مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المرتقبة إلى رئاسة الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل، تتزايد التساؤلات بشأن تأثير هذه العودة على مسار الصراع العربي الإسرائيلي، خصوصاً في ظل استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، في ظل تصاعد المطالب الدولية بوقف إطلاق النار.
وفي الإطار، أكد مصدر قيادي في حركة حماس بقوله: "لا تعوّل الحركة كثيراً على تبدّل الإدارات الأميركية، مؤكداً أن السياسات الأميركية تجاه "إسرائيل" ثابتة ولا تتغير جوهرياً بتغير الحزب الحاكم".
وقال المصدر، الذي طلب ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "الإدارة الأميركية، جمهورية أو ديمقراطية، تظل منحازة بشكل كامل لإسرائيل، ولا يمكن أن تتخذ أي موقف يتعارض مع رغبات تل أبيب".
وأوضح المصدر في حماس، أن "هذا ما شاهدناه في مواقف الإدارات السابقة، بما في ذلك خلال حرب غزة الحالية، وقبلها في كثير من المواقف السياسية على مدار الصراع، وبالتالي فإن أميركا سواء كانت بإدارة جمهورية أو ديمقراطية، فكلاهما في دعم إسرائيل واحد، ولا يمكن أن يقف إلى جانب الفلسطيني حتى لو في هذه الحرب الدموية التي باتت غير مقبولة من العالم كلّه".
كما شدّد المصدر على أن الحركة "تراهن بشكل أساسي على صمود الشعب الفلسطيني، والدعم العربي والإسلامي، لردع محاولات الاحتلال لفرض مخططاته تحت ستار الحرب".
حماس: مستعدون لاتفاق بهذا الشكل
وكان قيادي كبير في حركة حماس قال، لـ"وكالة فرانس برس": "إن الحركة "مستعدة" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وتدعو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى "الضغط" على إسرائيل".
وفي ذات السياق، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، إن الحركة "مستعدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في حال قُدّم عرض يقضي بوقف إطلاق النار على أن يلتزم به الاحتلال"،
وأضاف نعيم: "نطالب الإدارة الأميركية والرئيس المنتخب ترامب إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف حرب غزة والعدوان على القطاع والمنطقة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني".
من ناحيتها اعتبرت مديرة برنامج مصر في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، ميريت مبروك، "أن إدارة ترامب كانت وستظل الأقرب إلى إسرائيل".
وقالت مبروك في تصريحات صحفية لـ"العربي الجديد": "(رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعظم اليمين الإسرائيلي كانوا ينتظرون عودة ترامب بفارغ الصبر". مضيفةً "ترامب هو الرئيس الذي نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهو معروف بمرونته تجاه السياسات الإسرائيلية".
هذا ما يسعى له اليمين الإسرائيلي
وتابعت "إسرائيل قد تستغل علاقة ترامب الوثيقة مع صهره ومستشاره السابق جاريد كوشنر لممارسة ضغوط إضافية على الدول المجاورة مثل مصر والأردن، واليمين الإسرائيلي يعمل على ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مصر، وسكّان الضفة الغربية إلى الأردن، في محاولة لحلّ القضية الفلسطينية وفق رؤيتهم".
وتوقعت مبروك بقوله: "مصر لن ترضخ للضغوط الإسرائيلية، خصوصاً في ما يتعلق بفتح حدودها للاجئين الفلسطينيين، معتقدةً أن هذه القضية قد تؤدي إلى توتر بين الإدارة المصرية وإدارة ترامب إذا ما تصاعدت الضغوط". وفق قولها.
ولفتت إلى أن "مصر ترفض استقبال اللاجئين من غزة، وكذلك الأردن، مشددةً على أن هذا الرفض "قد يؤدي إلى حساسية في العلاقات المصرية الأميركية، ولكن القاهرة متمسّكة بموقفها ولن تقدم تنازلات تؤدي إلى تغيير ديمغرافي في المنطقة". وفق مبروك.
لا قرار سحري لوقف الحرب
من جانبه، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، حسين هريدي، في حديث لـ"العربي الجديد": "وصول ترامب إلى الرئاسة الأميركية قد يعزّز فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان أولاً، ومن ثم توسيع هذا الاتفاق ليشمل قطاع غزة".
ورأى هريدي بقوله "يبدو أن توجه ترامب نحو إيقاف التصعيد بشكل تدريجي قد يكون مدخلاً منطقياً لتهدئة الأوضاع في المنطقة، من خلال تطبيق مبادرات ترتكز على مناطق بعينها أولاً".
من ناحيته، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، "أن مجرد رغبة ترامب في وقف الحرب لا تكفي وحدها للوصول إلى سلام فعلي، مضيفاً "قد تكون حرب غزة شبه منتهية ميدانياً، ولكن الاحتلال لا يزال يقوم بعمليات مستمرة تستهدف ما يصفه بخلايا حماس". وفق قوله.
واعتقد بأن "ترامب قد يسعى للضغط على جميع الأطراف من دون تقديم وساطة فعلية، ما قد يشكل ضغطًا أكبر على المقاومة الفلسطينية والدول العربية، خصوصاً إذا اقترن ذلك باتفاقيات تتضمن اعترافاً أميركياً بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية". بحسبه.
وقال فايد: "أي تسوية مستقبلية ستكون معقدة وقد تشمل ترتيبات لإعادة الإعمار، والتي تتطلب دعماً مالياً إقليمياً".
وأضاف: "عودة ترامب قد تُثير تحركات دبلوماسية أو سياسية بشأن الأزمة في غزة، لكنه استبعد أن تكون لدى ترامب القدرة على وقف الحرب بمجرد إصدار قرار، موضحاً أن مصطلح "وقف الحرب" يبدو غير واضح، خصوصاً أن حرب غزة من الناحية الميدانية شبه منتهية". وفق قوله.
وأردف: "ما يجري حالياً في شمال غزة يمكن للاحتلال الإسرائيلي أن يؤطره كعمليات لملاحقة خلايا حماس، وهي عمليات يُتوقع أن تستمر حتى بعد إعلان انتهاء الحرب رسمياً، ومن المؤكد أن ترامب لن يعارض هذه العمليات بشكل عام". وأشار إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في "اليوم التالي" لإعلان وقف الحرب، وهو ما يُعطل فعلياً انتهاء حرب غزة رسمياً. وختم: "ترامب يميل إلى الضغط على جميع الأطراف بدلاً من التوسط بينها أو التفاوض معها. قد يضع بعض الضغوط على نتنياهو، لكن الضغط الأكبر سيكون على المقاومة الفلسطينية والدول العربية".
المصدر: العربي الجديد