قائمة الموقع

"إسرائيل" تتدحرج إلى مأزق تاريخي!

2024-10-15T09:37:00+03:00
إسرائيل في مأزق
فلسطين اليوم

تحوَّلت عملية استهداف القاعدة العسكرية التابعة للواء "غولاني" الإسرائيلي في مدينة "بنيامينا" على بعد 70 كلم من الحدود اللبنانية، في المنطقة الواقعة بين حيفا و "تل أبيب"، إلى محطة فارقة في سياق مواجهة الحرب الاسرائيلية على لبنان.

وهي تذكر في بعض أبعادها ومفاعيلها، بشعار "انظروا اليها تحترق" التي أطلقها السيد الشهيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، (ره) لدى إصابة سفينة "ساعر 5" خلال حرب العام 2006.

إذ من الواضح أن عملية استهداف قاعدة اللواء غولاني، لم تكن حدثاً عرضياً وانما جزء من نمط عملياتي متسق.

فليست المرة الأولى التي تستهدف فيها المقاومة هذا العمق الجغرافي بل استهدفت ما هو أبعد منه.

وليست المرة الاولى التي تستخدم فيها مسيرات ضمن هذا العمق وما بعده، والامر نفسه ينسحب على الاهداف العسكرية.

مع ذلك، فإن طبيعة الهدف العسكري وعلى هذا العمق ومزايا الاداة المستخدمة (مسيرة تستخدم للمرة الاولى) وسياقاته وما نتج عنها من نتائج دموية مؤلمة بحسب اقرار قادة الاحتلال.

وتفرض التوقف عند ما تميز به على مستوى النتائج ورسائلها الاستخبارية والعملياتية والسياسية والاستراتيجية.

في السياق العام أتت العملية رداً على تمادي الاحتلال في استهداف المدنيين في كافة الاراضي اللبنانية.

وجزء من استراتيجية حزب الله بجعل حيفا وغيرها بمثابة كريات شمونة والمطلة لجهة استهدافها عبر الصواريخ والمسيرات، وترجمة لاستراتيجية التصاعد في الردود على العدو بما ينسجم مع رؤية المقاومة وخطتها.

ومما دفع حزب الله الى اتخاذ قرار بهذه العملية في هذا التوقيت، ايضا، رهانات العدو بأن المقاومة الاسلامية لا تملك القدرة على تنفيذ ما توعدت به.

وهو ما عكسته بعض مواقف قادته اضافة الى عدوانه الاخير في مدينة بيروت وضاحيتها الجنوبية أيضا.

وقد أوهم هذا التقدير العدو بأن الاغتيالات والضربات التي تلقاها حزب الله، قد سلبته القدرات المطلوبة والادارة الحكيمة والحازمة، فكان القرار بضرورة جبي ثمن باهظ ومؤلم يُبدِّد هذه التصورات والرهانات.

فأظهرت المقاومة الاسلامية بعضا مما لديه باستهداف أحد معسكرات لواء النخبة "غولاني" في بنيامينا جنوب مدينة حيفا المحتلة، غير المعلوم للكثير من المستوطنين.

مع ذلك، فقد كشفت هذه العملية مستوى الاحاطة الاستخباراتية والمعلوماتية بخارطة انتشار قوات العدو الخاصة على الأراضي الفلسطينية، وحتى داخل المدن وفي مبان محددة.

وهو أمر يتطلب ما هو أبعد من جولات "الهدهد" المتتالية في أجواء فلسطين المحتلة، وانما يحتاج ايضاً إلى توفر تقنيات وأدوات لا تقل أهمية.

فتحديد المقر في بناية محددة داخل مدينة على بعد عشرات الكيلومترات في العمق الإسرائيلي.

وتحديد لحظة الذروة وساعة الحقيقة التي يجتمع فيها الجنود لاستهدافهم هو مؤشر كاشف عن أن حزب الله تجاوز استعادة المبادرة العسكرية الى ما هو أبعد من ذلك.

على المستوى العملياتي والعسكري، تقاطعت تقديرات العدو مع ما كشفه بيان غرفة عمليات المقاومة الاسلامية حول استخدام مسيرات للمرة الاولى.

