خبر مصدر سياسي: عباس تدخل لإحباط مؤتمر التضامن مع القدس في أثينا

الساعة 08:20 ص|02 يوليو 2009

فلسطين اليوم-وكالات

أكد مصدر سياسي يوناني، أنّ قيادة السلطة الفلسطينية، ممثلة برئيسها محمود عباس شخصياً، تدخلت لإحباط انعقاد مؤتمر تضامني كبير مع القدس، التأم في العاصمة اليونانية أثينا، ومارست اتصالات ضاغطة باتجاه تحجيم الحضور فيه، لكنّ المؤتمر التأم رغم ذلك بنجاح.

 

وكان المؤتمر قد أقيم مساء الاثنين الثاني والعشرين من حزيران (يونيو)، في أثينا، على هيئة ندوة دولية حملت عنوان "القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 ـ أوروبا من أجل القدس وغزة". ونظمت هذه الفعالية الكبرى كل من جمعية الصداقة اليونانية الفلسطينية، وتجمّع "أوروبيون لأجل القدس". وشارك في هذه الندوة الدولية، شخصيات بارزة من اليونان وأوروبا وفلسطين، ومن بينهم سياسيون وبرلمانيون ورجال دين ومفكرون ومثقفون وممثلو مؤسسات المجتمع المدني.

 

وبعد أيام من انعقاده؛ سرّبت مصادر في الحزب الإشتراكي اليوناني لموفد "قدس برس" الى أثينا، الذي تابع انعقاد مؤتمر "القدس عاصمة الثقافة الفلسطينية" الذي التأم في في قاعة المؤتمرات الكبرى بفندق كرنفال بأثينا، معلومات وصفتها بالمؤكدة، عن اتصالات قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بهدف "محاصرة وتقليص المشاركة في المؤتمر الى أبعد الحدود"، حسب المصدر.

 

وأضاف المصدر الذي عرّف عن نفسه باسم "يورغوس"، أن محمود عباس، أجرى اتصالاً شخصيا بجورج باباندريو، رئيس الحزب الاشتراكي اليوناني المعروف اختصاراً باسم "باسوك"، وهو كذلك الاشتراكية الدولية، وطلب منه  الضغط  على نواب الحزب الاشتراكي ومسؤوليه، ودفعهم الى عدم حضور مؤتمر القدس أو متابعته، بحيث يكون مستوى الحضور السياسي فيه منخفضاً بقدر الإمكان. كما أجرى عباس اتصالات بقيادات حزبية أخرى في اليونان للهدف نفسه، حسب تأكيدات المصدر.

 

ونتيجة لاتصالات الرئيس عباس، فقد اعتذر أبوستولوس كاكلامانيس، الرئيس السابق لمجلس النواب اليوناني والعضو البارز في حزب "الباسوك"، عن حضور المؤتمر، واكتفى بمخاطبة المؤتمر برسالة مقتضبة قرأها أحد المشاركين بالنيابة عنه. كما أحجم سياسيون يونانيون آخرون من الحزب نفسه عن المشاركة.

 

وقال المصدر إنّ "الحجج التي ساقها السيد عباس للضغط على السياسيين اليونانيين؛ كانت أن منظمي المؤتمر في غالبيتهم مقربون من حكومة إسماعيل هنية في غزة ولا يتفقون مع آراء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، في انتهاج النهج التفاوضي في التعامل مع إسرائيل"، وفق ما نقل.

 

وكانت اليونان قد شهدت في مطلع العام الجاري، موجة تفاعل واسعة للتنديد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتضامن مع فلسطين، انتظمت فيها جماهير غفيرة طالبت بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرّف.

 

لكنّ المصدر الحزبي اليوناني أكد بالمقابل لموفد "قدس برس"، أنّ محمود عباس "أبا مازن، أعرب عن تبرّمه من ازدياد نشاط الجماعات المنادية بحق العودة وفك الحصار عن غزة في اليونان"، مطالباً "أن يتم كل تحرّك يتعلق بالوضع  الفلسطيني عن طريق منظمة التحرير وسفرائها وممثلياتها في الخارج بشكل حصري".

 

وعلمت "قدس برس"، أنّ ضغوطاً موازية طاولت موظفي شركات فلسطينية تعمل في اليونان، بحيث طُلب من موظفيها الامتناع عن حضور المؤتمر "حرصاً على بقائهم في وظائفهم وأعمالهم".

 

وكان المؤتمر قد طالب في ختام أعماله، بالإنهاء الفوري لاحتلال القدس والأراضي الفلسطينية، وإلغاء كافة إجراءات الاحتلال الباطلة، مؤكدة أنّ التهديدات الإسرائيلية بحق القدس تقتضي "يقظة إنسانية عاجلة".

