خبر محكمة العدل او بن غوريون .. هآرتس

الساعة 08:24 ص|06 يوليو 2009

بقلم: أمير أورن

قرار محكمة العدل العليا بصدد العقيد عمري بوربرغ، قائد الكتيبة من نعلين هو علامة فارقة هامة في الرقابة المدنية المفروضة على الجيش. نتيجة هذا القرار طيبة ومطلوبة: ضربة لوعي كل رئيس هيئة اركان ونائب عام عسكري رئيسي، بأن للقوة حدودها. ولكن قرار محكمة العدل العليا بقضية بوربرغ مزين بعبارات لا تليق بمحكمة العدل العليا الى جانب التعليلات المقنعة.

الامر الاكثر اثارة للغضب من بين كل الاشياء هو "تدنيس اسم الرب" كما تطرق اليه القاضي الياكيم روبنشتاين. من حق كل مواطن ان يعبد ربه في بيته الخاص او ان يكفر بوجوده. ومن المحظور على نفس المنوال على القاضي الرسمي ان يفرض عقيدته او رأيه على العلمانيين او على باقي المؤمنين الاخرين بالله واسقاط الجدار المشرع اصلا من خلال ذلك بين الدين والدولة في اسرائيل.

بالاضافة الى العقيدة الشخصية التي تسعى لالزام الاخر من خلال قوة المنصب، يسجد روبنشتاين – ويضم اليه رفيقه في هيئة المحكمة القاضي حنان ملتسار – لدافيد بن غوريون ايضا. الاقتباسات عن بن غوريون هي كليشيهات تنطوي في هذه المرة على غمزة للمحامي العسكري المدافع عن بوربرغ العميد ايهود بن اليعازر ابن حفيد بن غوريون.

روبنشتاين يرتكز على العبارة المدونة في غرفة مداولات هيئة الاركان وفي القواعد العسكرية: "لتعرف كل ام عبرية انها قد اودعت مصير ابنها بيد قادة جديرين بذلك". هو يتجاهل الظروف المستوجبة: "ان عبر القادة عن الثقة وعن التمسك بالرسالة والحب لجنودهم – فان هذه الام ستعرف ذلك فعلا" الخ. روبنشتاين وكأنه محلل أو خطيب في ذكرى وفاة بن غوريون يقول أن "عيوننا التي ترى خطا متواصلا منهجيا طوال فترة خدمته كرئيس للوزراء ووزير للدفاع – رسالة الاخلاقيات والقائد النموذجي والجودة والنجاح المرتبطين بذلك. هذه الامور حسب رأي تشكل بنية تحتية قومية لروح الجيش الاسرائيلي وعليها ان تكون نبراسا يهتدي به القائد والجندي اليوم كما كان في الماضي".

قرارات روبنشتاين هذه لا ترتكز على الحقائق وانما على الاساطير، وكأنه قائد يوناني يعتمد في قراراته على حكايات زيوس في اولمبيك. سعي بن غوريون المعلن نحو الحقيقة والاستقامة طبق بصورة انتقائية جدا. كان هناك من عوقبوا بصرامة عن كل مظهر صغير من مظاهر الانحراف عن الطريق القويم وكان هناك محببون على بن غوريون وعلى رأسهم موشيه ديان المحبوب على قلب روبنشتاين وبطل اللصوص من الدجاج حتى الاثار القديمة، ناهيك عن مخالفات بين الانسان وزوج صديقته في ظل عين بن غوريون المغمضة. سيكون من الممكن في سياق جلسة محكمة العدل العليا القادمة ايجاد عبارات منافقة حول ضرورة انصياع الاخرين للتعليمات رغم انه هو نفسه خارق للانضباط بصورة منهجية في أيام خدمته كضابط وكرئيس لهيئة الاركان.

ولكن بما ان القضاة اجتمعوا للتداول في قضية ضابط تسببت اوامره المبهمة للجندي الخاضع لامرته باطلاق نار من اجل التخويف على ارجل فلسطيني مقيد اليدين، فان الامر المهم لدى روبنشتاين هو معاملة الجيش الاسرائيلي لاعدائه. هنا كما يزعم الربط بين تدنيس اسم الرب وبين بن غوريون. كما قال أحد الحاخامات وفقا لما أورده روبنشتاين: "الامور الشاذة والقاسية من قبلنا نحو اعدائنا حتى وان رمت الى منع الحاق الضرر بنا قد تكون سببا لتدنيس اسم الرب".

روبنشتاين الذي يخدم طوال 45 عاما متواصلة في الجهاز الامني والسياسي والقضائي ويعرف كل ما حدث في هذه البلاد قبل ذلك يذكر بالتأكيد معاملة بن غوريون المتسامحة مع مداني الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود في قضية مذبحة كفر قاسم. وهذا هو الجزء المكشوف فقط. لم يسجل رد فعل ما من بن غوريون على حادثة قتل اسرى ومدنيين مصريين في عملية كاديش بقيادة اريك شارون ورفائيل ايتان من المظليين رغم انهم تحدثوا عن ذلك بانفسهم. بن غوريون هذا ان كان يعرف عموما ما يحدث تحت انفه في الجيش الاسرائيلي بقيادة ديان او باقي الجنرالات الخمس الذين خدموا في عهده لم يصب بالصدمة ولم يعاقب ويأمر بارسال كل جندي مبتدىء ومقاتل لدورة توجيهية تربوية ولم يسع للقضاء على هذا الوباء (ولا حتى دفع الجنود لاحترام كرامة الانسان).

موقع بن غوريون ليس في محكمة العدل العليا. من الافضل تركه لحاله وعدم زجه في قرار بوربرغ. الشاعر نتان الترمان الذي كان قد عارض جرائم الحرب بدوره نظر هو الاخر لارض اسرائيل الكاملة الاحتلالية من دون تحمل لمسؤولية النتائج المترتبة على ذلك.