عقب انتهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، فجر الأربعاء الماضي، أي منذ 7 أيام يصل الكثير من المواطنين ليلهم بنهارهم في البحث عن مسكن أوشقة للإيجار، عوضاً عن بيوتهم التي دمرها الاحتلال في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في جنوب لبنان، في ظل الغلاء الكبير في أسعار الشقق وطمع المستأجرين، وقلة عدد الشقق والمساكن المتوفرة مقابل الطلب عليها، فكل هذه العوامل جعلت من مهمة بحث اللبنانيين عن مسكن كمن "يبحث عن إبرة في كومة قش".
أحد أصحاب شركات العقارات في لبنان، خالد ترمس، قال: "مع أولى ساعات سريان اتفاق وقف إطلاق النار، صبيحة الأربعاء الماضي، بدأت تردنا الاتصالات من طالبي منازل للإيجار في الضاحية وخلدة وعرمون وصور والنبطية، تجاوزت الـ 600 اتصال، مقابل عرض البعض منازلهم للإيجار والبحث عن شقق في عاليه والشوف وغيرها من المناطق الآمنة مع تجدد التوترات جنوباً، ولرغبة البعض في البقاء بعيداً عن ضجيج ورش إعادة الإعمار".
الطلب يفوق العرض
ويقول ترمس: "إن الطلب على إيجار الشقق والمساكن يفوق العرض بأشواط، بحيث نؤمن مستأجراً لأيّ شقة بعد عرضها للإيجار بدقائق، وفي أيّ وقت، موضحاً أنه تم عرض شقة للإيجار في السان تيريز عند الثامنة مساءً، فحضر المستأجر بعد ساعتين ودفع إيجارها". وفق قوله.
من ناحيته قال أحد سماسرة البيوت في بلدة النبطية: "أننا لا نلحق تلبية الطلبات على منازل للإيجار، إذ تردنا اتصالات في كل لحظة من سكان المنطقة أو أبناء القرى الحدودية الذين خسروا منازلهم ويعرفون أن عودة الحياة إلى طبيعتها في قراهم لن تكون قريبة".
أسعار خيالية
وبحسب العديد من السماسرة والمواطنين في بيروت ومناطق جنوب لبنان "فإن بدلات الإيجار المعقولة نادرة جداً، والسائد هو البدلات المضخمة، مثل عرض شقة مفروشة في الكفاءات من غرفتين مقابل ألف دولار، وبشرط تسديد 3 أشهر سلفاً، وأخرى في الغبيري مقابل 1200 دولار، وفي الجناح من سبع غرف مقابل 1500 دولار، وفي معركة (صور) شقة غير مفروشة بـ 600 دولار، وأخرى مفروشة في الحوش (صور) مقابل 1200 دولار".
أشار الكثير من المواطنين إلى "أنه حتى في الأماكن الشعبية كالأوزاعي تقارب الإيجارات الـ 400 دولار، فيما إيجار غرفتين في برج البراجنة يصل إلى 350 دولاراً، عدا الشروط التعجيزية مثل اشتراط تسديد 6 أشهر سلفاً، وشهر عمولة لإيجار شقة في السان تيريز مقابل ألف دولار". ويضيف ترمس بقوله إلى أن ذلك يعود إلى «طمع أصحاب الشقق بالتعويضات ببدلات إيجار سنوية سيحصل عليها المتضررون دفعة واحدة".
وتابع صاحب شركة العقارات: "ارتفاع في أسعار الشقق بين 50 و70%، فالشقق التي كانت تؤجر بـ 200 دولار في حيّ السلّم صارت بـ 300، وفي المشرفية ارتفعت البدلات من 400 إلى 750 دولاراً، والأمر نفسه في النبطية حيث كانت الإيجارات في تول تقارب 150دولاراً، وتقارب اليوم 500 دولار". وفق قوله.