 

وتحدث في افتتاح الندوة الدولية، التي واكبتها "قدس برس"، كل من نادر العبادلة، رئيس جمعية الصداقة اليونانية ـ الفلسطينية، ويحيى عابد، منسق تجمّع "أوروبيون لأجل القدس"، وجورج أناستوبولس رئيس فرع اليونان بـ"الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة"، وغاب الرسميون الفلسطينيون عنها.

 

وألقى المحاضرون والمتحدثون في الندوة، كلمات شددوا فيها على تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وتحذيرهم من التصعيد الإسرائيلي في القدس، حيث استضافت الندوة العديد من الوجوه العامة، من بينهم الدكتور عبد الله الأشعل، أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، والدكتور حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تحدث برسالة متلفزة، وقسطنطينوس ديمتروس، الأمين العام لمنظمة "تضامن" التابعة للكنيسة اليونانية، وفيرناندو روسي، عضو مجلس الشيوخ الإيطالي ورئيس "قافلة الأمل" لكسر الحصار التي توجهت من أوروبا إلى قطاع غزة في شهر أيار (مايو) الماضي، علاوة على النائبين في البرلمان اليوناني صوفيا ساكورافا، وغيانيس هبانياس.

 

واحتفى المشاركون بمدينة القدس، عبر مقرّراتهم "عاصمة فلسطين وقلبها النابض، بإعلانها عاصمة للثقافة العربية، تقديراً لهويتها التاريخية الحضارية العربية الفلسطينية الموغلة في القدم عبر آلاف السنين، ومقدساتها ومعالمها وتراثها الثرّ". ودعت الندوة بهذه المناسبة إلى "إقامة فعاليات مكرّسة للقدس في العالم أجمع، وإبراز قضيتها العادلة في شتى المحافل".

 

وفي البيان الختامي الصادر عنها؛ طالبت الندوة الدولية بالإنهاء "الفوري لاحتلال القدس والأراضي الفلسطينية، وإلغاء كافة الخطوات والإجراءات التشريعية والتنفيذية والعملية التي تمسّ بوضعيتها الفلسطينية الشرعية، التي اتخذتها سلطات الاحتلال بحق القدس، باعتبارها خطوات وإجراءات باطلة وغير مشروعة".

 

وأكد المشاركون أنّ "التهديدات الإسرائيلية بحق القدس تقتضي يقظة إنسانية عاجلة، في ظلّ تصاعدها المطّرد، وتواصل العدوان على تاريخها بتغيير المعالم وتزوير هويتها، وممارسة سلطات الاحتلال الطرد والعزل بحق سكان القدس الشرعيين، وتطويق المدينة بأحزمة الاستيطان غير الشرعي والجدران والأسيجة العنصرية، بهدف فرض الأمر الواقع الاحتلالي بشكل صارخ".

 

وبالإضافة إلى فقراته المنوّعة؛ تضمّن هذا الانعقاد مداخلات لعدد من السياسيين وممثلي المجتمع المدني والشخصيات العامة، من بينهم غيانيس باناغوبولس، علاوة على مشاركة الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا في أعماله، ومركز العودة الفلسطيني بلندن، وحشد من مؤسسات العمل الأهلي الفلسطيني على امتداد القارة الأوروبية.

 

وتحدّث في الندوة الدولية أيضاً عدد من رؤساء البلديات اليونانية التي قامت في الآونة الأخيرة بعمليات توأمة مع بلديات فلسطينية في قطاع غزة، وبخاصة بلدية غزة، وبلدية خان يونس، وبلدية دير البلح.

 

وقد أعرب المشاركون في الفعالية، حسب البيان الختامي، عن "تضامنهم مع الشعب الفلسطيني بعامة، وفلسطينيي القدس بخاصة، لصمودهم المشرِّف في وجه حملات الاستهداف والتضييق الخانقة التي يسلِّطها عليهم الاحتلال الإسرائيلي". وأضاف المشاركون "أنّ صمود المقدسيين وثباتهم، جيلاً في إثر آخر، يمثل نموذجاً ساطعاً لكرامة الإنسان وكفاح الشعوب العادل من أجل حقوقها غير القابلة للتصرّف".

 

وفي ما يتعلّق ثمِّنت الندوة "التضامن الرائع الذي أبداه الشعب اليوناني ومجتمعه المدني والعديد من شخصياته العامة، مع الشعب الفلسطيني"، ورأت في ذلك "نموذجاً ريادياً ناصعاً يؤكد أنّ الشعوبَ الحرّةَ حيَّة، وأنّ الضمائرَ الإنسانية يَقِظَة، وأنّ القيم الأخلاقية نابِضة".