خبر هل يُسْتَثْنى « المهادنون » من جهاد إسرائيل؟ ..صبحي مجاهد - شريف عبد المنعم

الساعة 08:27 ص|06 يوليو 2009

هل يُسْتَثْنى "المهادنون" من جهاد إسرائيل؟ ..

صبحي مجاهد - شريف عبد المنعم

ـ إسلام أون لاين 5/7/2009

 نقلت صحيفة المصري اليوم عن الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قوله إن استرداد فلسطين من المحتل الإسرائيلي يقع على الفلسطينيين أولا، فإذا عجزوا انتقلت المسئولية إلى جيرانهم الأقرب فالأقرب، حتى تعم المسلمين كافة، و"قد يستثنى من ذلك" البلاد التي عقدت اتفاقيات مع إسرائيل، "فتعد بالنسبة إليها دار هدنة أو موادعة"، لكنه فضل في النهاية ألا تتجزأ القضية ويهب المسلمين كافة لنصرة فلسطين.

وتباينت آراء عدد من علماء الأزهر حول هذه القضية، فبينما رأى البعض أن الجهاد فرض عين على كافة المسلمين حتى استرجاع فلسطين، رأى البعض الآخر أن فرضية الجهاد تتوجه في البداية إلى أهل البلد التي سلبت أرضها، وأنه يجوز أن يستثنى بالفعل من فريضة تحرير فلسطين الدول التي وقعت معاهدات مع إسرائيل؛ لأن المعاهدات أمر تقره الشريعة الإسلامية.

وفي الحلقة الأخيرة من استعراضها لكتابه "فقه الجهاد.. دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة"، والتي نشرتها الصحيفة اليوم الأحد 5-7-2009،  قال د. القرضاوي إنه "فرض على المسلمين أن يستردوا هذه القطعة (فلسطين) ويعيدوها إلى أهلها، وتقع الفريضة على أهل فلسطين أولا، فإذا عجزوا انتقلت الفريضة إلى جيرانهم الأقرب فالأقرب، حتى يشمل المسلمين كافة".

وأضاف أن "الواجب على المسلمين اليوم الجهاد لتحرير فلسطين بالتضامن وهم مسئولون أمام الله وأمام التاريخ والأجيال عن ذلك، وقد يستثنى من ذلك البلاد التي عقدت اتفاقيات مع إسرائيل فتعد بالنسبة إليها دار هدنة أو موادعة".

لكنه استدرك بالقول: "وإن كنا نرى أن القضية لا تتجزأ، ولا يسوغ فيها الاتفاق المنفرد أو الصلح المنفرد؛ لأنه يعود على القضية الكلية بالضرر"، مشيرا إلى ضرورة أن يتوحد المسلمون كافة للدفاع عن فلسطين وتحريرها.

"لا هدنة ولا تجزئة"

من جانبه، أكد الشيخ على أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا إنه "لا توجد هدنة مع إسرائيل وإن وجدت فهي مؤقتة لا يسقط معها الجهاد من أجل تحرير القدس وفلسطين".

وقال أبو الحسن لـ "إسلام أون لاين.نت": "الذي أجمع عليه الفقهاء قديما أن العدو إذا أغتصب شبرا من أرض المسلمين أصبح الجهاد فريضة على جميع المسلمين فرض عين لا كفاية، ولا يصح تجاه ذلك عقد اتفاقيات دائمة قبل الاتفاق على استرجاع الأرض المغتصبة".

وشدد على أن "الذي نعرفه أن الهدنة تعقد ما بين طرفين متحاربين وهذا جائز في شريعة الإسلام ووارد في تاريخ سياسة المسلمين الأوائل وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عقد الهدنة بينه وبين أعدائه، لكن كما ذهب إليه الفقهاء قديما لا بد أن تكون مقيدة ومحددة، ولا تكون مطلقة".

وأضاف أن إسرائيل "لا يمكن أن تكون دار هدنة وهي تقتل الفلسطينيين، وتصر على اغتصاب حقوقهم؛ لذا وجب على الجميع مساعدة الفلسطينيين، ولا يستثنى من ذلك أحد خاصة وأن إسرائيل مغتصبة لمقدسات وأرض المسلمين".

وبدوره، رأى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أنه "لا تصح تجزئة القضية الفلسطينية لأنها قضية المسلمين".

وأوضح أن "الفقهاء عليهم أن يقولوا رأيهم بشأن قضية فلسطين دون النظر لمسائل سياسية، فلا نجزئ الحكم وفق اتفاقيات سلام؛ لأن الأمر متعلق بنص فقهي متفق عليه، لكن في الوقت نفسه يترك للساسة تقدير الأمور".

