خبر بيبي بحاجة لتسيبي .. هآرتس

الساعة 11:52 ص|01 يوليو 2009

بقلم: الوف بن

الجدل مع الولايات المتحدة حول تجميد المستوطنات هو جدل فارغ يهدف الى تحقيق غاية واحدة: ترسيخ مكانة ادارة اوباما كـ "وسيط نزيه" في نظر الفلسطينيين والدول العربية، خلافا لادارة بوش التي ينظر لها في رام الله والقاهرة والرياض كمؤتمرة بأمر اسرائيل. براك اوباما يريد أن يظهر أنه يخضع بنيامين نتنياهو. هذا ليس سيئا لنتنياهو بالضرورة: كل لحظة تمر في مداولات لا داعي لها حول مستقبل هياكل المباني والشقق الفارغة في المستوطنات، يؤجل الحواسم الصعبة التي ستمثل أمامه لاحقا ويترك ائتلافه في حالة عدم استقرار.

ذلك لانه حتى لو جمد البناء في المستوطنات بصورة دائمة وان لم يبنى حتى حاجز من الجبص او مأوى لكلب هناك، فان الواقع السياسي لن يتغير. السلام لن يأتي دفعة واحدة واسرائيل لن تتخلص من الاحتلال ومعارضيها في العالم سيواصلون اتهامها بالابرتهايد وقمع الفلسطينيين. هناك حلول للثمن الذي يمكن الحصول عليه مقابل عدم القيام بأي شيء.

المداولات الحقيقية ستبدأ في المرحلة القادمة، التي سيطرح فيها أوباما خطته للسلام في الشرق الاوسط – او عندما يفاجئه نتنياهو بمبادرة التفافية تخلص اسرائيل من التسوية القسرية. هكذا تصرف مناحيم بيغن في عملية السلام مع مصر واريئيل شارون في خطة فك الارتباط عن غزة. هما فضلا دفع ثمن أقل نقديا، ولكنهما تحكما من خلال ذلك بالتطورات السياسية ولم يطالبا بتقديم تنازلات أكبر.

نتنياهو فضل حتى الان الظهور بمظهر الخاضع لضغوط أوباما، وتنازل عن مبادىء الليكود لصالح العلاقات مع أمريكا. ان واصل خطه السلبي هذا فسيصطدم بمطلب الانسحاب من كل المناطق، هذا المطلب الذي سيكون من الصعب عليه مواجهته. استجابته لاوباما في قضية الدولة الفلسطينية أظهرت أن نتنياهو ليس اسحق شامير. هو لا يمتلك القوة النفسية المطلوبة للمواجهة العنيدة مع الامريكيين ولا الالتزام الايديولوجي بأرض اسرائيل الكاملة. حتى ان لم يكن مؤمنا بالسلام والتسوية مع العرب، فانه يرغب بان تكون اسرائيل مقبولة في الاسرة الدولية ويدرك اهمية العلاقات مع الولايات المتحدة. سواء كان ذلك شرا ام خيرا، فهو يقترب من الحسم على الطراز الذي أقدم عليه بيغن وشارون في حينهما. نتنياهو يعتقد ان من الافضل له ان يقترح اخلاء مستوطنات معزولة وان يعيد المستوطنين من الضفة الغربية من دون اجلاء الجيش الاسرائيلي، او اجراء مفاوضات حثيثة حول السلام مع سوريا (هذا ما جربه في عام 1998 حتى يبعد عنه الضغط الامريكي للقيام بانسحاب اضافي في الضفة)، وربما سيبتدع شيئا ما أصيلا ومثيرا لم يفكروا به من ذي قبل.

الامر المشترك بين كل هذه الافكار هو عدم امكانية تنفيذها مع ائتلاف نتنياهو الحالي. التقدم لتجاوز تفاهات تجميد المستوطنات نحو خطوة سياسية حقيقية، سيلزم نتنياهو بوضع تسيبي لفني الى جانبه. شاس واسرائيل بيتنا والبيت اليهودي لن يسمحوا بالتنازل عن مليمتر واحد. كاديما هو الاحتياطي الاستراتيجي لنتنياهو ومن دونه سيحكم عليه بالتجول كمجذوم في العالم وتلقي الضربات العلنية من أوباما والاوروبيين وانهاء ولاية رئاسية فاشلة أخرى من دون أن يترك من وراءه تقاليد تذكر.

هذا السبب من وراء وجوب حفاظ نتنياهو على كاديما قويا في الائتلاف. من دون هذا الحزب سيكون أداة طيعة في يد ليبرمان وايلي يشاي. وحده، وجود بديل سياسي للائتلاف القائم، هو الذي يتيح له مواصلة التقدم.

نتنياهو يتآمر على نفسه من خلال تحركاته لتفكيك حزب كاديما بواسطة "قانون موفاز": ان عزز الليكود بعدة اعضاء كنيست آخرين فسيشتري لنفسه المزيد من "المتمردين" الذين يتآمرون على كل مبادرة وخطوة سياسية. من سيعود من كاديما لليكود مضطر بابراز ولائه للقيم القديمة، هناك سيطرح مواقف يمينية. من الممكن تفهم الاغراء المتمثل بتحطيم الحزب الخصم ولكن ان انشق حزب كاديما فسيحبس نتنياهو نفسه في ائتلاف مع "شركائه الطبيعيين" من اليمين المتطرف ويتورط في مجابهة آخذة في الازدياد والتصاعد مع واشنطن.

على نتنياهو ان يحافظ على رصيده الاستراتيجي بدلا من البحث عن مكاسب تكتيكية. هو سقط من الحكم في ولايته السابقة لانه وجد نفسه مع اليمين المتطرف ولم يحرص على ايجاد ائتلاف بديل، الى ان هجره اليمين كرد فعل على اتفاق واي. خسارة ان هذا يتكرر معه الان بعد ان بذل كل هذه الجهود للعودة للحكم.