يشي ذلك، بأن حزب الله أدخل في المعركة مستوى جديد من الادوات ونجح في مفاجأة العدو بذلك عبر اختراق نوعي لمنظومات الاعتراض الجوي.

بمعية تكتيك احترافي تمثل بأطلاق عشرات الصواريخ باتجاه أهداف متنوعة في مناطق نهاريا وعكا بهدف إشغال منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي.

وتمكنت المسيّرات النوعية، من اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها في المعسكر الهدف وانفجرت في الغرف التي يتواجد فيها العشرات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي.

وهو معطى اضافي كاشف عن احتفاظ حزب الله بقدراته الاستراتيجية التي يستخدمها وفق خطة مدروسة وهادفة في مقابل خطة العدو العملياتية والاستراتيجية والسياسية.

مع ذلك، تتنوع الرسائل التي تنطوي عليها هذه العملية ومعها ايضا العديد من الضربات السابقة واللاحقة وما يُتوقع أن تشهده الايام والاسابيع المقبلة.

فقد أظهرت العملية للعدو بأن حزب الله يملك القدرات التي تمكنه من استهداف العمق الاستراتيجي لكيان العدو وفي المكان والزمان والهدف الذي لا يخطر على بال أجهزته الاستخبارية والعسكرية.

وهو واقع يتجاوز تقديرات العدو ورهاناته التي افترض أنه يمكن له في ضوئها خوض معركة طويلة من أجل اخضاع حزب الله، لكن في هذه الحالة ستكون الأمور مختلفة جداً لدى جهات القرار لدى دراسة مستقبل خياراتها، بعدما يلمس حقيقة أن حزب الله لا يزال القدرات التي تسمح له بمواصلة استهداف العمق الاسرائيلي وصولا الى حيفا وتل ابيب وما بينهما.

عكست هذه العملية ايضا ارادة القرار لقيادة المقاومة بأنها مستعدة لمواصلة مسارها الارتقائي، وأن سياسة التهويل والاغتيالات والتدمير لن تردعها عن أي خيار ترى أنه من المجدي انتهاجه ويخدم استراتيجيتها في مواجهة الحرب الاسرائيلية واحباط أهدافها.

ومن الواضح أن ما تقدم على مستوى القدرة والارادة تمثل العوامل الأكثر تأثيراً على مؤسسة التقدير والقرار في كيان العدو، بعدما تتجاوز اختبار الواقع في الاستمرار والزخم.

وليس خافياً أن هذا الاتجاه في الضربات يؤسس ويعزز معادلات رد ستكون حاضرة ايضا لدى جهات القرار السياسي والامني.

كونها ذات صلة مباشرة بمعادلة الجدوى والكلفة التي في ضوئها يتم تقدير مآلات هذه الحرب وامكانية تحقيق الأهداف المؤملة منها، والأثمان التي يمكن أن تدفعها في هذا الاتجاه.

في الخلاصة، إن أي حرب مهما طالت أو قصرت ستقف في نهاية المطاف، لذلك ما هو أهم من مدتها هو نتائجها التي ستبقى تواكبنا لسنوات وعقود، ومن المرجح أن جزء كبيراً من خلفية الحديث عن الحرب الطويلة على لبنان هو جزء من الضغط النفسي على المقاومة وأهلها، خاصة وأن ذلك يعني أن حزب الله سيواصل استهداف المنطقة الممتدة من حيفا الى تل ابيب وهو أمر لم يسبق أن اختبرته طوال تاريخها.

لذلك فإن العوامل الضاغطة على عمق الكيان وعلى مؤسسة القرار في هذا الاتجاه لم يسبق ايضا أن تعرضت له...

كيف إذا ما واصل حزب الله ضغوطه العسكرية التصاعدية في الضغط على مراكز الثقل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضا.

عندها سيجد نتنياهو وحكومته أن "إسرائيل" تواجه واقعاً مغايراً لما راهن عليه وسيضعها أمام تحديات وتهديدات لم يسبق أن واجهتها طوال تاريخها.

المصدر: "شبكة الهدهد".

اخبار ذات صلة