خبر من في الفقاعة ومن في القفص -معاريف

الساعة 09:13 ص|02 يوليو 2009

بقلم: روبيك روزنتال

 (المضمون: يوجد في القدس كل شيء سوى التسامح وبرغم ذلك يحبها الاسرائيليون أكثر من تل أبيب - المصدر).

قبيل احتفالات الذكرى السنوية المئة لتل ابيب دفعت مرة بعد اخرى الى لقاءات في الراديو او امام جمهور مع مقدسيين عارفين، ينتمون الى النواة التي اخذت تقل من المقدسيين غير المتدينين وغير الحريدين، او العرب، او من مواليه "حفنة" بيتار القدس. انهم يحبون القدس ولا يريدون مغادرتها، وقد كان كلاهما يزعم برغم عدم التنسيق بينهما أن القدس مدينة تسامح.

لان كل حالم ذي هذيان يستطيع أن يجول فيها ولن يقفه أحد أو ينظر اليه في حين أن تل أبيب مكان بغير تسامح على نحو ظاهر: فمن لا يخضع نفسه للموضة أو لطراء السلوك في تل ابيب يدفع خارجا ويحتقر.

فوجئت جدا بالدعوى ولم أبادر الى الرد، لكنني نظرت هذا الاسبوع الى حاويات القمامة المشتعلة في الاحياء الحريدية وفكرت في نظرية التسامح المقدسي. ان ما نراه أحيانا هو الحقيقة. في القدس كل شيء: القداسة والتراث والمناظر الطبيعية المذهلة والاحياء الجميلة لكن لا تسامح فيها.

أصبحت عاصمة اسرائيل باجراء مأساوي مركز الصراعات الرئيسة للمجتمع الاسرائيلي، وفي الحالة الفضلى لا تنشىء هذه الصراعات اشتعالا، لكن من وجهة نظر تل أبيبية تبدو القدس دائما على شفا الهاوية.

انها موحدة لكن يرتفع بين العرب واليهود سور يتضاءل ويشحب الى جانبه الحاجز بين تل ابيب ويافا. ان ملعب تيدي والنواة الصلبة لبيتار القدس هما المكان الوحيد في البلاد الذي اصبحت فيه الصيحات العنصرية الموجهة الى العرب معيارا ومصدر اعتزاز. يرى الحريدون ان التسامح مع الحياة العلمانية ليس قيمة، لكنه في الاكثر طريقة للبقاء حتى حياز الغاية. ان حكا قليلا يبين أنه يوجد كل شيء بين الحريديين بعضهم وبعض سوى التسامح، وثم من يرون أحداث الشغب حول الموقف صراع قوة بين المعسكرات.

قد تكون تل ابيب فقاعة، لكنها بالقياس الى الفقاعة فيها الكثير من الهواء ولا توشك ان تتلاشى. يصعب أن نسمي مركز النشاط الثقافي والاعلام والاقتصادي لدولة اسرائيل "فقاعة". لكن اذا كانت تل ابيب فقاعة فان القدس تصبح أكثر فأكثر قفصا أخذ ينشأ فيه قدر ضغط الوجود الاسرائيلي، ولا تنفجر بفضل توازن رعب يحافظ عليها.

نموذجي هو الحريديون الكثيرون الذين يعيشون في تل ابيب ويحييون حياة حريدية كاملة باتصال لطيف يومي للمحيط العلماني، مع احترام متبادل وتفهم لاحتياجات الاخر.

أجري في مجلة "بانيم"، التي أحررها في المدة الاخيرة استطلاع لعلاقة الاسرائيليين بتل ابيب والقدس. كانت النتائج قاطعة لا لبس فيها: الاسرائيليون يحبون القدس أكثر كثيرا من تل ابيب، وفي ضمنهم أهل تل أبيب. تقول النتائج شيئا مهما. انها تبين الشوق الاسرائيلي الى القداسة والى نوع من الخلاص لا تقدمه تل أبيب اما القدس فتفعل. الأمر المأساوي هو أن هذا خلاص حرج في وضع القدس الحالي.