خبر مساجد بلاستيكية في غزة على انقاض التي دمرتها الحرب

الساعة 03:49 م|01 يوليو 2009

فلسطين اليوم-قسم المتابعة

في الطريق الى عزبة عبد ربه، تلك المنطقة الحدودية شرقي مخيم جباليا للاجئين، كاد مشهد الدمار واكوام الركام المنتشر على جانبي الطريق، يجعل من تلك المباني القليلة التي بقيت منتصبة، تبدو غريبة في ذلك المحيط المدمر، لكن المشهد الذي استوقفني-يقول المراسل الصحفي- مشهد دفيئة زراعية، بنيت من اقواس حديدية بطول خمسين مترا، وتم تغطيتها بالواح بلاستيكية واكياس من النايلون، وكتب على قطعة قماش بيضاء علقت على مدخلها ""مسجد صلاح الدين"".

 

البيت البلاستيكي هذا هو مسجد منطقة عزبة عبد ربه، فالاهالي هنا لم يجدوا حلا لمشكلة المسجد الذي دمرته صواريخ الطائرات الاسرائيلية، الا ان يحولوا احدى الدفيئات الزراعية في المنطقة الى مسجد، فالخيام التي حصلوا عليها من وكالات الاغاثة الدولية لا تكفي مساحاتها لاستيعاب المصلين، كما ان الصلاة في العراء في ظل اجواء ماطرة بعد الحرب كانت شبه مستحيلة، وكانت اجواء الدفيئة تبدو مواتية بعد ان تم فرش ارضيتها ببسط وسجاد رخيص.

 

لكن المشكلة هنا هي ان المسجد في ظل هذا الصيف اللاهب، وشمسه الحارقة، يجعل الوضع في داخل هذا المسجد البلاستيكي تبدو كفرن حقيقي،، ولكن ما البديل.

 

وتقول وزارة الاوقاف في حكومة غزة، أن الجيش الاسرائيلي دمر ستة واربعين مسجدا بشكل كلي، و116 مسجدا اخر بشكل جزئي، لكن المشكلة الان وبعد مرور ستة اشهر على تلك الحرب، هي في اعادة بناء تلك المساجد او ترميم بعضها، فالحصار المستمر على قطاع غزة، منذ اعدة اعوام والذي شددت اسرائيل من احكامه بعد خطف مسلحين فلسطينيين في صيف 2006، للجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، يحرم الفلسطينيين من فرص البناء والاعمار.

فاسرائيل تمنع ادخال مواد البناء من حديد واسمنت وزجاج واخشاب الى القطاع الذي يسكنه مليون ونصف المليون فلسطيني معظمهم من اللاجئين.

 

أسباب أمنية

وتقول اسرائيل انها لم تكن تستهدف المساجد لاسباب دينية بل لاسباب امنية، مبررة ذلك باختباء مسلحين من الفصائل فيها خلال الحرب، وتحويل بعضها الى مخازن للاسلحة، لكن محمد عبد ربه (33عاما)، وهو احد المصلين في مسجد صلاح الدين البلاستيكي، يقول: "ان هذه كذبة كبيرة فالاهالي هنا يعلمون ان المسجد لم يكن له ابواب ولا شبابيك لحظة قصفه لقد كان تحت الانشاء، بل ان الاهالي كانوا يعبرون من خلاله لاختصار الطريق بدلا من الوصول الى مفترق الطرق، لقد دمروه لانهم لا يردون لنا ان نصلي".

 

ويقول الشيخ سليمان صلاح، إمام مسجد الخلفاء الراشدين في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، والذي دمر جراء قصفه بالصواريخ خلال الحرب، ان المشكلة قد تطول، فحتى لو دخلت مواد البناء فبالتأكيد لن تكون الاولوية للمساجد>

 

وأضاف قائلا"هناك الاف المنازل المدمرة، والعائلات المشردة بما فيها عائلتي"، يقول الشيخ سليمان، "عدا عن اولئك الازواج الشابة، والذين تأجلت اعراسهم بسبب عدم توفر المأوى لهم، فهل يعقل ان تعمر المساجد وتترك المنازل مدمره؟!"، "سنؤدي صلواتنا في تلك المعرشات البلاستيكية حتى تفرج هذه الكربة ويرفع الحصار".

 

" .. كنت اتمنى ان اكون بداخله لحظة قصفه بالصواريخ وان اموت تحت سقفه على ان اراه على هذه الحال"، كانت هذه كلمات عارف ابو سيف، مؤذن مسجد الخلفاء الراشدين.

فللمسجد حكاية طويلة مع الرجل بدأت بجمع التبرعات لبنائه واخرى من اجل اعلاء مإذنته وكاد عملمهم ان يكتمل مطلع الشتاء الماضي، عندما وصلت مرحلة تشييده الى مستوى فرش الارضيات بالبسط والسجاد، لكن الحرب سبقت ذلك، وسوت صواريخ الطائرات الاسرائيلية ذلك المسجد بالارض، لتتهاوى معه احلام سكان تلك المنطقة بان يكون لهم مسجد كبير يتسع لهم.

ويقول طالب ابو شعر وزير الاوقاف في غزة، أن حكومته وجدت نفسها امام مهمة تبدو مستحيلة، فلجأت الى هذه الفكرة، بإنشاء معرشات بلاستيكية وخيم مغطاة بلفائف من النيالون، وشباك الصيد الثقيلة لتحويلها الى مصليات بالقرب او على انقاض المساجد التي دمرت، حل مؤقت لكنه قد يستمر حتى انتهاء الحصار او الى حين السماح بادخال مواد للبناء.

"نحن اطلقنا حملة عالمية لاعادة بناء المساجد المدمرة، ولقيت صدى مهما من قبل مؤسسات وشخصيات وجمعيات اسلامية وعالمية، لكن المشكلة تكمن في ترجمة ما رصد لهذه الحملة، من مساعدات واموال الى مواد تصلح للبناء، كيف ذلك والمعابر كلها مغلقة ولا نستطيع ان نجلب كيس اسمنت واحد" يتساءل ابو شعر.