خبر يهودية عنصرية .. هآرتس

الساعة 11:51 ص|01 يوليو 2009

بقلم: أبيرما غولان

كان من الصعب طوال سنوات ابتلاع المقارنة التي عقدتها أطراف اسرائيلية في اليسار بين اسرائيل وجنوب افريقيا وأكثر من ذلك استخدام مصطلح "الابرتهايد" (اي التفرقة العنصرية) الذي يبدو حادا جدا بل وضارا، عندما يتعلق الامر بصراع مركب ومعقد. ولكن لم يعد من الممكن في السنوات الاخيرة دس الرأس في الرمل: اسرائيل تفقد بسرعة ما تبقى من صورتها الانسانية المصطنعة وتسد قلبها وضميرها ليس فقط بصدد الفلسطينيين في المناطق، وانما بصدد كل من هو غير يهودي بكل بساطة.

التجسيد الاكثر بروزا لهذه الظاهرة هو سياسة سلطة ادارة الاحوال المدنية الجديدة التي شكلها ويديرها يعقوب غانوت في وزارة الداخلية التي يترأسها وزير لا يدعي حتى انه يمثل قيما انسانية شمولية، وانما يرى نفسه حارس خاتمي اليهودية. يهودية من نوع محدد جدا، ارثوذوكسي – متطرف، انفصالي ومنغلق لا تمت بصلة مع أغلبية يهود العالم، الا ان حكومات اسرائيل انصاعت أمام وصاياها العشر.

الان يعد غانوت بأن تقوم سلطة الاحوال المدنية باعتقال وطرد عائلات مع اطفالها قريبا ويؤكد: "الاطفال لن يشكلوا درعا واقيا لاهاليهم" ("السلطة الجديدة للاحوال المدنية تبدأ بالعمل" نوريت وورغافت صحيفة هارتس 19/6) ، وهذا خلافا لقرارات وزراء الداخلية السابقين ابراهام بوراز واوفير بينيس اللذان تعهدا باعطاء حق المواطنة لعائلات ولد اطفالها وتربوا في اسرائيل ولا يمتلكون جنسية وهوية أخرى باستثناء الاسرائيلية (وعلى ذلك ليس لديهم في الواقع مكانا "يعودون" اليه وحكم عليه بمكانة المهاجر الابدية).

من الممكن الاعتماد على غانوت والوثوق بتنفيذه لكلماته. هو شخص موهوب ومواظب. ولكن ليس هو الذي يملي السياسة وانما هو يتحمس فقط لتنفيذها. العلاقة بين يهودية شاس وبين العمال الاجانب عميقة وأكثر أهمية من نوايا غانوت. ذلك لانه من الممكن الادعاء للوهلة الاولى كما تدعي الحكومة بان اسرائيل تطرد العمال الاجانب في طار كفاحها ضد البطالة، وحتى تتيح المجال للاسرائيليين لكسب رزقهم بكرامة. ان كان الامر كذلك فكيف تسمح الحكومة باستمرار استيراد أكثر من 20 الف عامل أجنبي للزراعة في السنة على مدار السنوات القريبة القادمة؟

يتعلق الامر بخطوة هزلية سخيفة ويبرهن الى أي حد تعتبر ذريعة البطالة ذرا للرماد في العيون. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعد وزير الزراعة شالوم سمحون منذ بدء المفاوضات الائتلافية بعدم تضرر اللوبي الزراعي ولذلك يتعلق الامر بلعبة ذات قواعد معروفة سلفا. القاعدة المركزية – الحكومة معنية بكتائب عمال أجانب يأتون ويعملون وينصرفون، ولكنها ستلاحق بعنف اولئك الذين يهددون مجموعات سكانية تمتلك مجموعات ضغط قوية. بعضهم سيطردون من المركز للضواحي واغلبيتهم سينقلون الى محابس ومن هناك الى الطائرات.

وهنا تأتي العلاقة مع شاس. الفلبينيات اللواتي يقمن بتحميم كهولنا والصينيون الذين يبنون أبراجنا الفاخرة واالتايلنديون الذين يزرعون خضرواتنا وأزهارنا الجاهزة للتصدير – كلهم "قوة عمل" جاءت بالاساس على حساب العرب من مواطني اسرائيل الذين لا يمتلكون مجموعة ضغط تتكلم باسمهم ولا يكترث احد لحالهم وللبطالة المتفشية في صفوفهم. في المقابل يأتي الافارقة والجنوب امريكيون والاوكرانيون وآخرون غيرهم من الذين يعملون في مجال النظافة والاعمال السوداء المنزلية الاخرى، على حساب مجموعة أخرى – الطبقة الدنيا اليهودية. هذه المجموعة تتضمن نساء فقيرات مفتقدات للتعليم والعمل الوحيد الذي يمكنهم ان يحصلن عليه يتمثل في مجال التنظيفات والاقتصاد المنزلي، ورجال فقراء غير متعلمين حصلوا على رزقهم من العمل في الدهان وأعمال الترميم الخفيفة وتنظيف الغرف والدرج في المباني وما الى ذلك. ارباب البيت الاسرائيليون يفضلون الاجانب الرخيصين والمنصاعين المستعدين لتنفيذ كل عمل من دون حقوق اجتماعية، اما العمال الاسرائيليون فيعتبرون "مدللين". صحيح ان هذه الفئة الاخيرة ضعيفة ولكن بما أنها تمثل جمهورا مستهدفا من حركة شاس فلديها من الناحية الفعلية لوبي قوي وهو يستخدم نقاء اليهودية حتى يبعد الاجانب وخصوصا ذوي العائلات من بينهم الذين يحلمون بالهجرة.

اسباب هذه السخافة اللامنطقية المتمثلة بملاحقة الاجانب من جهة واستجلاب الاجانب "القانونيين" من جهة اخرى هي اسباب اقتصادية، ولكنها مشوهة وزائفة والكذب الذي يغلفها يغطي نفسه بعباءة عنصرية عرقية مخجلة حتى بالطريقة المخزية التي تحاول اخفاءها. اسرائيل تتعامل مع الاجانب بقسوة مثل دول اخرى. وخلافا لاغلبية الدول هي ترتكز في قسوتها هذه على هويتها العرقية – الدينية.