خبر أخطر معلومات حول تغلغل الموساد الإسرائيلي في بلغاريا وشرق أوروبا

الساعة 03:40 م|04 يوليو 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

في مطلع شهر ايار/مايو الماضي حط الرحال في بلغاريا الرئيس السابق للموساد الجنرال داني ياطوم، الذي جرت في "عهده" محاولة اغتيال المناضل الفلسطيني خالد مشعل في الاردن، والذي اضطر لتقديم استقالته بسبب فشل محاولة الاغتيال والازمة التي نشبت حينذاك بين "اسرائيل" والاردن.

 

ومن المعلوم، لدى المتابعين، ان الجنرال ياطوم هو على علاقة وثيقة برجال المافيا، المليارديرية اليهود الروس، المرتبطين خصوصا بتجارة تهريب الماس وتجارة الاسلحة في افريقيا. وهذه العلاقة بالمافيا المالية "اليهودية ـ الروسية" هي "مسألة فيها نظر"، ويمكن النظر اليها من اكثر من "زاوية نظر" سياسية ومخابراتية، الان ومستقبلا.

 

وقيل يومها ان الجنرال داني ياطوم جاء الى بلغاريا بناء لدعوة خاصة من ياني يانيف، رئيس حزب "إر، زد، إس" (نظام، شرعية، عدالة). وقد نبت هذا الحزب منذ حوالى لسنتين بشكل مفاجئ، وبدون اي مقدمات، واخذ يتصدر واجهة الحياة السياسية بادعاء محاربة الفساد وملاحقة رجال السياسة والموظفين الكبار في الجمارك وغيرها من الادارات بتهم الفساد وجمع الثروات غير المشروعة، واخذ يقدم الملفات تلو الملفات الى المدعي العام الرئيسي حول الفساد والفاسدين. ويتساءل المراقبون: بصرف النظر عن صحة او لا صحة تلك الملفات، من اين يأتي هذا الحزب الناشئ بكل تلك الملفات، ومن هي الجهة التي تزوده بها؟ و... أليس الظهور العجائبي لهذا الحزب، وطرح تلك الملفات، هو محاولة من طرف خفي ما، ولكنه طرف قوي، للسيطرة الكاملة او شبه الكاملة على الحياة السياسية في البلاد؟

 

علما ان ياني يانيف، رئيس هذا الحزب، هو بالاساس سياسي مغمور لم يكن له "لا طعم ولا رائحة"، وكان عضوا في الحزب الشيوعي البلغاري السابق، الاشتراكي اللاحق (اي حزب رئيس الوزراء الحالي)، ثم انتقل الى حزب "أتاكا" المعارض، ثم تركه ليشكل حزبه الخاص، الذي اشرنا اليه. ولكن ابرز نقطة في السيرة الذاتية للرجل انه كان احد عناصر جهاز المخابرات البلغارية، التي كانت على اوثق علاقة بالمخابرات الروسية في العهد "الشيوعي!!"، والتي اصبحت تقف على "مفترق طرق" بعد ما يسمى "التحول الديمقراطي" في 1989، وخصوصا بعد انضمام بلغاريا الى الحلف الاطلسي، ما فتح "قناة جديدة" لعمل المخابرات الروسية.

 

وقد قام ياني يانيف مؤخرا، بدون اي مقدمات، بزيارة اسرائيل، ودعا (او أعلن انه دعا) الجنرال داني ياطوم للقدوم الى بلغاريا.

 

ومنذ وصوله اخذ الجنرال ياطوم يظهر بشكل شبه يومي في وسائل الاعلام البلغارية (تلفزيون، راديو، صحف) ويقدم المقابلات ويلقي المواعظ عن "الرسالة الحضارية" للموساد واسرائيل، وعن مكافحة الفساد والجريمة المنظمة وغسل الاموال القذرة ومنع تهريب السلاح وطبعا... مكافحة الارهاب.

 

وقال في احد تصاريحه ان الشعب البلغاري ينبغي ان يكافح الفساد، والا فإنه ... يخسر دولته. وقد قدم الجنرال نفسه بأنه صاحب شركة او مؤسسة استشارات، سياسية وقانونية وامنية، حول مكافحة الفساد والجريمة المنظمة.

 

وفي البدء اعتقد كثيرون ان الجنرال ياطوم انما يقوم بزيارة "صداقة" الى بلغاريا، وانه لا يلبث ان يعود الى اسرائيل (واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط).

ولكن يبدو انه لم تكن هذه حسابات الجنرال واسياده. ففي الاسبوع الحالي نشرت وسائل الاعلام البلغارية كلها تقريبا ان ياني يانيف، رئيس حزب "نظام، شرعية، عدالة" هو مهدد بالقتل، من قبل الاوليغارشيين الماليين الذين يقوم بفضحهم، وانه جرى احباط محاولة اغتياله بتفجير سيارته. وانه ـ اي ياني يانيف ـ قام بتكليف مؤسسة الجنرال داني ياطوم، الى جانب مؤسسة امنية بلغارية، بالاضطلاع بتأمين حمايته الشخصية وحماية شخصيات اخرى بارزة في حزبه.

 

وتعقيبا على ذلك عبر الجنرال داني ياطوم عن سروره بهذا التكليف، واكد انه سيستقدم اللوازم اللوجستية التي يقتضيها نظام الحماية ... من اسرائيل.

وقد تم توقيع اتفاق الحماية من قبل المجلس السياسي لحزب يانيف. وافادت المعلومات الصادرة عن الحزب ان اللوازم اللوجستية للحماية التي سيتم استيرادها من اسرائيل ستكون هدية بدون مقابل، بفضل "وساطة" الجنرال ياطوم.