وفي الإطار، لا زالت تبحث المواطنة "ليليان" منذ أسبوع عن منزل للإيجار، قائلة: "الأسعار الخيالية التي تبدأ بـ 700 دولار لشقق من 4 - 5 غرف غير مفروشة، وتقع في مناطق منكوبة، مثل محيط مستشفى بهمن حيث وجدت شقة للإيجار بـ 800 دولار وأخرى في بئر العبد بـ 900 دولار".
"بحث عن إبرة في كومة قش"
ومن ناحيته، يبحث علي عن منزل في النبطية قائلاً: "أبحث عن منزل كمن يبحث عن إبرة في كوم قش، فالشقق نادرة جداً والمتوفرة لا يقل إيجارها عن 500 دولار لغير المفروشة و700 دولار للمفروشة، وهذا لا يتناسب مع قدرتي الشرائية".
وفي ظل هذا الوضع المأساوي، يتناقل المستأجرون معاناتهم مع أصحاب الشقق، بين من طلب منه صاحب الملك استعادة الشقة لتأجيرها بسعر أعلى، وآخر طلب بعد وقف إطلاق النار رفع بدل الإيجار.
ورغم الشروط التعجيزية من أصحاب السكن، فلا يتردّد الباحثون في استئجار منازل غير مناسبة في مواصفاتها والمنطقة وبدل الإيجار، حتى إن هناك من استأجر شقة متضررة وتكفل بترميمها؛ لخوفهم من خسارتها.
بدء عمل لجان الأضرار
وفي السياق، بدأت لجان الكشف على الأضرار التابعة لحزب الله عملها في مختلف المناطق، على أن يبدأ قريباً جداً دفع بدلات إيواء وبدلات أثاث للمتضررين ريثما تتم إعادة إعمار ممتلكاتهم.
وبدوره، قال رئيس بلدية برج البراجنة، عاطف منصور: "اللجان بدأت عملها ووزعت فرق المهندسين على 11 مربعاً في برج البراجنة لإنجاز العمل بالسرعة الممكنة".
وأوضح منصور بقوله: "الأضرار كبيرة، وفترة الكشف لن تنتهي في يوم أو اثنين».
وكانت قد نشرت بلدية البرج جدولاً بتفاصيل التعويضات التي "ستبدأ ببدلات إيجار تساوي 6 آلاف دولار سنوياً عن الشقق التي تقيم فيها العائلات بشكل أساسي، سواء كانوا مالكين أو مستأجرين قدامى، أما المستأجرون الجدد فسيحصلون على 2000 دولار لمرة واحدة، على أن يحصل جميع المتضررين عن سكنهم الأساسي على 8 آلاف دولار بدل أثاث".
وبحسب البلدية: "لن يحصل المتضررون في منزلهم الثانوي على بدل إيجار، كما سيصرف بدل الأثاث لهم لاحقاً".
وفي السياق، وضعت اللجان آلية للتعويض عن المنازل المتضررة جزئياً بعدما قسّمتها "ما بين منازل تحتاج إلى ترميم لمدة تتراوح بين 3 و5 أشهر (2000 دولار)، و7 و9 أشهر (4000$)".
وقالت لجان التعويض: "فيما يخصّ الترميم العادي المتعلق بالأبواب والشبابيك والزجاج وغيرها، يمكن لأصحاب الشقق مباشرة التصليح بعد زيارة المهندسين وإعداد تقارير المسح، على أن يحتفظوا بالفواتير ليصار إلى صرفها لاحقاً وفق جدول أسعار محدد من الجهات المعنية".
ويُشار إلى أنه ستتكفل شركة وعد بإعادة إعمار المنازل المهدمة كلياً أو جزئياً، بحسب التعميم. وطبعاً، ستنسحب هذه التفاصيل على التعويضات عن الأضرار في بيروت، فيما تتحدث المعلومات عن تراجع بدلات الإيجار عن الشقق المتضررة خارج بيروت إلى 4 آلاف دولار سنوياً مع المحافظة على صرف 8 آلاف دولار بدل أثاث.
المصدر: الأخبار اللبنانية