خبر ليقرأوا جابوتنسكي- هآرتس

الساعة 09:14 ص|05 يوليو 2009

بقلم: حاييم غناز

 (المضمون: الحق التاريخي لليهود في ارض اسرائيل لم يبرر في أية مرة السيادة على البلاد كلها واليمين مخطىء حتى في فهم افكار استاذه الروحي جابوتنسكي - المصدر).

اصرار الرئيس الامريكي براك اوباما على الايقاف التام للاستيطان، مبررا من وجهة نظر سياسته العالمية المتطلعة للتوصل الى نظام عالمي يتضمن قدرا أقل من العنف رغم خطورة هذا التطلع. ولكنه مبرر أيضا من وجهة نظر قلق اسرائيل على سلامتها ويهوديتها واخلاقياتها.

بالنسبة لسياسة اوباما العالمية – اشتكى موشيه آرنس هنا قبل عدة أيام من كيل اوباما بمكيالين بتعامله مع اسرائيل بالمقارنة مع "مفتعلي المشاكل في طهران ودمشق وبيونغ يانغ" ("لا للتنازل لاوباما" 30/6). آرنس يقول لنا ان اوباما "قد قرر التزلف والنفاق" معهم تحديدا واتاحة المجال لهم لأن يفعلوا "كل ما يجول بخاطرهم". أما بالنسبة لاسرائيل "حليفة الولايات المتحدة القديمة" فقد قرر استخدام قبضته القوية. وكأن بنيامين نتنياهو وكيم جونغ ايل هما قزمان في جيب اوباما يتوجب عليه ان يبت بأمرهما وفقا لمقياس "هذا ليس عدلا".

اليس واضحا ان على اوباما ان يسيطر اولا على خارقي النظام العالمي المحسوبين على معسكره وخصوصا اسرائيل من قبل ان يتوجه لاخضاع الاطراف الاخرى غير المحسوبة على حلفاء الولايات المتحدة مثل كوريا وايران وسوريا؟ هناك شيء ما محرج في ضرورة قول ذلك لمن كان ذات مرة وزيرا للدفاع في اسرائيل. ولكن آرنس ليس مخطئا فقط في انتقاده لسياسة اوباما العالمية. ولا يفهم ايضا بان سياسته صحيحة بالنسبة لاسرائيل نفسها. رئيس الولايات المتحدة وادارته يعتقدون ان المستوطنات ليست شرعية وهم محقون بذلك.

آرنس واليمين عموما يعتقدون بان المستوطنات شرعية لان حق التاريخ لليهود في ارض اسرائيل بحد ذاتها يرسخ حق السيادة على كل البلاد. ولكن حتى معلم اساتذة آرنس واتباع معسكر زئيف جابوتنسكي لم يكن يفكر مثلهم. "السؤال الاول هو" – كتب جابوتنسكي: "هل أنت بحاجة للارض؟ ان لم تكن بحاجة لها وان كان لديك ما لا يكفي فليس من الممكن حينئذ الاستعانة بالحقوق التاريخية" (جدعون شمعوني "الايديولوجيا الصهيونية" 1995 الصفحة 340). جابوتنسكي برر  ضرورة ضفتي الاردن من خلال شهادته امام لجنة بيل الرسمية، ليس من خلال التوجه للحق التاريخي، وانما من خلال الحاجة لانقاذ يهود اوروبا من سجنهم (وحسابات حول الاكتظاظ السكاني في الثلاثينيات مقارنة بعدد يهود اوروبا حينئذ).

اما الحق التاريخي لليهود في ارض اسرائيل فقد استخدمه لتبرير اختيار المكان الذي يقررون فيه مصيرهم. ولكن هذا الحق بحد ذاته لم يبرر في أية مرة ولا يبرر اليوم ايضا السيادة اليهودية على ارض اسرائيل كلها. الصهيونية قبلت هذه الحقيقة على نفسها في كل خطواتها التاريخية الهامة. كان لديها تبرير لتجسيد حق تقرير المصير بصورة سياسية بعد ان وصلت ملاحقة اليهود في اوروبا الى ذروتها في الاربعينيات. لا غرابة اذن ان محاولة اسرائيل في تحويل حقها التاريخي الى اساس لمطلب يتجاوز ذلك بعد اكثر من ستين عاما من انتهاء ملاحقة اليهود، ومن خلال التعرض والتنكيل المتزايد والمتواصل بالفلسطينيين – يعتبر في الواقع خطرا ليس فقط على السلام العالمي وانما على اخلاقية اسرائيل ذاتها.

ادعاءآرنس بان "من حق اليهود ان يعيشوا في يهودا والسامرة كمبدأ اساسي غير قابل للتفاوض" يقنع اليمين الاسرائيلي وحده، المخطىء كما أسلفنا في فهم أفكار الأب الروحي لهذا المعسكر ذاته. ولكن ذلك لا يقنع بقية الاسرائيليين ولا اوباما ولا بقية العالم. هذا الموقف بالنسبة لاسرائيل لا يشكل خطرا فقط على المستقبل وانما على الماضي ايضا.