وأكد د.كريمة أنه "من المتعارف عليه عدم تداخل السلطات.. للفقيه دوره وللسياسي دوره، حيث إن قضية فلسطين قضية دينية وسياسية، فللفقيه أن يدلي بالرأي الديني دون أن يقحم نفسه في السياسة والسياسي كذلك".

واستطرد "لقد قرر الفقهاء أن الجهاد يكون فرض عين إذا استصرخ المسلمون المسلمين الذين بجوارهم أو إذا عجزوا عن دفع العدوان، وهنا يصير الجهاد فرض عين بشروطه من إذن ولي الأمر؛ لأنه أدرى بالمؤسسات المعنية ذات العلاقة ولأنه أدرى بالمصلحة والقدرة على القتال".

أما فيما يتعلق بمسألة الاتفاقيات، "فهي محل نظر؛ لأنه يجب أن تبذل الجهود سواء العسكرية أو السياسية، فإذا أمكن الحل العسكري وفق ضوابط منضبطة فعلى بركة الله، وإن رأى ولاة الأمور الحل الدبلوماسي عن طريق اتفاقات وهدنة ومصالحة فعلى بركة الله".

"الاتفاقيات ملزمة"

وعلى جانب آخر، رأى الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، أنه "لا يوجد خلاف بين الفقهاء على أن تحرير فلسطين يبدأ بأهلها، ثم جيرانهم من المسلمين الأقرب فالأقرب".

وأوضح د.عثمان أنه "يستثنى بالفعل من فريضة تحرير فلسطين الدول التي وقعت معاهدات مع إسرائيل؛ لأن المعاهدات أمر تقره الشريعة الإسلامية، ويجب احترامها".

وأردف "وإن كنا نطالب بأن تتوحد الدول الإسلامية في تطبيق معاهدات السلام، بدلا من أن تقرها دول بشكل منفرد".

أما الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر فأكد أن "الاتفاقيات بشكل عام ملزمة لأصحابها، فلا يمكن لمجتمع مسلم عقد اتفاقية أن ينقضها، وبالتالي لا يصح الجهاد العسكري تجاه طرف عقدنا معه اتفاقية سلام".

وأوضح أن الجهاد في سبيل الله تعالى "منوط بإذن ولي الأمر الذي يقدر الإمكانيات، حيث إن رب العزة قال (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)".

وأشار إلى أنه "إذا كان هناك مجتمع من المجتمعات له استقلاليته وقام بعقد اتفاقيات، فبالتالي يلتزم المجتمع الذي أقام الاتفاقيات بشروط ومعايير الاتفاقية، والرسول يشير إلى أن المؤمنين على شروطهم".

وشدد على أن الإسلام أمر الناس "بالتعاون والحوار إلا إذا اعتدي على مجتمع من مجتمعات أخرى فعليه أن يجاهد".

من جانبه اتفق د.عبد الفتاح إدريس، رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر مع الرأي السابق قائلاً: إن "عقد الهدنة أمر معترف به شرعًا، ويعتبر استثناء من فريضة الجهاد".

وأوضح أن الفريضة "تقع بالفعل على أهل فلسطين أولا، فإن عجزوا عن ذلك تقع على من يليهم جوارا من المسلمين، وهو ما اتفق عليه كافة فقهاء السلف، حيث إن فريضة الجهاد تتوجه في البداية إلى أهل البلد التي سلبت أرضها".

غير أن د.إدريس أشار في الوقت نفسه إلى أن قضية فلسطين بالفعل "لا تتجزأ ولا يسوغ فيها الاتفاق أو الصلح المنفرد، حيث إن المسلمين كلهم جسد واحد، والفقهاء لا ينظرون إلى الدول الإسلامية على وضعها الحالي؛ لأن عملية التقسيم الإقليمي القائمة الآن لا وجود لها في الإسلام، وعليه فإن الدول الإسلامية عليها التوحد بشأن معاهدات السلام"، بحسب رأيه.

ووقعت كل من مصر والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل عامي 1979 و1994 على الترتيب بموجبها يلتزم الطرفان بعدم الدخول في حرب مع الدولة العبرية إلا إذا اعتدت عليهما، ومن جهة أخرى، تواصل إسرائيل سياستها العدوانية تجاه الفلسطينيين وتسلب مزيدا من أراضيهم.

وشنت دولة الاحتلال حربًا على قطاع غزة استمرت منذ 27 ديسمبر 2008 وحتى 18 يناير الماضي، وأودت بحياة أكثر من 1400 فلسطيني، ولا تزال سوريا ولبنان في حالة حرب رسمية مع إسرائيل فيما لا توجد علاقات رسمية حاليًّا بين تل أبيب وباقي الدول العربية خاصة بعد إغلاق مكاتب التمثيل التجارية الإسرائيلية في بعض الدول العربية بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.