خبر كان بن غوريونيا .. معاريف

الساعة 08:27 ص|06 يوليو 2009

بقلم: يونتان شمئور

بيبي انتقل الى الطرف الاخر. الليكوديون المذهلون يواسون انفسهم بان هذه خطوات تكتيكية لعبقري. مستوطنو القبعة الدينية غاضبون يلبسونه الكوفية على الرأس هذا لم يعد مهما. بيبي نتنياهو، أحد أكثر رؤساء الوزراء اثارة للتشويق عندنا، غير الاستراتيجية.

كل من يصل الى ديوان رئيس الوزراء ويجلس على الكرسي الذي سيشيخه بوتيرة عقد لكل سنة لمواطن عادي، ملزم بالاختيار: اما استراتيجية دافيد بن غوريون، او استراتيجية شمعون بيرس نقطة المنطلق لهاتين الاستراتيجيتين مشابهة: العرب لا يريدوننا هنا. لا ينبغي للمرء ان يكون كيسينجر كي يفهم الجغرافية النفسية للشرق الاوسط كل من يتخيل نفسه في مكان العربي من المحيط، يصل فورا الى ذات الاستنتاج. اسرائيل، في نظره، مختلفة، غريبة، محتلة، ناجحة، ومتعالية. فلتختنق. من اجل التصدي لهذا الواقع الحزين، بن غوريون طور الاستراتيجية الأمنية والسياسية لاسرائيل. علينا ان نكون أقوياء جدا، وهكذا نمنعهم من الانتصار في ميدان المعركة. هذا كل شيء. هذه هي الاستراتيجية. منها تنشأ السياسة، الميزانية، الجيش، الاحتياط وطرائق القتال.

المشكلة مع هذه الاستراتيجية هي فيما ليس فيها. النصر. اسرائيل لم تعتزم ابدا، لم تخطط ولم تتدرب كي تخضع العرب. النجاة من الجولة – نعم. أما الاخضاع – فلا. هي لا تستطيع. حتى الان، هذه الاستراتيجية نجحت على نحو لا بأس به. ولكن رويدا رويدا، من حملة أصبنا فيها الى حرب خرجنا منها أحياء، تطورت استراتيجية بديلة. شمعون بيرس هو ممثلها الاعلى، ولكنه لم يخترعها. الاستراتيجية ولدت من مراجعة كتب التاريخ والنظر الى المباريات الرياضية. كل من شاهد نادل او فدرر يخسران لاحد ما أسوء منهما ناله يوم حظ، يعرف هذا. اذا كان لخصمك عددا لا حصر له من الفرص للنصر، ففي النهاية هذا سيحصل ايضا. وذات يوم ستخسر.

استراتيجية بيرس تسمى، باللغة الشعبية، "سياسة السلام". مؤيدوها قد يكونوا يسوقونها للجماهير بالشعارات عن الحمص في دمشق والنوادي الليلية في بيروت، ولكن قصدهم الحقيقي مغاير. الهدف هو كم أفواه العرب الذين يهتفون "الموت لليهود" بأوراق طبعت عليها الاتفاقات. هذا هو كل ما هو مطلوب. اذا كان الزعيم لا يتحدث عن ابادة اسرائيل، فلن يكون هناك من يقيم جيشا ينطلق الى الحرب، او يهدد بجدية وجودنا. لا يوجد أي معنى للافكار الكامنة. للارادات العميقة. لاماني النفس ولا حتى للفتوة الدينية.

يكاد لا يكون هناك اسرائيلي لا يسره أن يسمع بأن كل عرب فلسطين قرروا، كرجل واحد، النهوض ذات يوم والهجرة الى أبو ظبي. من الصعب ايجاد عربي لا يصفق لمشهد قوافل اليهود المندفعة الى المطار للهجرة الى الولايات المتحدة التي وافقت على توطينهم جميعهم هناك. ماذا اذا. الاتفاقات وليس الهذيان، هي التي تنتج الواقع. بيبي هجر استراتيجية القلعة لبن غوريون، وذهب الى شمعون بيرس. هو فقط بعد الدرس الاول. وهو يفهم منذ الان بان الاتفاقات هي الطريق المفضل، ولكنه لا يزال لا يعرف كيف يمكن عمل ذلك. عندما يهمس عربي لك "نعم" انت لا تطالبه بأن يقف على قدم واحدة ويهتف بذلك من السطح مائة مرة. أنت تمسكه بكلمته. هذا يحاصر الخصم في حروب السلام. لا بأس. بيرس يسكن فقط على مسافة شارعين من بيبي. وهو لا بد سيتعلم.