خبر 18 مرضاً في الوجبة السريعة

الساعة 06:58 ص|03 يوليو 2009

  فلسطين اليوم-البيان الإماراتية

التنبيه والوقاية من الآثار المأساوية للوجبات الغذائية السريعة صعب وشاق، ورغم كثرة تحذير الدراسات الطبية من عواقب تناول تلك الوجبات وإمكانية إصابة الإنسان بـ 18 مرضاً جراء التهامها، إلا أن الإقبال عليها في تزايد مستمر، لدرجة القول بأن الأطباء ملوا من دق ناقوس الخطر لأن المستهلك لا يصغي لتلك التحذيرات كأن أصابعه في أذنه.

 

وأحدثت دراسات تناولت علاقة الوجبات الغذائية السريعة بسرطان القولون والثدي صدمة كبيرة في الأوساط العلمية والاجتماعية وفتحت الباب على مصراعيه لإجراء الكثير من الأبحاث المركزة والدراسات الجدية بهدف إحصاء الآثار السلبية لهذه العادة السيئة المستجدة في عصرنا الحاضر ومعاينتها ومواجهتها بسياسات وقائية وتوجيهية.

 

الدكتور حسن يوسف حطيط استشاري في أمراض الأنسجة والخلايا ورئيس شعبة في هيئة الصحة بدبي نبه بشدة لخطورة الاعتماد على الوجبات السريعة بسبب ما وصفة بالإيقاع السريع للحياة، لافتا إلى أن الوجبات السريعة تحتوي بالإضافة إلى الدهون والسكريات والأملاح الضارة، على نسب عالية من المواد الكيميائية المتداولة في الصناعات الغذائية كالمواد الحافظة والمواد الملّونة والمواد المحلّية، وغيرها من المواد التي ثبت أنها مرتبطة بشكل أو بآخر بالأورام السرطانية، كما تحتوي على نسب عالية من مادة «الأكريلامايد» المسرطنة التي تنشأ بسبب تعرض البطاطس «المقلية» للحرارة العالية.

 

وأضاف: تتنامى أنواع وأعداد «المآسي» التي تنجم عن اتخاذ «الوجبات الغذائية السريعة» نمطاً حياتياً ثابتاً وتتراوح ما بين الأعراض «المقبولة» نسبياً كأعراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض المستعصية كتصلب الشرايين والسرطان، وما برحت تنضم، من وقت لآخر، أنواع جديدة من الأضرار والمساوئ إلى جداول الأعراض والأمراض والآفات المرتبطة بالوجبات الغذائية السريعة حتى صارت جزءاً لا يتجزأ من منظومة المشاكل الطارئة والداهمة التي تواجه بأخطارها المحدقة السياسات والإستراتيجيات الصحية والاجتماعية.

 

وأشار إلى أن الأبحاث والدراسات تتركز حاليا، حول دور الوجبات الغذائية السريعة في ظهور السرطان المرتبط بسوء الغذاء والمتمثل بسرطان القولون وسرطان الثدي وسرطان البروستات، إذ ثبت أن أهم العوامل المساعدة على نشوء السرطان هو اعتماد أساليب غذائية خاطئة مرتكزة على نسب عالية من الدهون والسكريات والبروتينات ونسب منخفضة من الألياف والفيتامينات والمعادن المفيدة.

 

وقد اكتشفت بعض الدراسات الإحصائية المقارنة أن نسبة سرطان الثدي كانت منخفضة جدًا في النساء في بعض الدول الغربية خلال الحرب العالمية الثانية وذلك لاعتمادهن في طعامهن اليومي على كميات قليلة من الوجبات ذات السعرات الحرارية المنخفضة (كميات قليلة من اللحوم والسكريات) مع نسب عالية من الفيتامينات والمعادن الجيدة (زيت السمك وعصير البرتقال).

 

كما أثبتت بعض الدراسات الأخرى أن متابعة السير الذاتية لمريضات سرطان الثدي أظهرت وجود علاقة مباشرة ما بين نشوء السرطان وخلل ما في نمطهن الغذائي حيث كنّ مصابات بالسمنة أو معتمدات على وجبات غذائية غنية بالدهون وفقيرة بالألياف.

 

وهكذا بدأت في بعض الدول المتقدمة حملات إرشادية منظمة لتغيير السلوك الغذائي للبنات في المدارس عبر إضافة عصير الفاكهة الطبيعي والخضار والفاكهة المقطعة على وجباتهن المدرسية وتكثيف الجهود لزيادة وعيهن ومعرفتهن بأخطار الأنماط الغذائية السيئة.

 

 

وأوضح أن «الوجبات الغذائية السريعة»، دخلت بسرعة فائقة، لائحة آفات عصرنا الحديث، وانضمت إلى أخواتها وزميلاتها، في اللائحة المشؤومة الطويلة، من تدمير البيئة وإزالة الغابات والتلوث الصناعي والاحتباس الحراري إلى التدخين وإدمان الكحول والمخدرات، وفرضت نفسها على المجتمعات والدول وسيطرت على النفوس والإرادات، وتصدت لكل ما واجهها من اعتراضات وحملات مضادة، معتمدةً على قدراتها التسويقية والتنافسية والدعائية الضخمة ولم تفلح، إلى الآن، المحاولات التوجيهية والتربوية والصحية في كسر هيمنتها العالمية على النفوس والبطون!.

 

وقال «للأسف ما برح الإنسان المعاصر «يتذاكى» و«يبرع» في إيذاء نفسه ومحيطه وعالمه ويحاول بشتى الوسائل أن يسلك كل المسارب السريعة وكل المسالك القصيرة لأجل «التفنن» في تدمير بيئته وصحته ونظامه الحياتي»، كما راح يصول ويجول في نهضته الصناعية وثورته الالكترونية وعولمته الحضارية «متسلحاً» بإبداعاته النظرية والتطبيقية والتجريبية في الإسراف الاقتصادي والإفراط السلوكي والترف الاستهلاكي ومتذرعاً بوجوب التغيير والتحديث والتنويع في الأنماط والأعراف!

 

ولما لم يكتشف الإنسان الحديث، إلى الآن، مدى وهول الأخطار التي يجنيها على نفسه وأقرانه وذرّيته وما يسببه من أذى ودمار لحياته ومحيطه، بات من الصعب استدراك ما يُستشعر من كوارث قادمة ومنع استفحال ما وقع منها وصار من المحتّم، عاجلاً لا آجلاً، أن يُرفع الصوت عالياً وأن يُحسم الأمر سريعاً.