خبر ياسر الزعاترة يكتب : لماذا تقف فصائل اليسار في مربع السلطة ؟

الساعة 08:58 م|05 يوليو 2009

لماذا تقف فصائل اليسار في مربع السلطة ؟

ياسر الزعاترة

في سياق ما يجري في الضفة الغربية من عملية اقتلاع لحركة حماس، تبدت على نحو أكثر وضوحا مواقف فصائل اليسار من الوضع في الساحة الفلسطينية، لاسيما النزاع الدائر بين السلطة وحركة حماس، وليس بين حركتي حماس وفتح، لأن هذه الأخيرة تم استيعابها في مؤسسات السلطة، ومن رفضوا ذلك يغردون بلا جدوى خارج السرب. نقول ذلك لأن ربط استهداف المجاهدين وبرنامج المقاومة بالانقسام ليس صحيحا بحال، بدليل أننا إزاء سلطة تعلن ليل نهار التزامها بخريطة الطريق التي ينص البند الأول منها على "وقف العنف والتحريض".

ليس من العسير القول إن مواقف قوى اليسار وعلى رأسها الجبهتين الشعبية والديمقراطية كانت معظم الوقت منحازة لطرف السلطة، وقد تجلى ذلك على نحو أكثر وضوحا في مسلسل حوارات القاهرة، وحيث يصعب إيجاد أي فرق بينها وبين الوفد الذي يمثل حركة فتح نظريا والسلطة عمليا، اللهم باستثناء مواقف هامشية لا تقدم ولا تؤخر في مسيرة الحوار.

 

نتذكر هنا أن الجبهتين كانتا ضد أوسلو، ولكنهما انخرطتا عمليا في مؤسساته، وعاد الأمين العام للجبهة (أبو علي مصطفى) إلى الداخل قبل أن يغتاله الإسرائيليون إثر مشاركة الجبهة في الفعاليات العسكرية أثناء انتفاضة الأقصى، فيما آثر نايف حواتمة البقاء في الخارج، وهي خطوة ذكية في واقع الحال، لأنها تركته يصول ويجول ويطلق التصريحات، بينما لم يكن بالإمكان ضمان مصيره في الداخل، أقله من زاوية الحصول على بطاقات الفي آي بي التي يحصل عليها قادة السلطة، وهي بطاقات يعرف الجميع ثمنها السياسي.

 

اليوم تقف الجبهتان على صعيد واحد إلى جانب السلطة. وبينما يغرد أحد قادة الشعبية في دمشق (ماهر الطاهر) خارج السرب، يعمل قادتها في الداخل مع السلطة في ظل غياب الأمين العام أحمد سعادات داخل السجن، وبعد تحول عبد الرحيم ملوح الى جانب السلطة تأكيدا على تمثيلها لفصائل منظمة التحرير، وبالطبع بعد أن خرج من السجن في واحد من الحوافز التي قدمها الإسرائيليون للسلطة كي تواصل التزامها ببنود خريطة الطريق.

 

لا يعرف بالطبع كيف يكون الموقف على هذا النحو، وكيف يجيب قادة الجبهتين عن سؤال المستقبل، مستقبل القضية في ظل واقع السلطة والعقيدة التي تعمل على أساسها أجهزتها الأمنية، وفي ظل الإصرار على ما يسمونه هم أنفسهم المفاوضات العبثية.

 

لنفترض أن حماس أخطأت بمشاركتها في انتخابات أوسلو، وهي كذلك من وجهة نظرنا على الأقل، لكنهم (أعني قوى اليسار) ارتكبوا ذات الخطأ من قبل، والفارق أن حماس لم تنكس راية المقاومة، وهي نفذت عملية الوهم المتبدد بعد شهور من فوزها في الانتخابات، والتي كلفتها ثمنا باهظا، لا سيما في الضفة باعتقال جميع نوابها، ثم ها هي تسمح للجبهتين بأجنحة عسكرية في قطاع غزة (دعك من حجم مساهمتها في الواقع).

 

عندما يعمل هؤلاء حثيثا على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات، وفي ظل وضوح سافر في البرنامج السياسي للطرف الذي يتحالفون معه، وعندما يتواطئون مع مطالبة السلطة لحماس بالاعتراف بشروط الرباعية، عندما يفعلون كل ذلك، فهل يمكن تفسير ذلك بغير العداء الأيديولوجي (ليس اليساري بالضرورة)، إلى جانب المصالح الشخصية؟.

 

يبقى القول إن حصة جميع قوى اليسار في الساحة الشعبية (بحسب القائمة النسبية) هي في حدود 7 في المئة (4 منها للشعبية)، حتى لو مثلت في الحوارات ثقلا بانحيازها الكامل لفريق دون فريق، لكن الخلاصة الواقعية أننا إزاء قوىً يتبخر مددها الشعبي، وهي تقترب من النهاية أكثر فأكثر بسبب بؤس المواقف وتناقضها وضآلة الدور