خبر الولايات المتحدة وإسرائيل: النظرية الشفهية.. إسرائيل اليوم

الساعة 02:03 م|02 يوليو 2009

بقلم: البروفيسور ابراهام بن - تسفي

تثير تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الاخيرة، التي تنكرت بها التفاهمات الشفهية بين الرئيس بوش ورئيس الحكومة شارون في أيار 2003 في قضية البناء في المستوطنات، الاستغراب.

ناقض توجهها شهادة نائب مستشار الأمن القومي في ادارة بوش، ايليوت ابرامز الذي صدق أخيرا وجود التفاهمات، وفحواها أن اسرائيل سمح لها بالبناء داخل الخطوط الهيكلية للمستوطنات القائمة، بشرط ألا يصحب ذلك مصادرة أراض فلسطينية ومنح المستوطنين حوافز اقتصادية.

إن محاولتها مضاءلة قيمة التفاهمات الشفهية ومعناها تناقض مناقضة تامة واحدا من الأسس التي يقوم عليها التراث الدبلوماسي للولايات المتحدة. إن نظرا في صفحات التاريخ الامريكي في القرن العشرين يشير الى أهمية الاتفاقات والتفاهمات الشفهية، وان لم تثبت قط أو تصب في بنى صورية مكتوبة.

إن قادة الولايات المتحدة فضلا عن ايمانهم بأنه من الحيوي ومن الممكن الحفاظ على شفرات صدق بين موجهي القوى العظمة في المحيط العالمي المعقد الغامض، كانوا عالمين أيضا بحقيقة أن من الممتنع اثبات كل جانب من جوانب السياسة الخارجية في وثيقة موقعة. ولذلك مالوا الى توكيد مكانة النظرية الشفهية كمفتاح لانشاء محيط يبني الثقة، ولا سيما في اوضاع تمنع فيها اعتبارات السلام السياسية او وجود التزامات دولية متناقضة ترجمة هذه النظرية الى لغة الاتفاقات المكتوبة.

على سبيل المثال اعتقد الرؤساء الديمقراطيون روزفلت وترومان وكيندي وكارتر أنه يفترض أن تنشأ بين الاعداء طرز سلوك "نزيهة"، تقوم على تفاهمات هادئة حول ما يحل وما لا يحل.

في الحقيقة أن الخطوط تم تجاوزها أكثر من مرة (كما في أزمة الصواريخ في كوبا أو الغزو السوفياتي لافغانستان) وولد ذلك أزمة بين القوى العظمى. لكن حقيقة أن التفاهمات غير المكتوبة حول الموضع الدقيق للخطوط الحمراء في ساحة العلاقات الخارجية قد أخل بها من آن لآخر لا تعني أنها فقدت مكانها ومكانتها.

فضلا عن ذلك ازدادت أهمية الاتفاقات الشفهية في أثناء التاريخ الامريكي على خلفية ميل رؤساء أمريكيين الراسخ الى النظر في ساحة السياسة الخارجية من خلال موشور شخصي ضيق. هذه الرؤية أفضت بهم الى أن يولوا حدوث الود بين الزعماء، والذي اعتبر ضمانا لوجود اتفاقات شفهية صيغة نتاج علاقات الثقة، أهمية.

بذل الرئيس روزفلت على سبيل المثال جهودا لانشاء ثقة شخصية في علاقته بستالين. كذلك وجه ترومان الذي ورثه نظام اعتقادات مشابه. فقد آمن الرئيس بأنه في بيئة مصابة بالفساد والعنف أيضا يمكن احترام الاتفاقات المحرزة بالمصافحة.

نقل هذا التوجه الى البيئة الخارجية، التي رأوا فيها ستالين مثلا سوفياتيا لسيد حزبي صارم عنيف، كان يفترض برغم عدوانه أن يظل مخلصا لكلمته. في هذه الحالة على الاقل خاب أمل ترومان (ولا سيما في السياق البولندي) من أن "العم جو" (كما سمى ستالين في بدء أيامه في البيت الابيض) يحترم روح التفاهمات التي أحرزت معه ومع سلفه، احتراما تاما.

لكن حتى وان لم تتحقق دائما توقعات وجود تفاهمات هادئة نبيلة، فلا ينبغي ان نضاءل أو نقلل من وزنها كأداة لمنح شبكة أمن مستقرة وحيوية في عالم اضطراب مليء بالتعقيد.

إن زعم كلينتون الذي يقول أيضا إنه إذا أحرزت تفاهمات شفهية بين ادارة بوش وحكومة شارون، فانها لا تلزم أوباما، هو زعم مشكل. ففي هذا الكلام تجاهل لمبدأ الوجود المتصل للمواثيق والاتفاقات والتفاهمات (المكتوبة او غير المكتوبة) التي يفترض ان تتجاوز مدة ولاية ادارة ما. تحفظ كارتر مثلا من اتفاق التفاهم الامريكي الاسرائيلي الذي أحرز بين سلفه فورد ورابين في 1975، وهو اتفاق كان يقول ان الولايات المتحدة تمتنع عن اجراء مفاوضة مع منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن تعترف بقرار مجلس الامن 242 وحق اسرائيل في الوجود. برغم ذلك لم يخطر في باله أن يتنكر تنكرا مباشرا لهذا الالتزام. يمكن أن نؤمل أن تستكمل وزيرة الخارجية في مسيرة اعدادها لمنصبها الفصول التاريخية التي يبدو أنها ظلت مجهولة لها في فترة وجودها الناجحة في مجلس الشيوخ.