتها في الضفة، أم سيتكرر المسلسل السابق من جديد؟،.

ليس هذا موضوعنا، ولكننا نتحدث عن قصة الاستطلاعات المبرمجة، والأجندات التي تشتغل عليها بعض المراكز، وتخفيها بشعارات براقة لا تنطلي على العقلاء. يقول المثل الإنجليزي الشهير "من يدفع للزمار يطلب اللحن الذي يريد".