بشكل مفاجئ، أقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، وزير الحرب يوآف غالانت وعين بدلاً منه "يسرائيل كاتس".
وشمل قرار نتنياهو تعيين رئيس حزب "اليمين الوطني" غدعون ساعر وزير للخارجية بدلا من كاتس.
وتأتي الإقالة في وقت تتكثف فيه الضغوط الأمنية والسياسية على نتنياهو، تحت وطأة تحقيقين تجريهما الأجهزة الأمنية مع موظفين في مكتبه إثر تسريب وثائق سرية وتزوير بروتوكولات خاصة بالمناقشات الأمنية.
ومنذ أشهر يرفض نتنياهو الاستجابة لدعوات المعارضة إلى رحيل حكومته وإجراء انتخابات مبكرة، على خلفية الإخفاقات العسكرية والمخابراتية منذ هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتشن "إسرائيل"، بدعم أمريكي، إبادة جماعية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت نحو 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وسعت "إسرائيل" نطاق الحرب لتشمل لبنان، كما تتبادل من حين إلى آخر ضربات جوية مع إيران وتشن غارات على اليمن وسوريا، وسط تحذيرات من اندلاع حرب إقليمية واسعة.
الوزير العدائي
وخلال الفترة القصيرة التي تولى فيها منصب وزير الخارجية (1 يناير/ كانون الثاني 2024- 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024)، عُرف كاتس بتصريحاته العدائية ضد الفلسطينيين بل وحتى ضد الأمم المتحدة.
وولد كاتس في عسقلان عام 1955 لأبوين مهاجرين من رومانيا، ويزعم أنهما من الناجين من "الهولوكوست".
ودرس في مدرسة "أور عتسيون" الدينية تحت قيادة الحاخام "حاييم دروكمان"، أحد الحاخامات البارزين في قيادة الحركة الصهيونية الدينية على مستوى العالم.
وحول آراءه السياسية، كان كاتس ولا يزال يتبنى سياسة متطرفة ضد الوجود العربي في فلسطين، ويدعم إنشاء المستوطنات ويعارض بشدة فكرة "حل الدولتين".
مناصب سابقة
والتحق كاتس بجيش الاحتلال عام 1973 وخدم ضابطا في كتيبة المظليين "890" برتبة نقيب، ثم خدم ضابط احتياط في حرب لبنان الأولى (يونيو/ حزيران 1982- سبتمبر/ أيلول 1982).
وشغل عام 1984، منصب نائب مدير مكتب شارون الذي كان يتولى آنذاك حقيبة وزارة الصناعة والتجارة، ويوصف بأنه كان تلميذا له.
وهو عضو في الكنيست (البرلمان) منذ عام 1998 نيابة عن حزب الليكود الحاكم حاليا.
وسبق أن شغل كاتس عددا من الحقائب الوزارية في حكومات نتنياهو السابقة من بينها الخارجية (2019–2020) والمالية (2020–2022) والمواصلات (2009–2019).
وفي حكومة نتنياهو الحالية تم تعيينه في يناير 2023، وزيرا للطاقة والبنية التحتية، وكان مسؤولا عن قطاع الطاقة والكهرباء والغاز والمياه، قبل نقله مطلع يناير 2024 ليشغل منصب وزير الخارجية.
ماض جنائي
في أواخر الثمانينيات، عندما كان لا يزال نائب مدير وزارة الصناعة والتجارة في عهد الوزير آنذاك أرييل شارون، حوكم كاتس بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة، بعدما تعرض لحادث أثناء تعليق رخصته.
وفي ذلك الوقت، حاول إقناع سائق في المكتب بالإدلاء بشهادته كما لو كان هو الذي يجلس خلف عجلة القيادة.
وبعد صفقة إقرار بالذنب، أدين كاتس، لكن تم حذف جريمة الاحتيال وخيانة الأمانة من سجله العدلي.
وعام 2009، قرر المستشار القضائي للحكومة آنذاك ماني مزوز، إغلاق ملف التحقيق ضد كاتس بسبب تعيينات سياسية بوزارة الزراعة عندما كان على رأسها (2003–2006) رغم توصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضده بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة.
إخلاء الضفة
وعُرف كاتس بنهجه المتشدد خلال عمله وزيرا للخارجية، وتبنى خطاباً متطرفاً بعيداً عن الدبلوماسية، معتمدا على التشهير والقدح في المسؤولين الدوليين.
ودعا كاتس في أغسطس/ آب 2024 إلى "إجلاء الفلسطينيين من مدن الضفة ومخيماتها، كما يتم إخلاء مخيمات قطاع غزة"، مبرراً ذلك بالقول إن "هذه حرب على كل شيء، وعلينا أن ننتصر فيها".
ووقتها قال كاتس: "علينا أن نأخذ مركزا إرهابيا مثل مخيم جنين للاجئين، ونخليه مؤقتا من سكانه إلى مكان منظم، ونعتني جيداً بإحباط البنية التحتية الإرهابية الموجودة في المخيم كما حدث في غزة".
تهجير أهالي غزة
وفي فبراير/ شباط 2024، اقترح كاتس إنشاء "جزيرة صناعية" قبالة سواحل غزة لنقل السكان الفلسطينيين إليها، وإحلال مستوطنين يهود بدلاً منهم.
وهي الفكرة التي طرحها خلال اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين، لكن الخارجية الإسرائيلية نفت ذلك لاحقا، وقالت "إن ما عرضه الوزير هو بناء ميناء لغزة على جزيرة صناعية".
سياسات التحريض
وقاد كاتس محاولة تجريم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومارس تحريضاً شديداً بحقها انتهى بقرار حظرها في "إسرائيل" والذي صوت عليه الكنيست الإسرائيلي قبل أيام.
ومطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أعلن كاتس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصية غير مرغوب فيها بـ "إسرائيل"، متهما إياه بـ "معاداة السامية"، بدعوى أنه لم يندد "بصورة واضحة" بالهجوم الصاروخي الإيراني على العمق الإسرائيلي.
ويجلس كاتس على كرسي وزارة الحرب، في وقت تتصاعد فيه المواجهات العسكرية بين طهران و "تل أبيب" وتوسع الإبادة في غزة ولبنان، وجاء تعيينه في خضم انشغال الولايات المتحدة الحليف الأبرز، بانتخابات الرئاسة وترقب الواصل الجديد للبيت الأبيض: دونالد ترامب أم كامالا هاريس.