 

نستنتج من ذلك:

1ـ ان الجنرال ياطوم لن يغادر بلغاريا، وأنه سيقيم فيها "غرفة عمليات" حقيقية، تحت ستار "حماية" ياني يانيف رئيس حزب "نظام، شرعية، عدالة" ورجاله.

 

2ـ وتحت ستار المغامر والدعي السياسي ياني يانيف وحزبه المفبرك، وبحجة مكافحة الفساد والرشوة والجريمة المنظمة، سيحضّر الجنرال الاسرائيلي ورجاله ملفات جميع السياسيين ورجال الدولة والقضاء والصحافة ورجال الاعمال البلغار والمقيمين في بلغاريا، وسيتم "شغل" هذه الملفات بالطريقة المخابراتية ـ الموسادية، بهدف التحكم بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية والاعلامية، وبالعلاقات الدولية لبلغاريا.

 

3ـ ليست اسرائيل جمعية للبر والاحسان، وهذه مسألة لا يختلف عليها اثنان. ولكن حتى لو كانت اسرائيل ـ جدلا ـ جمعية خيرية، فمن هو هذا الدعي ياني يانيف حتى تتبرع له اسرائيل باللوازم اللوجستية الضروروية لحمايته وحماية ازلامه الذين هم مجموعة من المرتزقة والمغامرين من امثاله. ان واقعة "التبرع" هذه تبين كذب الجنرال ياطوم وتفضحه، اذ تدل ان الجنرال ياطوم انما يقوم بمهمة اسرائيلية "رسمية" في بلغاريا، وان له حسابا "مفتوحا" لتنفيذ هذه المهمة.

 

4ـ قبل فترة كانت المخابرات الاميركية، السي آي ايه، تقيم مركز قيادتها الاقليمية في اوروبا الشرقية، في اليونان. وبعد "التحول الديمقراطي" في بلدان المنظومة السوفياتية السابقة، تم نقل مركز السي آي ايه الاقليمي لشرق اوروبا من اليونان الى بلغاريا. ولهذه الغاية تم بناء مقر جديد للسفارة الاميركية في بلغاريا، هو اشبه بمدينة صغيرة، يعمل فيها مئات بل الوف الموظفين. وحجم وعدد العاملين في السفارة الاميركية في بلغاريا الصغيرة هو اكبر من حجم وعدد العاملين في السفارة الاميركية في روسيا او الصين او اي بلد كبير آخر. وهذا يؤكد الاشاعات المتداولة غير الرسمية بأن صوفيا هي مركز المخابرات الاميركية في شرق اوروبا. والآن تأتي الخطوة الثانية، القائمة على التعاون الاستراتيجي الاميركي ـ الاسرائيلي، وهي خطوة اقامة مركز رئيسي للموساد في بلغاريا، تكون مهمته تغطية كل اوروبا الشرقية، بما في ذلك روسيا. وقد ارسلت اسرائيل لتنفيذ هذه المهمة احد افضل رجالها الجنرال داني ياطوم، الذي هو في الوقت نفسه على علاقة وثيقة قديمة بالاوليغارشيين اليهود الروس، الامر الذي يسهل تماما مهمته. وفي هذا السياق يمكن التخمين، ولو مجرد تخمين، ان كل حزب "نظام، شرعية، عدالة" برئاسة الدعي ياني يانيف ما هو سوى فبركة موسادية من الاول للآخر.

 

كيف يقدم ياني يانيف الجنرال ياطوم ويحدد مهماته؟

في مؤتمر صحفي له يقول ياني يانيف: "ان شخصية في حجم الجنرال داني ياطوم، الذي سبق له العمل في كل انحاء العالم، لديه الامكانية ان يختار هو بنفسه مهماته".

 

اي ان داني ياطوم وموساده هم طلقاء الايدي في العمل كما يشاؤون في بلغاريا، بغطاء سياسي وقانوني من حزب "شرعي" بلغاري هو حزب "نظام، شرعية، عدالة".

 

وكيف يحدد الجنرال داني ياطوم اطار مهماته؟

في الموقع الالكتروني البلغاري http://www.cross-bg.net، يذكر على لسان الجنرال في احد مقابلاته التلفزيونية ان "كل سياسي ترفع ضده دعوى قضائية، ينبغي ان يقدم استقالته، او ان يخرج في اجازة". اي انه يضع نصب عينيه "وضع اليد" على الحياة السياسية (وطبعا غير السياسية ايضا) البلغارية، لا اكثر ولا اقل!!!.

 

وهو يضيف: "في الوقت الراهن، حينما اصبح الارهاب مفهوما عالميا، وحينما تقوم ايران بالحصول على السلاح النووي، فإن الموساد يكتسب اهمية كبرى في التعاون الدولي"، وان وكالة المخابرات الاسرائيلية لها "تعاون مدهش" مع الولايات المتحدة الاميركية، انجلترا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، اليونان وبلغاريا، وان الارهاب يمثل تهديدا ثقيلا لسبب اضافي هو ان المنظمات الارهابية لا تمتلك بنية تحتية منظورة ولا قواعد كبيرة، ولهذا من الصعب جدا الحصول على المعلومات.

 

اي ان الجنرال ياطوم وموساده، وبغطاء حزب "نظام، شرعية، عدالة"، وتحت شعارات مزيفة مثل مكافحة الرشوة والفساد والجريمة المنظمة، سيبدأون، انطلاقا من بلغاريا، بنصب شباكهم لـ"صيد الساحرات" في كل اوروبا الشرقية، وهم يعتقدون انهم هنا هم في مأمن بحماية الحلف الاطلسي والقاعدة العسكرية الاميركية في مدينة بورغاس البلغارية، بعيدا عن خطر "العدو الدائم" روسيا.